قمة الأهلي والزمالك .. فاز يعقوب السعدي بينما خسر الجميع
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا تختلف معركة الأهلي والزمالك في الملعب عنها في الاستديوهات التحليلية .. ومن فترة لا تقل عن ستة أو سبعة سنوات اختفت المهنية تمامًا في الإعلام المصري الرياضي (إلا من رحم ربي) ومن رحم ربي كان ابراهيم فايق لا غير .. كان اختفاء المهنية عند بعض الناس (لذيذًا) من حيث زيادة نسبة الشير نتيجة لتقسيم الحلقة لجزئين : الجزء الخبري ، وجزء ما يسمى بـ “القصف” ، وكما أن للقصف نتيجة سريعة وهي زيادة نسبة الشير ، فإنه يؤثر على المستوى الطويل، فهو يقلل من قيمة صاحبة ، ويجعله تابعًا للسوشيال ميديا ، فيقل من نظر جمهوره ، وبدلًا من أن يستقي الجمهور الرأي منه ، يستقي هو الرأي من الجهمهور ، ويظل يدنو محتواه حتى يصبح تفريغًا لبوستات السوشيال ميديا ، فيرى الجمهور أن لا جديد عند هذا الإعلامي ، وينصرف عن مشاهدته ويذهب لصاحب الرأي المستقل الذي إذا حتى لا يوافق رأيه لكنه يظل محترمًا في نظر الجمهور .
رمت نظرية “القصف” بظلالها على تغطية مباريات القمة ، فأصبح التليفزيون مقسومًا لجزئين ، أحمر وأبيض ، مذيعًا على قناة يخادع جمهوره ، ومذيعًا على قناة أخرى يخادع الجمهور المنافس .. انتجت تغطية إعلامية باردة لمباراة هي بالأساس مادة لكل ما هو مثير وجاذب للاهتمام ، أكثر من ثلاث قنوات .. عشرات المراسلين والمحللين والمعلقين .. ستوديو تحليلي من الفجر إلى الفجر ، ولم يستطع عشرين بالمائة منهم حتى تمرير الوصف بحيادية ، أو بمهنية ، أو حتى بمتعة وأفكار جديدة ، أستطيع أن أخبرك كيف تُغطى هذه القمة إعلاميًا منذ عشرين عام إلى الآن .. ثلاث فقرات: الفقرة الأولى إحصائيات نتائج المباريات السابقة بين الأهلي والزمالك ، والفقرة الثانية محللين كل واحد منهم ينتمي لنادي ، والفقرة الأخيرة هي فقرة التوقعات التي لا تصدق أبدًا لكن كل محلل يقول أن توقعه كان الصحيح بعد نهاية المباراة ، ساعات وساعات من الملل على الهواء ، حتى أنقذنا – كجمهور كورة- من كل هذا الملل .. المذيع يعقوب السعدي
يعقوب السعدي تاريخ كبير في الإعلام الرياضي العربي ، لكن تاريخه الرياضي كوم والحالة التي خلقها في الشارع الرياضي المصري كوم آخر ، الرجل يحترم الأهلي والزمالك ويعرف قيمة التاريخين أكثر من إعلاميين كثيرين غيّبتهم نظرية القصف عن قيمة الناديين .. أدار حلقات شديدة الإمتاع قبل القمة التي ترقبها العالم العربي ، ناقش زوايا كثيرة كانت موجودة لكن لا أحد يذهب لها بفضل التعصب الأعمى .. ناقش اقتصاد الناديين بكل حيادية ، وتأثير ظهور الناديين في السينما والمسرح والتليفزيون ، ومدى صدق وجود “سحر” في الكرة المصرية من عدمه .. خلق حالة من متابعة الجمهورين بلا تكلفة كبيرة في استوديو أو كلفة ليس لها معني مثل التي تظهر في قنوات “بي إن” .. فقط حقق العدالة الغائبة عن الإعلام الرياضي فقط في عدد من الساعات ،فاستعاد الجمهور الغائب عن المنظومة
هذا عن ليلة المباراة ، أما عن المباراة فالمشاهد قد لاحظ كيف أدار الأستاذ يعقوب السعدي الاستوديو باحترافية عالية ، أكاد أجزم أنه خصص لكل مراسل عدد معين من الثواني كل لا يشعر جمهور نادي بالتحيز إلى نادي آخر .. هذا عن المراسلون ، أما عن المحللون فقد أحرز “يعقوب” هدف خاص عندما استضاف النجم أحمد حسام ميدو والنجم حسام غالي والألفا خالد بيومي ، اختيار هذا الثلاثي بالتحديد له دلالة كبرى .. السيد يعقوب جعل المتعة في المقام الأول، فالرابط المشترك بين الثلاث هو الكاريزما .. لميدو كاريزما لا ينكرها إلا أعمى ، وظهور حسام غالي المقل في الإعلام جعل من ظهور هذه المرة حالة خاصة أحبها الزملكاوي قبل الأهلاوي ، أما عن خالدى بيومي فلا كلام يكفي في وصف عبقرية هذا الرجل في التحليل .. بالملعب وخارجه
قادتنا الظروف إلا أن ننشر غسيلنا غير النظيف في الإمارات ، فقد انتهت المباراة من هنا وظهر الجانب السئ من كل منظومتنا من هنا .. انهار الجميع في لحظة من الزمن .. انهار جمهور النادي الأهلي ، وانهار لاعبي نادي الزمالك ثم جماهيره ، انهار عماد متعب المحلل المتزن الناضج في لحظة من الزمن ، وقرر جمال عبد الحميد أن يمحي تاريخ النادي الأهلي في لحظة واحدة ، كلُ قد (فرش) للآخر … انهار الجميع عن الصورة التي حاولنا اختلاقها كذبًا على أنفسنا قبل المباراة .. بينما ظل رجل وحيد متمسكًا بالمهنية والمتعة والاحتراف .. هذا الرجل هو يعقوب السعدي
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
Great content! Super high-quality! Keep it up! 🙂