الشعر الصوفي في إعلان مسلسل جزيرة غمام “مؤلفه ظُلِم وتم استخدامه دراميًا من قبل”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أثارت الأنشودة الصوفية التي ظهرت في إعلان مسلسل جزيرة غمام الذي كتبه عبدالرحيم كمال ويخرجه حسين المنباوي إعجاب مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي عقب طرح الشركة المتحدة للبرومو.
صاحب الشعر الصوفي الموجود في إعلان مسلسل جزيرة غمام ؟
يقول البيت الصوفي الذي ظهر في إعلان مسلسل جزيرة غمام :-
بعدتم ولم يبتعد عن قلبي حبكم * وغبتم وأنتم في الفؤاد حضور
تمت الاستعانة بذلك البيت في تتر نهاية مسلسل حرملك سنة 2019 التي غنتها فرقة الشيخ حامد داود بوسيقى إياد الريماوي، والبيت للشاعر الصوفي اليمني عبد الرحيم بن أحمد بن علي البرعي اليماني.
بلا أدنى شك فإن الشاعر الصوفي عبدالرحيم البرعي من أكثر رموز الإنشاد الصوفي الذي تعرض للظلم التوثيقي مرتين منذ أن ظهر جوجل على الوجود.
بمعايير الـ SEO على جوجل فإن البيت الشعري منسوب للشاعر الصوفي الكبير عمر بن الفارض، لكن تاريخيًا غير صحيح كون أن ديوان بن الفارض ليس فيه هذا البيت، وذلك هو الظلم الأول الذي تعرض له الشاعر اليمني.
أما الظلم الثاني الذي تعرض له الشاعر فكان بسبب الخلط الناجم عن تشابه اسمه مع اسم الشيخ الصوفي عبد الرحيم بن الشيخ محمد وقيع الله “البرعي”، فوقيع البرعي من وفيات سنة 2005 م، أما الشيخ البرعي فهو من وفيات سنة 1427 م، يعني بينهما 578 سنة.
من هو عبدالرحيم البرعي صاحب البيت الصوفي ؟
تناول عبدالوهاب بن عبدالرحمن البريهي السكسكي ترجمة الشيخ البرعي في كتاب طبقات صلحاء اليمن، حيث أشار إلى أنه من قبيلة المهاجر التي تعود إلى جبل برع في تهامة، وأنه من مواليد 673 هجري = 1275 ميلادي، ومات عن عمر 150 سنة وتحديدًا في عام 803 هجري = 1427 ميلادي.
لكن تاريخ الميلاد مشكوك فيه بالنسبة لـ عبدالعزيز بن سلطان النصوب والذي كان من أوائل المحققين لديوان البرعي حيث أشار إلى أنه من مواليد 770 هجري = 1369 ميلادي، ومن وفيات سنة 830 هجري = 1427 م، وقبره موجود في مسجد قرية النيابة في محافظة الحديدة اليمنية.
كغيره من المتصوفة نشأ البرعي نشأة دينية حيث حفظ القرآن ومتون الحديث وقرأ الفقه والنحو وعمل في التدريس والفتوى وكان له باع خلال عصر الدولة الرسولية التي حكمت اليمن وكانت عاصمتها مدينة تعز.
أما من حيث الطريقة الصوفية التي انتسب لها فإن الدكتور ناظم الدبعي في مقدمته لديوان البرعي قال «كانت له طريقة صوفية قادرية وشيخه الشيخ عمر العرابي الذي ينتهي سند سلسلته إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني وحصل البرعي على نصيب كبير من العلم ولعله درس في الأربطة الصوفية التي كانت متناثرة في تهامة وحراز وبرع في ذلك الزمان وقصر نبوغه في الشعر على مدح الله والنبي وأله فكان بحق شاعر الذات المصطفوية».
أما ديوان البرعي فشهد طبعات متعددة خاصةً في مصر إذ قامت المطبعة البولاقية ومطبعة الحلبي بطبع وتوزيع الكتاب، وخضع لشروح عديدة، ولعل أقيم دراسة قدمت عنه كانت دراسة عبدالرحمن الأدهل والذي قال «لم يكن الشيخ البرعي صوفيًا مشعوذًا من الذين جعلوا الخرافة زادهم ووسيلتهم إلى الناس، ولم يكن صوفيًا فلسفيًا من الذين طرحوا سؤال الوجود والكون وراحوا يجيبون عن ذلك السؤال بطريقتهم إجابات تتصادم أحيانًا مع ظاهر النصوص الدينية، ولم يكن صوفيًا سنيًا مقاومًا كما كان عليه في اليمن الشيخ أحمد بن علوان وفي العصر الحديث الشيخ عبدالله الحكيمي؛ لكنه كان صوفيًا نقيًا تغلبت عليه روح الشاعر الشفافة كعاشق حقيقي لله والنبي»
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عالمي ياسيدي ❤