791 مشاهدة
نساء في زمن الرسول (4).. أم حرام بنت ملحان شهيدة البحر
نكمل سلسلة ” نساء في زمن رسول الله” مع أم حرام بنت ملحان؛ المرأة التي استُشهدت ليس في معركة أو قتال، و إنما استشهدت و هي تقوم بدور لا طالما آمنت به و هو الدعوة و نشر الإسلام خارج شبه الجزيرة العربية .
من هي أم حرام
أم حرام بنت ملحان أخت السيدة سُليمة بنت ملحان و خالة سيدنا أنس بن مالك و زوجة سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنهم أجمعين.
زار رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بيت سيدنا عبادة و أم حرام فاستقبلته و أطعمته ثم قال رسول الله عندهم أي ـ نام عندهم وقت الظهيرةـ و عندما استيقظ استيقظ و هو يتبسم فقالت له:” ما يضحكك يارسول الله “، فقال رسول الله ” ناس من أُمتي عُرضوا عليا غُزاة يركبون سبج هذا البحر مثل الملوك على الأسِرة، فقالت أم حرام :” يارسول الله ادعوا الله أن يجعلني منهم فقال لها أنتي من الأولين” .
و تمُر الأيام و يموت رسول الله(ص) و يتولى من بعده خليفته أبو بكر ثم يتولى من بعده خليفته عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين، و ينوي الخليفة عمر أن يرسل إلى تلك البلاد أي ـ بلاد ما وراء البحر ـ جيشًا فاتحًا داعيًا إلى الإسلام.
و لأنه لم يركب البحر من قبل خشي المخاطر على المسلمين و أرسل إلى سيدنا عمرو بن العاص يطلب منه أن يصف له البحر فأرسل له سيدنا عمر قائلا:” إنّي – يا أمير المؤمنين- رأيت البحر خلقًا كبيرًا يركبه خلق صغير، ليس إلّا السماء و الماء، إن ركد أقلق القلوب، و إن تحرّك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلة، و الشك كثرة الداخل إليه مفقود، و الخارج منه مولود، و راكبه فيما بينهما دود على عود، إن مال غرق و إن نجا فرق”، فخسي سيدنا عمر على المسلمين و قال:” و الذي بعث محمد بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدًا .
الرحلة المعودة
و جاء عهد معاوية بن أبي سفيان، و جاءت تلك الرحلة الموعودة و خرج جيش المسلمين يشقوا البحر إلى تلك الجزيرة التي تسمى اليوم جزيرة قبرص، و مكث فيها المسلمون فترة يدعون أهلها إلى الإسلام ، و قد سُرّت أم حرام بوجودها بينهم، وكانت تقول:” لك الحمد يارب إن بلغتني دعوة نبيك و شرفتني بتبليغ دينك”، و تكمل دعائها ” اللهم إني أسالك الشهادة و ثواب الشهداء”.
استشهاد أم حرام
وفي يوم كانت أم حرام تركب داباتها فتوقفت دابتها فجأءة و رفعت قوائمها الأمامية و سقطت أم حرام عن ظهرها فأصيب رأسها وسال منها دم غزير.
هرع زوجها سيدنا عبادة بن الصامت لإنقاذها فما أدركها و كأنها فقدت و عيها، وكانت تردد بصوت ضعيف” أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسولا لله، فتوقف الجيش عن المسير حتى غُسّلت أم حرام و كُفّنت و شُيعت إلى قبرها .
وسؤالي هنا هل يشترط أن يقاتل الإنسان و يموت في معركة حتى نسميه شهيدا؟!.
أبدًا ورب الكعبة ، فقال رسول الله (ص) :” من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله الشهادة، و إن مات على فراشه “.
وقال أيضا في صحيح مسلم:” من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، و من مات في سبيل الله فهو شهيد، و من مات في الطاعون فهو شهيد، و من مات في البطن فهو شهيد و الغريق شهيد “صدق رسول الله(ص).
قبر أم حرام
اندثر أسر القبر لفترة من الزمن ثم أُعيد اكتشافه عام 1780م ، و بنى عليه الأتراك مسجدًا خلال فترة و جودهم هناك ، يعرف المسجد اليوم باسم مسجد” لارنكا الكبير ” أو كما يسمونه تكية هالة سلطان و أهل المدينة” قبرص” يسمونه قبر المرأة الصالحة .
ظل هذا المسجد فترة طويلة خاليًا هاويًا بعد خروج الأتراك من قبرص ثم أعيد فتحه بعد وصول بعض المهاجرين من أهل العراق وفلسطين، وبات يستقبل عددا جديدا من أهل المدينة بين حين وحين لأداء الصلوات.
ليذكر من يزور قبرص اليوم قوم مؤمنين ركبوا البحر وخاضوا مخاطره حاملين إلى تلك الأرض دعوة الله ورسوله ونذكر نحن أن من صدق الدعوة مع الله بلغه الله الدعوة ولو بعد حين رضي الله عن أم حرام وأرضاها ، ولنا لقاء مع صحابية أخرى في ” نساء في زمن الرسول” .
الكاتب
ما هو انطباعك؟
