سليمان داود .. لماذا كان الوحيد في العرابيين الذي تم شنقه علنًا ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
خلت كل كتب التاريخ من أي صورة للقائمقام سليمان داود بصفته أحد مشاهير العرابيين، والعسكري الوحيد من رموز ثورة عرابي الذي تم إعدامه شنقًا بسبب حريق الإسكندرية.
حريق الإسكندرية وتورط سليمان داود
سقطت الإسكندرية بدانات مدافع الأسطول البريطاني الذي قصفها في 11 يوليو 1882 وبمجرد أن نزلت القوات في اليوم التالي، تحولت الإسكندرية إلى كرة نار إذ اندلعت الحرائق في حي المنشية، ثم امتد إلى باقي شوارع وأحياء الإسكندرية الشعبية والأجنبية، واتجهت أصابع الإتهام إلى سليمان داود.
كان آخر من حوكم من العرابيين 4 ضباط هم البكباشي فرج يوسف والبكباشي أحمد نجيب والصاغ علي مظهر والصاغ عثمان خميس، والقائمقام سليمان سامي داود الذي هرب إلى جزيرة كريت وقبض عليه.
صدر في يوم 7 يونيو 1883 م الحكم على البكباشيين والصاغيين بالسجن لمدد مختلفة، أما السيد قنديل مأمور الضبط فتم سجنه 7 سنوات بتهمة التقصير ، أما سليمان داود فقد نفذ فيه الحكم علنًا في ميدان المنشية بعد الحكم عليه بـ 48 ساعة، وكان هو الوحيد الذي حُكِم عليه بالإعدام من العسكريين في ثورة عرابي.
جرى استجواب سليمان داود أمام لجنة لم يكن أعضاءها من كارهي الثورة العرابية، واتفقوا جميعًا على جريمته ثم تم إرساله إلى المجلس العسكري الذي كان فيه عضوًا بريطانيا هو ماجور موريس وعضوًا نمساويًا هو فيدريكو، إلى جانب ضابطين من بريطانيا وترجمان، وهنا اعترف سليمان داود بذلك.
جريدة التايمز أجرت حوارات مع الخديوي توفيق وقال «تأسفت من أنه يوجد في انجلترا من يفكر في أن حكومتي قد تصرفت بقسوة غير عادلة نحو سليمان داوود، أما بشأن التثريب الشخصي فذلك لا يتأتي عنه مضرة، فإن خرابات الإسكندرية تشهد بعدالة المحاكمة، ويوجد في انجلترا أشخاص يعتبرون صحة الحكم النهائي الذي صدر مني».
اقرأ أيضًا
وثائق وفاة الشيخ محمد عبده .. حدثت يوم صدور شهادة ميلاده وابنته ماتت حزنًا عليه
في مذكراته لم ينفي الشيخ محمد عبده أن القائمقام سليمان سامي داود متورط في الجريمة، لكنه قال «التهمة يجب أن توجه لأكثر من طرف، فقد عثر على جثث أروام (يونانيين) بلباس عرب أثناء الحريق، كما اشترك عربان ممن كانوا على صلة بالخديو توفيق، ومنهم أهالي الإسكندرية، ومنهم أوربيون بقصد المبالغة في طلب التعويضات».
أما المؤرخ عبدالرحمن الرافعي في كتاب الثورة العرابية والإحتلال البريطاني لمصر اعترف بأن القائمقام سليمان سامي داوود كان نكبة على العرابيين، فهو لم يكن من قادة الثورة ولا زعمائها، لكن كان متأثرًا بأفكار العرابيين، وكان أشدهم تهورًا وقلة نظر في العواقب.
ساق الرافعي أشياء كثيرة تؤكد تهور سامي داوود وطيشه، فهو المدبر الأول لحصار سراي الخديوي توفيق في الرمل بعد ضرب الإسكندرية وهو ما جعل الخديوي ينضم إلى الإنجليز، فضلاً عن إحراقه للإسكندرية قبل انسحاب العرابيين، وكان ذلك عملاً عقيمًا لا فائدة منه.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال