تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر “كيف تطورت الفكرة في نصف قرن ؟”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
صاغت نصف قرن من الزمان صفحات تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بدايةً وتطورًا، فلم يكن الفيلم التسجيلي الذي أخرجته سميحة الغنيمي هو الأول ولا الوحيد، لكنه حتى الآن هو الأشهر بلا منازع.
أول بصمة في تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
كانت الساعة التاسعة إلا ربع مساء يوم 7 يناير 1965 م هي بداية أول فيلم تسجيلي عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر في تاريخ التلفزيون المصري وتم بثه على القناة التاسعة.
كان أول مخرج أخرج فيلم رحلة العائلة المقدسة هو السيناريست ومهندس الديكور ولي الدين سامح وكان هو أيضًا معدًّا للفيلم بجانب إخراجه له، ولا يوجد حتى الآن أي نسخة لذلك الفيلم.
بصمة سميحة الغنيمي في تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
تطور تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة على يد المخرجة سميحة الغنيمي عندما بدأ التحضيرله في منتصف مايو 1999 عندما قررت اللجنة العليا المشرفة على ما سيقدمه التلفزيون المصري بوداع القرن العشرين، اختيار المخرجة سميحة الغنيمي لتصوير فيلم تسجيلي عن العائلة المقدسة لعرضه على شاشات 41 دولة.
كان اختيار سميحة الغنيمي ممتازًا وذلك لما لها من سجل حافل في تاريخ الأفلام التسجيلية، وبدأ تصوير الفيلم في شهر يونيو 1999 داخل 16 موقعًا في مصر بعد أخذ تصريحٍ من البابا شنودة لدخول محطات مسار العائلة المقدسة.
وفي أغسطس سنة 1999 م توجهت سهير الإتربي «رئيسة التلفزيون» إلى لندن للاجتماع مع رؤساء 48 محطة تلفزيونية عالمية لمناقشة ما اتفقوا عليه من أعمال بمناسبة رأس الجديدة وشروق عام 2000 م.
وتم الاتفاق على أن تقوم كل محطة بإنتاج فيلم مدته 30 دقيقة لعرضهم على مدار الـ 24 ساعة من منتصف ليل 31 ديسمبر 1999 وحتى منتصف ليل أول يوم في العام 2000 على مستوى الـ 48 دولة.
وفي 11 سبتمبر عام 1999 م حصلت سميحة الغنيمي على تصريح من صفوت الشريف وزير الإعلام بالذهاب إلى فلسطين والتصوير هناك في بيت لحم، إلى جانب تصريح من مطران القدس والشرق الأوسط وفلسطين.
عبرت سميحة الغنيمي عن سعادتها لاختيارها كمخرجة لهذا الفيلم من قِبَل صفوت الشريف وزير الإعلام والمهندس عبدالرحمن حافظ «الرئيس السابق لمدينة الإنتاج الإعلامي»، والإعلامية سهير الإتربي «رئيسة التلفزيون»، وقالت « شعرت بقيمة المسئولية التي سأحملها على عاتقي وأتمنى أن أكون على قدر هذه المسئولية والثقة لأقدم عملاً يليق باسم مصر في هذه الاحتفالية العالمية التي سيبث خلالها التلفزيون على مدى 24 ساعة أعمالاً من دول العالم بهذه المناسبة».
دقت الساعة الثانية عشر منتصف ليل 1 يناير سنة 2000 على القناة الأولى وبدأ فيلم رحلة العائلة المقدسة بموسيقى رقيقة من ميشيل المصري مع صوت رقيق للفنان أشرف عبدالغفور ولقي حينها نجاحًا كبيرًا.
اسكريبت فكان عليه ثلاثة جعلوا الكلمات والجمل متناغمة وشديدة الدقة، ويُحْسَب للدكتورة عائشة رافع التي تولت مهام الإعداد أنها استطاعت صياغة المفردات الملائمة للسيناريو الذي كتبه يحيى تادرس مع المخرجة سميحة الغنيمي.
يقول يحيى تادرس كبير معدي التلفزيون المصري عن الاسكريبت «النص كان ناجحًا لأن عيني كلها مصر، ولأن سميحة الغنيمي تعشق الفيلم التسجيلي ولابد أن يكون المخرج فاهمًا للكاتب والعكس».
من المفارقات التاريخية أن عدد المسلمين الذين أبدعوا رائعة رحلة العائلة المقدسة كان أكثر من عدد المسيحيين، فالمعلق هو أشرف عبدالغفور، والمصور عبدالحكيم الريماوي والمسجل هو خالد فتحي، والميكساج هو محمود خيري، والمونتاج في فيديو 4 لـ كمال أبو العلا مع سيد عطية، ومساعدا المخرج هما علية الشريعي وعبدالحميد عبدالرازق.
ومن أحد أهم عوامل النجاح التي كانت متوفرة في فيلم رحلة العائلة المقدسة، موسيقى ميشيل المصري والتي جعلت الفيلم التسجيلي كأنه قصيدة مرئية تتحلى بكم كبير من الصور الشاعرية شديدة النعومة بإحساس شديد العذوبة ولمحة روحية آتية من خيال جميل.
تأثير فيلم سميحة الغنيمي عن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر
تأثير فيلم سميحة الغنيمي وصل إلى القنوات القبطية فبعد شهرين من عرضه انتهى المخرج كمال مطر من تصوير عدد من حلقات تلفزيونية عن رحلة العائلة المقدسة وذلك تمهيدًا لإذاعتها على قناة سات 7 وقام بالأداء الدرامي الفنان ماهر لبيب ووضع الموسيقى التصويرية الفنان جورج كيرلس.
وبعد سنوات من فيلم سميحة الغنيمي ثم مشروع مسلسل المخرج كمال مطر وحتى اتجهت قناة مي سات لعرض عدد من الأفلام الوثائقية عن رحلة العائلة المقدسة فكان منها فيلم المخرج ثروت فايز، وفيلم من دير العذراء السريان.
آخر تطور في تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة كان في 7 نوفمبر 2020 من خلال فيلم مسار العائلة المقدسة في مصر إنتاج دير مارجرجس للراهبات بمصر القديمة، للمخرج بيتر ميمي.
جاء عرض الفيلم عندما كانت الكنيسة المصرية القبطية تحتفي بمسار العائلة وحضر الفيلم البابا تواضروس الثاني والدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار والمهندس محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة والسفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج والفريق كامل الوزير وزير النقل وعدد من السفراء وممثلي الطوائف المسيحية ولفيف من الآباء الأساقفة وكهنة جميع المناطق التي يشملها المسار.
وجاء الفيلم الذي أنتجه دير مارجرجس للراهبات، موجهًا بشكلٍ مباشر للأقباط، لكنه لم يخلو من الطابع السياحي والتاريخي الوثائقي، وكان الأشمل من فيلم سميحة الغنيمي، لكن الأخير هو الأبرز والأشمل حتى الآن.
المراجع
- جريدة الأهرام أعداد 1-7- 1965 م و 25-5-1997 م
- جريدة الجمهورية عدد 11-9-1999 م
- جريدة الأخبار 3-8-1999 م
- جريدة وطني 20-2-2000 م
- حوار يحيى تادرس لقناة النيل الثقافية
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال