جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد “خطأ فني من المخرج بمحتوى تاريخي”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كانت بصمات جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد ظاهرةً منذ ميلاده على الورق حتى آخر مشاهد الفيلم في التصوير، فالزعيم أراد تخليد كفاح بورسعيد عبر فيلم سينمائي، ولأن عام 1956 يعتبر أهم سنة في حقبة ناصر، كان العمل الفني أسطوريًا.
اقرأ أيضًا
آمنة مهران .. حكاية أم تاجر مخدرات أرسل لها جمال عبدالناصر خطابًا
فيلم بورسعيد عمل ملحمي بامتياز، فالقصة الحقيقية تفتح شهية صناع الفن عمومًا، بالإضافة إلى أنه يعتبر العمل الأوحد الذي جسد بسالة أهل بورسعيد في مناهضة الاستعمار، ورغم اتهام الجيل الجديد للفيلم بأنه نفاق لـ عبدالناصر لكن حقائق التاريخ تشير إلى أن الرئيس آن ذاك كانت جماهيريته المصرية والعربية ساحقة.
مشاهد عن جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد
أظهرت مشاهد متعددة مدى تأثير وحب المصريين للرئيس جمال عبدالناصر في فيلم بورسعيد الذي صنع أغنية خصيصًا لحركة التأميم وهي «أمم جمال»، كذلك مشهد محافظ بورسعيد الذي رفض إزالة صورة الرئيس من على الجدار، وحتى آخر مشهد بالفيلم حين قال بطله طلبة «هنفضل نهتف باسمه (يقصد ناصر) طول العُمْر».
ما هو الخطأ الفني بشأن تراث عبدالناصر
رغم أن فيلم بورسعيد يمثل ذاكرة فنية لحدثٍ تاريخيٍ هام وهو التأميم ومقاومة أهل بورسعيد، لكن هناك شيء غير مفهوم بشأن خطاب التأميم نفسه.
يبدأ الفيلم بتعليق مذيع جريدة مصر الناطقة وهو يقول عن خطاب التأميم «26 يوليو عام 1956 .. العالم أجمع يترقب صوتًا من مصر، صوتًا يزلزل الأرض تحت أقدام المستعمرين ويثبتها تحت أقدم المصريين».
اقرأ أيضًا
تاريخ زينب الكفراوي “مناضلة تغيرت حياتها بسبب الشفخانة والبرتقالة”
مع مشاهد القهوة وبيوت أهالي بورسعيد ومكتب المرشدين الإنجليز والفرنسيين صدح صوت عبدالناصر وهو يقول «أيها المواطنون .. نحتفل اليوم باستقبال العيد الخامس للثورة.. باستقبال السنة الخامسة للثورة، بعد أن قضينا أربع سنوات نكافح ونجاهد ونقاتل؛ للتخلص من آثار الماضى البغيض.. للتخلص من آثار الماضى الطويل.. للتخلص من آثار الاستعمار الذى استبد بنا قروناً طويلة، وللتخلص من آثار الاستبداد الذى تحكم فينا، وللتخلص من آثار الاستغلال الأجنبى والاستغلال الداخلي».
لكن أبرز عيب في الخطاب هو مشهد مكتب المرشدين الإنجليز والفرنسيين، إذ نهضوا في حالة استغراب وغضب وذهول من جزءٍ بالخطاب يخص التأميم لكنه كان عاديًا وغير متوائم مع الحدث الحقيقي.
يبلغ نص خطاب التأميم 14349 كلمة على مدار 3 ساعات إلا 9 دقائق وجاء في مشهد مكتب المرشدين صوت عبدالناصر وهو يقول « اليوم – أيها المواطنون – أممت قنال السويس، ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية فعلاً، وأصبح القرار أمراً واقعاً»، لتنهض «مس بات» ليلى فوزي وهي تكتم ضجرها بينما يصاب بقية المرشدين الإنجليز والفرنسيين بالهيستيريا والغضب من تلك الجملة، وفي هذا خطأ فني فادح.
في الواقع التاريخي كان الأجدر أن يتم استعراض ردود أفعال المرشدين بالمشهد مع صوت عبدالناصر وهو يقول «قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقنال السويس البحرية .. باسم الأمة.. رئيس الجمهورية.. مادة ١: تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية».
حيث أن تلك الجملة سبقت الجملة التي عرضها المشهد بأكثر من ساعة، أي أن المشهد عرض آخر جزء من خطاب التأميم بدلاً من نص قرار التأميم الذي ألهم الشاعر عبدالله شمس الدين بكتابة أغنية «أمم جمال»، وعلى ذلك فإن فيلم ناصر 56 في تلك الجزئية تحديدًا يكسب.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال