عمرو مصطفى ومحمد يحيى .. كفاية رخص بقا
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لا يفوت الملحن عمرو مصطفى أي فرصة كي يثير الجدل ويمنح لنفسه بصيص من الأمل ينقذ بيه مسيرته الفنية المتعثرة بعد خفوت الأضواء من حوله، لا يمل ولا يكل من المزايدة على كل شئ، ينتقد اصدقاؤه بفجاجة بأيجو منتفخ، يدخل في صراع من كبار النجوم ويطيح بمسيرتهم الفنية التي يلخصها في ألحانه معهم فقط، يدخل الوطن في المعادلة بافتعال و بآراء مصطنعة ويحمل أغانيه الوطنية الفاشلة ما لا يحتمل يعيش على نجاح “بشرة خير” التي لم تنجح بسبب لحنه ولكن لصناعتها في ظروف سياسية استثنائية كانت ستمنح النجاح لو لحنها أي أحد غيره.
في منشور أقل ما يقال عنه أنه مضحك ومثير للشفقة معًا، دخل عمرو مصطفى في وصلة معتادة من المزايدة على صناع الأغنية في مصر، متهمًا إياهم بالتخاذل وعدم الوقوف كحائط صد منيع ضد طوفان المهرجان وأن تخليهم عن دورهم سمح لتلك الفئة بأن تحتل مشهد الموسيقى في مصر، وبرغم خلافه الشديد مع المطرب ونقيب الموسيقيين هاني شاكر وسخريته منه في برنامج العرافة في رمضان الماضي، إلا أنه أعلن تضامنه معه سياسيًا وليس فنيًا، مقحمًا الوطن في المعادلة الذي يستحق فنًا أرقى مما نراه الآن، مفسرًا ابتعاده عن الإنتاج الفني لأنه يدرس ويذاكر نفسية هذا الجيل ويحاول أن يستوعب ما يحبه أو يكرهه ويعد الجمهور بأنه سوف يكون أول من يتصدى لتلك الظاهرة المنحدرة أخلاقيًا وفنيًا كما اسماها وأن الرد سوف يكون في غضون الأسابيع القادمة.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يعد فيها عمرو مصطفى الجمهور فسبق ذلك وعودًا كثيرة أهمها تبني العديد من الوجوه الجديدة من الشعراء والملحنين وحتى الأن لم نشهد أي وجه جديد أطلقه عمرو،ولم نرى الموسيقى الجديدة المختلفة التي وعد الجمهور بها، ونسى أنه لم يبتعد بالكامل فأصدر العديد من الأغاني المنفردة التي لم تحقق أي نجاحًا يذكر وله أعمال داخل سوق الغناء آخرها دويتو أنغام ووائل كافوري و في ألبوم محمد حماقي الأخير، والحقيقة المؤكدة أن الشئ الوحيد الذي يفعله حاليًا هو المزايدة المتكررة والتي تجعله على الأقل تريندًا لمدة يوم ثم لجانه الإلكترونية التي يطلقها لتهاجم من ينتقده او ينصحه بالتركيز في فنه فقط.
على نفس المنوال دخل الملحن محمد يحيي في بؤرة الحدث بمنشور لا يقل اضحكاً يرد فيه على عمرو مصطفى ، ناعتًا إياه بأنه الفاشل الوحيد خلال تلك السنوات، وأنه ليس الوحيد الذي يدافع عن الفن والموسيقى في مصر، ثم دخل في وصلة كوميدية طفولية عن تخرجه من كلية التربية الموسيقية وأنه يقدم ألحانًا من مقامات موسيقية مختلفة عكس عمرو مصطفى خريج كلية الحقوق الذي يلحن من مقام موسيقي واحد، ثم زج اسم عمرو دياب لمكايدته ليس أكثر، وأن ما قدمه مع الهضبة لا يقل في الأهمية عن ما قدمه عمرو مصطفى.
اقرأ أيضًا
بعد حواره الأخير هل تحول عمرو مصطفى إلي حلمي بكر الجيل الجديد
قليلون حول الفن كثيرون حول السبوبة.
لا يمكن وصف هذا التراشق سوى أنه صراع على النفوذ الفني والسبوبة ليس أكثر، عمرو مصطفى يعيش فترة اضمحلال فني ولم ينل نصيبه من كعكة موسم الرياض هذا العام الذي شهد ظهور ثلاثي المهرجانات الأشهر “بيكا وعمر كمال وحسن شاكوش” فهذا عائد بسيارة بنتلي والأخر بسيف من الذهب الخالص بل ونال من الحب جانب سيادة النقيب هاني شاكر هو الأخر، ثم إن عمرو مصطفى منذ أغنية “برج الحوت” لم يضرب له أي لحن، و تفرغ كي يكون حلمي بكر الجيل الذي ينتقد أي شئ وكل شئ وأن تاريخه الفني يتخطى كل ملحني جيله، وأن ابتعاده ليس لنضوب فكره التلحيني و لكن لأنه يذاكر ويدرس واعدًا الجمهور بأنه سيكون أهم مطرب في الوطن العربي في غضون خمس سنوات وكل أمور طق حنك في الوقت الذي شاهدنا فيه صعود نجم ملحن آخر حل محله في سبوبة الهضبة الضخمة وأصبح يملك نفوذًا قويًا داخل الشلة، متسلحًا بنجاحاته المتكررة مع الهضبة وغيره.
أما الملحن محمد يحيي فلم تصنع ألحانه نقلة كبيرة في الوسط الغنائي، وأن تهمة التلحين من مقام واحد، لا تعد تهمة من الأساس ولا تخرج من فنان حقيقي، فهو يعلم جيدًا أن السوق الغنائي منذ رحيل الملحن رياض الهمشري يسير خلف مقامين موسيقين بالعدد هما “الكرد والنهاوند” مع ظهور خجول للبياتي والحجاز، ومن بين كل مئة لحن سنجد لحنًا أو أثنان على الأكثر، بل أن هناك ألبومات ألحانها بالكامل من مقام موسيقي واحد، وهي ليست مشكلة فنية ضخمة، فالقصبجي بجلالة قدره أحد أعظم موسيقيين مصر إن لم يكن الأعظم يعشق مقام النهاوند وأغلب ألحانه يطغى عليها هذا المقام، وحسن أبو السعود أهم ملحني مصر في الخمسون عامًا يعشق مقام الكرد، والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأن هناك ملحنين عظام لم يتخرجوا من أكاديميات الموسيقي المختلفة وأن الأصل في الموضوع هو الموهبة وليس الدراسة فقط، ولماذا لا يخرج علينا محمد يحيي ويمارس رأيه الثوري في ألحان اصدقاؤه التي تسير على مقام واحد فقط او يقول مثلًا لنا رأيه في ألحان عمر خيرت التي تشبه بعضها.
هذا يعطينا لمحة عن تفكير هذا الجيل الضحل الذي لا يبحث ابتكار جملة موسيقية مختلفة وجديدة ولو من نفس المقام بل نحن أمام جيل من ملحنين التيمة الموسيقية وليس ملحني الجملة القوية، وأن أغلب الألحان الحالية تعاني من استسهال وفقر في الخيال الفني، وأنه هو وجيله لا يقدموا أي جديد سوي أنهم يبيعون للجمهور نفس البضاعة في كل لحن جديد، ولا يمكن التعويل سوى على أثنان أو ثلاثة ملحنين على الأكثر هم من يصنعوا ألحانًا جديدة ومبتكرة بتماسك جيد وسوف أتحفظ على تلك الأسماء حتى لا أتهم بمحاباتهم على حساب بقية الجيل.
هذا التراشق أدخل الجمهور في الصراع ما بين فئة قليلة تدافع عن عمرو مصطفى ودفاعها مبني بالأساس على كره نجاحات عمرو دياب، وما بين مهاجم لعمرو مصطفى الذي يهاجم نجومهم المفضلين، هذا الجمهور الذي يعشق الاستقطاب تجده يصر على أن فشل أغاني الهضبة الأخيرة لابتعاده عن الاستعانة بـ ألحان عمرو مصطفى وعلى الطرف الآخر تفسر تصريحات عمرو مصطفى على أنها غيرة من نجاحات الهضبة الذي يعطي ألحانه شهرة وأنه من غيره لم يذق طعم النجاح، في حالة هيستيريا واضحة من جميع الأطراف .
الاخ الكبير الغائب.
لا شك فيه أن عدم وجود قامة فنية كبيرة يهابها الكل وتقف على مسافة واحدة من الجميع جعل كل من هب ودب يتحدث في الشأن العام الفني، في ظل تخلي نقابة الموسيقيين عن دورها الحقيقي في لم شمل فنانيها، وأصبحنا أمام وسط فني تحكمه الشللية والمصالح وصراع حول السبوبة وكل من يخرج علينا بتصريحات تجاه الفن وحريته وعن دوره الوطني ما هي إلا شعارات زائفة الغرض منها إبراء الذمة أمام الجمهور، وأخشي أن يظهر الأخ الكبير في صورة غترة خليجية تملك النفوذ الأنتاجي الضخم والمال الوفير كي تعقد صفقة مصالحة بين جميع الأطراف وهي تضحك بخبث على ما وصلنا إليه الفن المصري الأن وهي الكارثة التي نتمنى ألا تحدث، وياحبذا لو توقف عمرو مصطفى عن لعب دور دون كيشوت و صنع أعداء من لاشئ،وتوقف عن إيهام نفسه بأن مصر تتصل به يوميًا كي تحثه على الدفاع عنها ولعب دور المخلص الوطني الذي سوف يحررها من عبث المهرجانات
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال