“بين نظامين” كيف اختلف مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة في مصر ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نافس مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة في مصر الجدل التاريخي حول حقيقة الرحلة تاريخيًا بين الأثريين ورجال الدين، فالجدال التاريخي كان أسهل من إتمام مشروع اكتنف الغموض تفاصيل إخفاقه في 25 موقعًا من سيناء إلى أسيوط.
كيف جاءت فكرة مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة في مصر ؟
كان يوم 30 ديسمبر 1998 هو البداية الفعلية لفكرة مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة عندما عقد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك اجتماعًا مع الدكتور كمال الجنزوري لمناقشة مشروع تطوير القاهرة التاريخية، وجاء طرح مشروع تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في سياق الكلام.
اقرأ أيضًا
تاريخ فيلم رحلة العائلة المقدسة إلى مصر “كيف تطورت الفكرة في نصف قرن ؟”
كان الدافع لطرح الفكرة هو أن تكون مصر على رأس الدول المشاركة في الاحتفال العالمي ببدء الألفية الجديدة، واستهدفت الخطة أن ينتهي المشروع في سنة واحدةٍ.
عصر الرئيس الأسبق مبارك ومشروع تطوير مسار العائلة المقدسة
تبنى نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك فكرة تطوير مسار العائلة المقدسة في مصر، لكن ما يلاحظ في تلك الفترة، هو تناقض التصريحات المتعلقة بتسليم المشروع والانتهاء منه بشكل نهائي.
أنهى الأنبا صموئيل أسقف شبين الكوم ورئيس قسم العمارة في معهد الدراسات القبطية إعداد كتاب العائلة المقدسة في مصر باللغة الإنجليزية وراجعه البابا شنودة، ثم تقرر بدء المشروع.
وفي مارس سنة 1999 أعلن الدكتور عادل عبدالعزيز رئيس هيئة تنشيط السياحة عن طرح مسار العائلة المقدسة على خريطة البرامج السياحية التي سيتم تسويقها عبر شركات القطاع الخاص والإعلان، وتم تخصيص 25 مليون جنيه لتطوير مسار العائلة المقدسة وانتهت المرحلة الأولى من المشروع في إبريل سنة 1999 م من منطقة الفارما إلى القاهرة.
اقرأ أيضًا
عصر مبارك وطريق الكباش “.. قصة مشروع تعثر خمسة مرات قبل أن ينتهي في 2021”
أعلن وزير الثقافة فاروق حسني أن المشروع سينتهي في ديسمبر 1999 م، لكن في أكتوبر من نفس العام قال ممدوح البلتاجي وزير السياحة أن الانتهاء من المشروع سيكون في 1 يونيو من سنة 2000 وهو تاريخ بدء رحلة العائلة المقدسة، وذلك بسبب منطقة مجمع الأديان الثلاث حيث يخضع لتطوير إلى جانب مسار السيدة زينب وإزالة المخلفات عن بحيرة عين الصيرة.
جاء يوم 1 يونيو سنة 2000 وهو التاريخ المحدد للإعلان عن انتهاء المشروع، لكن ما جرى هو الإعلان عن احتفال انتهاء المرحلة الأولى من المشروع للمحطات الرئيسية للمسار من الفرمان إلى كنيسة العذراء في المعادي مرورًا بحي مصر القديمة.
وفي 26 سبتمبر سنة 2000 أعلن وزير السياحة أنه سيتم بحث تنفيذ المرحلة الثانية لمسار العائلة المقدسة التي تشمل تطوير المباني والطرق والخدمات من القاهرة إلى أسيوط، وهو الشيء الذي لم يتم تنفيذه كما كان مخططًا له طيلة سنوات حكم مبارك حتى عزله في 2011 م.
عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي مع مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة
قبل أن يتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مهام منصبه كرئيس للجمهورية بعام واحد، بدأ ملف الكلام عن مسار العائلة المقدسة عندما أناب في 3 من قيادات القوات المسلحة للمشاركة في احتفالية ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر يوم 1 يونيو سنة 2013 وهم كل من اللواء عفت أديب نائب رئيس الهيئة الهندسية واللواء أحمد وصفى قائد الجيش الثانى الميدانى، واللواء محسن عبد النبى مدير إدارة الشئون المعنوية.
وبعد 3 أشهر من الاحتفال كان قطاع المشروعات في وزارة الآثار أجرى دراسة هندسية وبيئية برئاسة المهندس سعد سليمان أبو المجد لمسار العائلة المقدسة وحينها صدر بيان يفيد بأن طرق العائلة المقدسة في سيناء مهددة بسبب العوامل البيئية والجيوبيئية.
وقبل انتهاء حكم المستشار عدلي منصور كرئيس مؤقت للبلاد بشهرين أعلن وزير السياحة آن ذاك هشام زعزوع عن طرح منتج “مسار رحلة العائلة المقدسة” للسوق الروسي، مشيرًا إلى أنه يتم تطوير مسار العائلة المقدسة في مصر مع الانتهاء من إعداد برامج محددة لطرحها على السائحين الراغبين فى استكشاف هذه الرحلة.
مع عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي بدأ الاهتمام الفعلي بمسار العائلة المقدسة على كافة الأصعدة، ويمكن تقسيم العمل على المشروع إلى مرحلتين، الأولى ما قبل سنة 2017 عام زيارة بابا الفاتيكان، والثانية ما بعد زيارة بابا الفاتيكان التي شهدت اعترافًا بالمسار كطريقٍ للحج.
في عام 2016 تم الانتهاء من ترميم كنيستين هما أبو سرجة في مصر القديمة وكنيسة العذراء مريم الشهيد أبانوب في سمنود، كجزء من تطوير المسار ومن ذلك التاريخ وحتى العام 2020 م نجحت مصر في تطوير ديران السريان والبراموس والأنبا بيئوي في وداي النطرون سنة 2017، وتم الانتهاء من مشروع وصيانة وترميم موقع شجرة مريم في المطرية سنة 2019 م.
يضاف إلى ذلك رفع كفاءة الطرق في مصر القديمة ووادي النطرون، مع إنشاء مرسى نيلي بجانب كنيسة المعادي، ودهان المباني المحيطة بكنيسة المطرية، وعلى مستوى كفر الشيخ تم تطوير الكنيسة والمباني المجاورة لها، وهو ما جرى أيضًا في كنيسة تل بسطا وسمنود حيث تم تطوير منطقة السوق وإزالة العشوائيات من هناك مع إنشاء نافورة في الميدان.
لم يدخل الصعيد في حيز المشروع خلال حكم مبارك، لكن مع عصر الرئيس عبدالفتاح السيسي شهد مسار العائلة المقدسة في الصعيد تطورًا كبيرًا، ففي المنيا تمّ ترميم الكنيسة، إضافة إلى إقامة مبنى فندقي من دورين متوافق مع الطابع التاريخي للمنطقة، وإقامة دورات مياه، ودهان المقابر المحيطة لتجميل المكان، وإنشاء سور وجدارية، إضافة إلى إنشاء طريق بديل بطول 1,2 كم بديلاً عن الطريق القديم بطول 18 كم المحاذي لترعة، وكان المرور عليه غير آمن، كما وتمّ إنشاء طريق مباشر يربط بين أسيوط والمنيا، إلى جانب الانتهاء من تنفيذ بوابات على الطريق الشرقى القادم من أسيوط (800 م من الكنيسة)، وإقامة مركز للزائرين، وفي أسيوط تم تطوير منطقة «جبل درنكة – دير المحرق» حيث تمّ إنشاء بوابات، ووضع اللافتات الإرشادية باللغتين العربية والإنجليزية، وتأهيل ورصف الطرق المؤدية إلى جبل درنكة، وإزالة القمامة.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال