من الأقصى وقبة الصخرة لعهد السيسي .. تاريخ الدعم المالي المصري لفلسطين ودور القاهرة في تعميرها
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تكلل تاريخ الدعم المالي المصري لفلسطين بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي عن تقديم مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الاعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الاعمار.
نظرة سريعة تاريخ الدعم المالي المصري لفلسطين خلال العصر الحديث
دعمت مصر القضية الفلسطينية سياسيًا وعسكريًا وتعليميًا، لكن الجانب المالي لم يهتم به الكثير، خاصةً أن الدعم المالي المصري لفلسطين لم يتوقف منذ وقوعها في براثن احتلال الصهاينة، لكن يمثل قرار الرئيس السيسي الأول من نوعه من حيث قيمة المبلغ إلى جانب الأهمية السياسية والاقتصادية والأمنية للمشروع.
اقرأ أيضًا
صور وفيديوهات .. رحلة المصابين الفلسطينيين في مصر من معبر رفح إلى المستشفى
فأول مرة بدأ فيه الدعم المالي المصري لفلسطين سنة 1949 حين شاركت مصر بـ 100 ألف جنيه استرليني في صندوق إغاثة فلسطين الذي أسسته الأمم المتحدة بعد النكبة، كذلك فخلال الفترة من 2001 وحتى 2007 أنفقت مصر 48 مليون دولار لدعم السلطة الفلسطينية، إلى جانب 40 مليون دولار كمساعدات إنسانية.
اقرأ أيضًا
تايم لاين منذ بدء الأحداث .. الجهود المصرية لحل أزمة المسجد الأقصى والعدوان على غزة
ولمصر زمام المبادرة في مشروع صندوق إعمار غزة، ففي يناير 2009 استعرض الرئيس مبارك مع وزير الخارجية الإيطالية فرانكو فراتيني إحياء عملية السلام والإسراع في إعمار غزة وتوفير ممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلي غزة، والجهد الإيطالي لرفع المعاناة عن الفلسطينيين في قطاع غزة.
تاريخ الدعم المالي المصري لفلسطين وجوانب لم تُحْكَى
لم ينحصر الدعم المصري لفلسطين عند حد المال بل وصل إلى الإعمار والمشاركة في البناء، هناك العديد من المباني أنشئت بأيدي وأموال مصرية تدل على مدى تمازج الدولتين المصرية والفلسطينية.
بصمات إسلامية مصرية في القدس
يمكن تقسيم المنشآت الموجودة في القدس ولها صلة بمصر إلى نوعين (إسلامي/مسيحي) وقد خصص الصحفي أشرف أبو الهول تفاصيل الآثار المصرية الموجودة في القدس على مدار العصور.
لمصر بصمة في تاريخ بناء قبة الصخرة التي تم بناءها سنة 685 في زمن عبدالملك بن مروان، إذ تم تشييد القبة بأموالٍ مصرية، حيث تم الصرف على البناء بخراج مصر “ضرائب المصريين” لمدة سبع سنوات كاملة حتى انتهاء بنائه عام691م.
تأتي قبة موسى ضمن الآثار المصرية الموجودة في القدس وقد قام ببنائها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 647هـ-1249م لتصبح مكانًا يتعبد فيه الزهاد، قيل إنها سميت بذلك تيمّناً بنبي الله موسى (عليه الصلاة والسّلام)، كما سميت سابقا قبة الشجرة، نسبة إلى شجرة نخل ضخمة كانت بجوارها،وأيضا سميت بالقبة الواسعة.
تستخدم القبة اليوم دارًا لتحفيظ القران الكريم، حيث تمّ فتح أوّل دار للقرآن الكريم في فلسطين فيها، وما زالت تخرج الأفواج من الطلبة الذين يتعلّمون أحكام التجويد فيها.
توجد أيضًا القبة النحوية وهي إحدى قباب المسجد الأقصى وتقع القبة في الطرف الجنوب الغربي لساحة قبة الصخرة، ويعود تاريخ تشييدها إلى العهد الأيوبي في عهد السلطان الملك شرف الدين أبو المنصور عيسي الأيوبي سنة 604هـ بنية خصيصا لتكون مقرا لتعليم علوم اللغة العربية داخل المسجد الأقصى المبارك.
كذلك توجد مئذنة باب السلسلة والتي تسمى أيضًا بمنارة المحكمة، وتعد من أهم المآذن حيث كان يتم رفع الأذان من هذه المئذنة أولا، كإشارة لمؤذني المساجد الأخرى في جميع أنحاء القدس على أن تحذو حذوها، وتعتبر المئذنة الثالثة التي بنيت في المسجد وكان ذلك عام 1329م بأوامر من الأمير سيف الدين تنكز الناصري المملوكي في عهد السلطان الناصر بن قلاوون، ووجد ذلك منقوشا على قاعدة المئذنة «بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذه المنارة المباركة في أيام مولانا السلطان الملك الناصر/ … في سنة ثلاثين وسبعمائة .»
كما تم بناء مئذنة باب الغوانمة “منارة قلاوون” وتقع هذه المئذنة في الركن الشمالي الغربي للحرم الشريف بجانب باب الغوانمة، بنيت في عهد السلطان حسام الدين لاجين 696هـ ـ 1297م، على يد القاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب وسميت منارة قلاوون لتجديدها في عهد السلطان محمد بن قلاوون.
كذل توجد مئذنة باب الأسباط والتي تعد من أجمل وأفخم المآذن، وما يميزها أنها المئذنة الوحيدة الموجودة في الجهة الشمالية للمسجد الأقصى بين باب الأسباط وباب حطة، أنشأت في عهد السلطان المملوكي الأشرف شعبان بن السلطان حسن، في عام 769هـ ـ 1367م.
إلى جانب القباب والمآذن هناك أيضًا العديد من الأسبلة ومنها سبيل الكأس والتي تنسب الكثير من كتب معالم الأقصى بناء هذا السبيل لعهد السلطان الأيوبي سيف الدين أبو بكر أيوب عام589هـ، وجدد زمن الأمير المملوكي تنكز الناصري.
كذلك سبيل البصيري وسمي بهذا الإسم نسبة إلى علاء الدين البصيري الذي أنشأه، يقع شمال شرق باب الناظر, جدد في عهد السلطان الأشرف برسباي عام839 هجري.
الأملاك القبطية بالقدس
لم يتأثر الوجود القبطي في بيت المقدس بدخول الإسلام للقدس خاصة بسبب الوثيقة العمرية التي كفلت تأمين كافة المنشآت المسيحية بصرف النظر عن طوائفها.
لم تقصر الكنيسة المصرية في إنشاء مدارس تعليمية بالقدس لأبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1947م في عهد الأنبا ياكوبوس ( 1946م- 1956م ) ، مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدنى، والتي عمل بها خيرة الأساتذة المصريين إلى الآن.
إلى جانب المدارس يأتي دير السلطان ضمن المنشآت القبطية في القدس، وموقعه فيها داخل أسوار البلدة القديمة بجانب كنيسة القديسة هيلانة في حارة النصارى وكنيسة الملاك وبجانبه ممر من كنيسة هيلانة يؤدي إلى سور كنيسة القيامة.
الدير أثرى ملك الأقباط الأرثوذكس تم الاستيلاء عليه من الصليبيين إلى أن قام السلطان صلاح الدين باسترداده وإرجاعه لهم ومن هنا اكتسب اسمه “دير السلطان”، وللدير أهمية كبيرة عند الأقباط الأرثوذكس كون أنه يمثل طريقهم المباشر المؤدي من دير مار أنطونيوس حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة.
بصمة المصريين في الدير كانت عند بناء كنيسة القيامة عقب اكتشاف الصليب المقدس، حيث استعانت الأمبراطورة هيلانة بالبنائيين المصريين وذلك لشهرتهم في فنون العمارة وقامت بإعطاءهم بئرا على سبيل الهبة سمي بئر الملكة هيلانة وهو المكان الموجود به حاليا كنيسة القديسة هيلانة باسمها تكريما لها.
يذكر القمص ميصائيل الأورشاليمي راعي كنيسة القديسة هيلانة حيث أن ومن مياه البئر التي أمرت بحفرها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور أوجستين الروماني تم بناء كنيسة القيامة في المكان الذي يعتقد أن المسيح عليه السلام دفن فيه ومنه قام مرة أخرى.
وإلى يسار كنيسة القديسة هيلانة بالقيامة يوجد دير القديس مار أنطونيوس وقد تم ترميمه وتجديده عام 1912 وتم اتخاذه مقرًا رسميًا للبطريركية وفيه يقيم البطريرك أبراهام بطريرك الكنيسة القبطية في فلسطين وفيه أيضا تجري سيامة القساوسة وإلى جانبه توجد الكلية الأنطونية وهي مدرسة ثانوية قبطية يتم الدراسة فيها وفق المناهج المصرية الموجودة في الكلية الإكليركية.
يوجد أيضًا دير العذراء مريم ويقع فى شارع مغارة الحليب بالقرب من كنيسة المهد حيث ميلاد السيد المسيح، ويحتوى الديرعلى أثر لنفق (ممر) يصل بين مغارة الدير ومغارة الميلاد بكنيسة المهد، وفية مذبح بإسم السيدة العذراء مريم داخل المغارة حيث مرت بها العائلة المقدسة أثناء إقامتها ببيت لحم، وفى الدير مكتبة للهدايا التذكارية والملابس الخاصة بالخدمة. ويجرى حالياً تجهيز مغارة كبيرة من العصر الكنعانى فى حديقة قريبة تابعة للدير، لتكون كنيسة لإستيعاب عدد اكبر من المصلين والرحلات.
كذلك للكنيسة القبطية مكان آخر وهو دير مارجرجس للراهبات يقع هذا الدير بالقرب من باب الخليل بالقدس القديمة ، والراجح أن إنشاء هذا الدير يرجع إلى القرن السابع عشر ، على أنـه مـن المـؤكد أنـه في سنة 1720م كان في نفس المكان الذي به الآن.
يمتلك الأقباط أيضًا خانًا باسمهم وقد بني سنة 1837 م وذكر موقع الكرسي الأورشليمي أن الأقباط حصلوا على إذن بالتعمير والبناء وأنفقوا في ذلك مالاً كثيراً، فقد إشتروا من أسرة العلمي مكاناً خرباً في مواجهة دير القديسة ميلانيا ( هذا الدير يتبع الروم الأرثوذكس ) ، كان فيما سبق معصرة سمسم ، وكان حول هذه المعصرة حديقة بها أشجار زيتون وأشجار أخرى في مكان جميل جداً في مكان جميل جداً بالقرب من البركة التي كانت في وقت ما دير القديس يوحنا ، وقد أشترى الأقباط هذا المكان الجميل بمبلغ 8000 قرش ، وقطعوا ما به من أشجار وأزالوا المعصرة ، وبنوا خاناً للحجاج الذين يفدون من مصر في كل سنة ، و قد كلفهم بناؤه الذي استغرق مدة علم فقط 500 ألف قرش بخلاف ثمن الطعام، لأن غالبية العمال كانوا أقباطاً يشتغلون بدافع من غيرتهم الدينية.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال