مفارقات العصر الحديث.. نعيش تواصل اجتماعي يفتقد أبسط قواعد التواصل
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لكل زمان وعصر ميزات خاصة، وتتغير وسائل التواصل باختلاف الأزمنة، وفي وقتنا الحالي، نعيش أقوى عصور التواصل الاجتماعي من حيث المواد المتوفرة السهلة، والوسائل البسيطة التي قربت المسافات، ورغم ذلك فنحن نعيش في أكثر فترة لا يوجد فيها تواصل اجتماعي، فلماذا ابتعدنا رغم توفر الوسائل المساعدة؟.
كيف تواصل البشر قديمًا؟
بدء التواصل بين البشر قديمًا بطرق بدائية للغابة، حيث كانوا يستخدموا رُسل تتنقل بين البلاد والجبال والبحار لنقل الرسائل، وكانت تلك وسيلة غير مجدية، حيث تستهلك وقت كثير للغاية يمتد لأشهر طويلة، وتتكلف تكلفة عالية، بالإضافة إلى المخاطر التي قد يواجهها الرسول في طريقه، والتي من الممكن أن تفقده حياته، فلا تصل رسالتك أبدًا، ثم تطور الأمر لاستخدام الحمام الزاجل، الذي وفر بعض الوقت في نقل الرسائل، ولكن كانت له مساوئه أيضًا، فهو لم يوفر الكثير من الوقت، يتعرض للموت أو الاصطياد أثناء رحلاته، من السهل كشف الرسائل المربوطة في قدمه ومعرفة الأسرار، لذا لم يكن وسيلة ناجحة للغاية، ولكن استمر الأمر على ذلك المنوال حتى عمل البريد، الذي سهل ويسر الأمر على الناس آنذاك، ثم تم اختراع التليفون، والذي كان اختراع عظيم في وقتها، فهو أحدث ثورة في المجتمعات، لأنه قصر المسافات، وسهل التواصل بين الناس وبعضهم البعض، ومع تطور الأيام واختراع الإنترنت، ازدادت وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، والتي لا تزال في ازدياد حتى وقتنا هذا.
افتقارنا للتواصل رغم إتاحة الوسائل
رغم سهولة وإتاحة وسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها بكثرة هذه الآونة، إلا أن علماء الاجتماع قد أكدوا أننا نعيش في أكثر فترات التفكك الأسري والمجتمعي، وأن التواصل الاجتماعي الحقيقي يكاد يندثر وسط الإلكترونيات، وقد أظهرت أحدث الدراسات التي تمت في الأكاديمية الأمريكية لمحامي الطلاق، بالتعاون مع جمعية المحامين الإيطالية، أن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت هي السبب الأول في ارتفاع نسب الطلاق عالميًا، حيث أن أكثر من 20٪ من حالات الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية سببها المباشر هو وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وواتس أب، حيث تسبب ذلك الأخير فيما يقرب من 40٪ من حالات الطلاق في إيطاليا، وذلك لأنه يسهل فعل الخيانة عن طريق التواصل عليه، كما أن تلك الوسائل الإلكترونية حدت وقللت من العلاقات الأسرية التي تتميز بأنها دافئة، ولكن صارت فاترة وغير ذات قيمة، حيث يجلس أفراد الأسرة مع بعضهم البعض في نفس المنزل، ولكن كل منهم مشغول بهاتفه أو حاسوبه وتغافل عن باقي الأفراد، وانشغل الآباء والأمهات بوسائل التواصل، مما تسبب في تقصيرهم تجاه طلبات وحقوق أبنائهم، وفي المقابل انشغل الأبناء وقصروا مع والديهم، وانقطعت صلة الأرحام الحقيقية، واصبح الناس يستسهلون تلك الكلمات البسيطة الفاترة التي يكتبونها عبر الوسائل الإلكترونية للاطمئنان على ذويهم، كما أن التواجد دائمًا على تلك الوسائل، قتل الحافز النفسي الذي يدفع الشخص للذهاب وقطع المسافات لرؤية أحبائه، كما أن ارتباط الأطفال والمراهقين بتلك الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، سلب منهم لذة التواصل الجسدي الحقيقي، وتسبب في شعورهم بالملل من الزيارات العائلية لمنازل الأجداد مثلًا، وصار الوقت الفعلي الذي يقضونه جسديًا بصحبة أقربائهم هو صفر.
إقرأ أيضاً
مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على أفراد المجتمع المصري
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال