قاتل ياسين عشيق بهية.. وزير دفاع مصري سابق
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“يا بهية وخبريني يا بوي ع اللي قتل ياسين .. قتلوه السود عنيا يا بوي من فوق ضهر الهجين”
بهذا الكوبليه تساءل كل من غناه عن قاتل ياسين عشيق بهية.
وقام كل كتاب الموال لاحقاً بتأليف كوبليهات مختلفة، فأغنية محمد طه غير أغنية شادية وليلى مراد .
أما عبدالرحمن الأبنودي فاشتق من الشطر الأول “يا بهية وخبريني يا بويا ع اللي قتل ياسين” مطلعاً لأغنية “علوان قلبك حجر صوان” بمسلسل ذئاب الجبل، وأكمل الإجابة بـ “قتله علوان بإيده يا بويا واللي يحاسبه مين”.
بعيداً عن تاريخ فن الموال، فإن قاتل ياسين ليس علوان، وليس عيون بهية السوداء، حيث أن قاتل ياسين هو وزير الدفاع المصري الأسبق “محمد صالح حرب” .
تفاصيل قيامه بقتل ياسين ذكرها هو في مذكراته التي سماها “أبطال الكفاح الإسلامي المعاصر”، حيث أشار إلى أنه تولى قيادة بعثة عسكرية متوجهة إلى السودان لشراء سرب من الجمال للالتحاق في سلاح الهجانة.
وعند عودته لمصر عرف بأمر قصة ياسين قاطع الطريق والذي كان اسمه مثار خوف وفزع في زمانه وامتد نشاطه في السرقات ليشمل قنا وأسوان.
كان معسكر محمد صالح حرب في أسوان ويقوم بحراسة قطيع الجمال، ووردت له إشارة من أحد العساكر الذي أبلغه بأنه رأى بدوياً نائماً عند مدخل مغارة بجبل وفي يده بندقية، ولما توجه لمعرفته فوجئ بالرصاص ينهمر عليه من المغارة.
علم محمد صالح حرب بأنه قريب جداً من ياسين، فكرر شن حملة عليه لكن بطريقة جديدة لكي لا تلاقي الفشل الذي كان مصير الحملات السابقة من الضباط.
يوضح جمال بدوي في كتابه “مصر من نافذة التاريخ” ، أن فكرة قتل ياسين جاءت لمحمد صالح حرب بأن يستدير نحو قمة التل الذى يعلو فتحة المغارة ويقوم بإسقاط حزمة بوص مشتعلة ، ومربوطة بحبل مقوى من الأعلى، وحملت الريح الدخان إلى داخل المغارة ، فاضطر ياسين إلى الخروج بعد أن شعر بالإختناق، ودارت معركة حامية بين الطرفين فاستقرت رصاصة فى قلبه ومات قتيلاً.
وسط الدخان كان بكاء طفل وصراخ إمرأة، وكانت المرأة الصارخة هي بهية التي لم تكن عشيقة ياسين، ولا حبيبته، بل شابة مخطوفة وقام ياسين باغتصابها وحملت منه ولداً، وظلت تعيش معه سنتين في قهر وخوف .
وعند خروجها من المغارة ورؤيتها لجثة ياسين، اندفعت لتزغد وتقول في حماس لـ “محمد صالح حرب باشا”، بركة لي .. بركة لي.
أما تفاصيل حياة محمد صالح حرب، فقد ولد في العام 1889 م بجزيرة الحربياب في مدينة دراو بمحافظة أسوان عام 1889م، لأسرة عسكرية لها نضال تاريخي كبير.
كان من أجداده محمد بك علي هو المهندس الذي أرسلته مصر لعمل الاستحكامات العسكرية في السودان في زمن الخديوي إسماعيل.
ومن أجداده أيضاً جبريل حسين العاصي، قائد المصريين في مطروح بمعركة “وادي ماجد” ضد الاحتلال الإنجليزي .
عقب قيام الثورة المهدية في السودان رحلت أسرة محمد صالح حرب واستقرت في أسوان وفيها وُلِد، تلقى تعليمه بعد حفظه للقرآن الكريم في مدرسة أسوان الابتدائية وكان زميلاً لعباس محمود العقاد.
والتحق بمدرسة خفر السواحل وتخرج منها سنة 1903 م وظل يترقى في المناصب حتى صار حاكماً عسكرياً لمطروح وسيوة .
كان تولي محمد صالح حرب منصب الحاكم العسكري لمطروح وسيوة، من أهم العوامل التي ساعدت عمر المختار في نضاله ضد الغزو الإيطالي، حيث ساهم صالح حرب في تهريب الأسلحة والمؤن، وقام بتهريب الضباط الذين يتولون مهام تدريب قوات عمر المختار سنة 1911 م .
وفي العام 1915 م قام بثورة مسلحة ضد الإنجليز هي الأولى من نوعها كعمل ثوري عسكري بقيادة مصري منذ الاحتلال البريطاني لمصر، حتى ألقي القبض عليه سنة 1917 م وأودع السجن، وظل فيه حتى العام 1924 م، حيث خرج بعفو من رئيس الحكومة سعد زغلول.
ومن العام 1926 حتى 1930 م، كان نائباً في البرلمان المصري، ثم وكيلاً لمصلحة السجون وبعد ذلك تولى قيادة خفر السواحل، حتى تولى منصب قائد القوات المسلحة المصرية في وزارة علي باشا ماهر الثانية سنة 1939 م وظل في منصبه لمدة عام.
عمل في منصبه على تجنيب مصر ويلات الدخول في الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي جعله يخرج من الوزارة وتسقط الحكومة بالكامل.
الجانب الآخر في حياة محمد صالح حرب هو رئاسته لجمعية الشبان المسلمين من العام 1940 م ونشأت صلات بينه وبين قيادات الرعيل الأول من جيل جماعة الإخوان.
ومع وقوع أزمة 4 فبراير سنة 1942 م التي أدت إلى محاصرة الإنجليز لقصر الملك فاروق وإرغامه على تعيين النحاس باشا رئيسا للوزراء، هاجم صالح حرب النحاس مما جعله تحت الإقامة الجبرية بأسوان مدة 3 سنوات، ليعود ويستأنف نشاطه في رئاسة الشبان المسلمين.
جانب آخر من حياة محمد صالح حرب، يذكره محمود السعدني في كتابه “ألحان السماء” حيث يوضح أن لمحمد صالح حرب الفضل في اكتشاف موهبة القارئ الشيخ محمود على البنا وتقديمه لـ الإذاعة المصرية ورئيسها الثاني محمد بك قاسم بعد أن قدمه لوجهاء وأعيان مصر في حفل أقيم بالجمعية بمناسبة العام الهجري عام 1948م.
وخلال رئاسة محمد صالح حرب لجمعية الشبان غير نمط العمل المسلح ضد الإنجليز، ثم اتجه إلى العمل الخيري من خلال منصبه الذي ظل فيه إلى 1967 م، ثم يرحل بعده عن عالمنا عام 1968م .
إقرأ أيضاً
“لاظ أوغلي” .. حين يقف “السقا” مكان وزير الدفاع في الميدان
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال