الثوابت الوهمية.. (الجزء التالت: تحريم الرق) 02 – تحريم أم تحجيم؟
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
إحنا بـ”نوعاني” من التمسك الشديد بانطباعاتنا وتخيلاتنا بوصفها حقايق مطلقة، عندنا قدرة تدُك جبال على مواجهة المعلومات بأنطباعاتنا الشخصية، فكل مؤمن (بأي دين) هو بداهة شايف إنه يشمل كل الكُليات الجميلة (الحق، الخير، الجمال، العدل، الرحمة.. إلخ).
فأي حاجة حلوة في نظره.. قطعًا مصدرها دينه، وأي حاجة وحشة في نظره.. يستحيل تكون منه.
أوضاع الرقيق في الشريعة
هل الإسلام حسن من أحوال وأوضاع الرقيق؟
الإجابة وبمنتهى الوضوح: أه.. الإسلام عمل ده.
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36 / النساء)
طب هل الإسلام حرض أتباعه على عتق العبيد؟
الإجابة بشكل أوضح: أه طبعًا.
مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92 / النساء)
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3 / المجادلة)
وآيات تاني كتيرة منها العمومي زي الآية التانية أو المخصص بالرقيق المؤمن زي التانية.
هل الإسلام حرم الرق
التشريعات الإسلامية تستخلص (بشكل مباشر أو غير مباشر) من عدة مصادر عتيقة.. أهمها:
- نصوص قرآنية.
- أفعال منسوبة للنبي (سُنة فعلية).
- أقوال منسوبة للنبي (سُنة قولية).
- روايات منسوبة للصحابة.
- فتاوى وتفاسير كبار الفقهاء (واللي بتكون غالبا معتمدة على المصادر سابقة الذكر).
فخلونا ندور في كل مصدر من المصادر دي عن أي نص أو رواية أو فتوى بتتكلم عن “تحريم الرق”، لأن زي ما وضحت الحلقة اللي فاتت القاعدة الفقهية بتقول: الأصل في الأشياء الإباحة.
الأصل في الأشياء
بلاش أختراع تهم والرد عليها:
خلينا نتفق من البداية على حاجتين:
- الإسلام لم يخترع الرق أو الزنا أو السرقة أو الخمرة.
- ماحدش على وجه الكوكب أتهم الإسلام بالموضوع ده.
كل الكلام عن تحريم الإسلام لكل المذكور أعلاه بشكل قاطع.. عدا الرق:
الزنا مثلًا تم تحريمها بشكل قطعيًا في أكتر من 5 مواضع.. منهم:
- وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32 / الإسراء)
- وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (68-69 / الفرقان)
- الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2 – النور).
السرقة بنص واحد تم تحريمها قطعيا مع وضح حد:
- السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38/المائدة)
أما الخمرة، ودي مهمة عشان فيه أقاويل كتير بتشبه تحريمها بإدعاء تحريم الرق، تم ذكرها في 3 مواضع:
- يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219 / البقرة)
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43 / النساء)
- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (90-91 / المائدة)
تحريم التصاعدي ولا تحريم نوعي:
المؤمنين بموضوع الناسخ والمنسوخ بيشوفوا أن ده تحريم تدريجي.. والناس اللي مش مؤمنة بالنسخ بتقول أن دول 3 أحكام مختلفة. بعيد عن الجدلية بين الفريقين الموضحة في مقال سابق.. خلونا نتفق أن فيه تحريم تصاعدي، وتعالوا نطبقه على الرق.. ونشوف ذكر الرق في القرآن:
- وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280 / البقرة)
الآية دي حرمت استرقاق الدين، العرب قبل الإسلام كان المديون لو ماسدش المديونية في الميعاد يحق لصاحب الدين ياخد المديون مملوك له. كمان حرم الإسلام استرقاق المجرمين.. ده بإنه وضع حدود لكل جريمة، وممكن يقدم لنا المشايخ أنواع تانية من الأسترقاق حرمها الإسلام، لأن الإسلام فعلًا حرم بعض أشكال الاسترقاق.. زي ما عمل مع النكاح. (سبق شرحت أن الإسلام حرم أغلب أشكال النكاح عند العرب وأقر فقط نكاح البعولة).
فبالشكل ده نبقى قصاد تحريم نوعي زي النكاح ولا تصاعدي زي الخمر؟
تكمن مشكلة تفهيم المسلم أن دينه ماحرمش الرق إنما حطله قواعد تنظيمية، يعني أعترف بشرعيته. مصدر الصعوبة أن الفرد المسلم غالبًا شخص طيب وابن زمنه فثقافته وتركيبته الإنسانية متفقة مع سخافة فكرة الرق ولا إنسانيتها.. بالتالي يستحيل تكون حلال، خصوصًا أن حدود معرفته الدينية بتوفر له أقاويل غير دقيقة عن تحريم الإسلام للرق.
تويتة شيخ الطيب
فتعالوا واحدة واحدة نفكك الكلام ونوضحه بأمثلة ونماذج من الكتاب والسنة والتاريخ الإسلامي.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال