1٬063 مشاهدة
كيف التقى الشاعر أحمد فؤاد نجم بأخيه في السجن؟
ولد الشاعر أحمد فؤاد نجم عام 1929 بأسرة فقيرة بمحافظة الشرقية لأب ضابط شرطة وأم فلاحة اسمها “هانم” وقد أنجبت أمه 17 فردَا تبقى منهم خمسة فقط على قيد الحياة وسادس لم يره نجم في حياته.
يصف نجم أمه بمذكراته أنها كانت تحبه رغم عفرتته وشقاوته وكانت على الرغم من كونها سيدة فلاحة بسيطة ألا أنها كانت ذكية تعرف كيف تجذب زوجها للجلوس في البيت وسط أولاده حتى أنها تعلمت لعب الدومينو باحتراف كي تجعله يفارق جلسات أصحابه ويلزم البيت وكانت تغلبه أحيانَا.
ويقول نجم أنه اكتسب منها (اللماضة) وأثرت في تكوين شخصيته على الرغم من أنه لم يعاشرها في صغره سوى بضع سنوات حتى فارقها لدار للأيتام بعد وفاة والده وتدهور الحالة الاقتصادية للأسرة.
ومرت السنوات وعمل نجم بمعسكر للإنجليز “ترزيَا” وشارك في مساعدة الفدائيين الذين كانوا يقومون بعملياتهم ضد الإنجليز في منطقة القناة، وفي هذه الفترة تعرف أحمد فؤاد نجم على اليسارين الذين شاركوا في هذه العمليات، ثم دعت بعد ذلك الحركة الوطنية العمال المصريين العاملين بمعسكرات الإنجليز إلى ترك العمل بها فلبى نجم الطلب ثم عينته الحكومة عاملا بورش النقل الميكانيكي.
ولكنه ارتكب جريمة تزوير استمارات شراء الأقمشة بأسماء موظفي الورش لاختلاس قيمتها بالاشتراك مع ساع خبير باللوائح الإدارية، وألقت الشرطة القبض عليه وحققت معه فشاهد زميله في الجريمة معلقَا من قدميه وقد انهال عليه المخبرين بالضرب فلم يحتمل المشهد واعترف بكل شىء مما أثار حنق زميله ولامه قائلا:
ليه؟..الله يخرب بيتك.
وقضت المحكمة عليه بالسجن ثلاث سنوات وهناك التقى بشاب مسجون أخذ يتأمل ملامحه حتى سأله عن اسمه، فقال فؤاد، ثم عن اسم أمه، فقال له الشاب اسمها هانم!
هنا صاح الفاجومي قائلًا:
أخويا!..أخويا اهو يا مجرمين يا كفرة يا ولاد الكلب!
وقد بدأت موهبة أبو النجوم من داخل هذا السجن حيث بأخر عام له فيه بدأ يلقي شعره ندوات السجن إسبوعيًا وكان يحضرها ضباط السجن، ولفت نجم نظر أحد الضباط المحبين للشعر والأدب ولهم محاولات في كتابة القصة القصيرة واسمه الرائد سمير قلادة غطاس وشاركه في الإعجاب بموهبة الفاجومي مدير السجن نفسه اللواء إبراهيم عزت، وشجعاه على التقديم بمسابقة كان ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون، وصدر أول عمل له على نقة المجلس، وأحضر الضباط لنجم آلة كاتبة وكتب بالسجن ديوانه الأول (صورة من الحياة والسجن) ومن هنا بدأت الرحلة.
وبعد خروجه من السجن كان قد عرف بالأوساط الأدبية وكتب الصحفيون والكتاب عنه فعينه يوسف السباعي بمنظمة تضامن الشعوب الأسيوية الأفريقية، ولكنه انتدب مع زميل له يعمل بالبريد وهنا جاءت لأحمد فؤاد نجم فكرة شيطانية أن يرسل الخطابات المطلوب إرسالها للشعوب الأسيوية بالبريد العادي وليس المسجل ويحصل على الفرق، ولكن أوشى به زميله للإدارة عندما طلب من نجم أن يتقاسمان في المال ورفض الشاعر أن يبتزه فما كان من هذا الزميل إلا وأن بلغ عنه وكاد يفقد وظيفته مع بدء التحقيقات ولكن تدخل يوسف السباعي لإرجاعه لها بعدما أرسل له نجم قصيدة “عصفور وصياد” التي كان مطلعها :
يا صياد الطيور يا خال
صباعك عن زناد الموت
دنا عصفور ضعيف الحال
ولا اكفيش عيالك قوت
فكانت القصيدة سبب المصالحة.
المصدر: كتاب عاشوا في خيالي للكاتب عبد الوهاب مطاوع رحمه الله من مذكرات الشاعر أحمد فؤاد نجم.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
