“كرباج” سميرة سعيد .. أين ذهبت الديفا التي نعرفها

منذ تسعينات القرن الماضي وحتى بداية الألفية؛ حافظت سميرة سعيد على خصوصية مشروعها الفني الجرئ جدًا والذي لم يكن يلتفت إلي تيار الموسيقى السائد بل صنع لنفسه طريقًا خاصًا بموضوعات جديدة وتناول موسيقي متنوع وضعها على قمة المطربات في سوق البوب العربي.

تلك التجربة حاولت بعض نجمات جيلها السير على خطاها وفشلن لأنها لم تحمل البصمة الخاصة جدًا والتي تعرف سر خلطتها سميرة وحدها، الأن تبدل الحال وأصبحت سميرة تسير وفق متطلبات سوق الغناء حتى لو لم يتناسب مع شخصيتها الفنية، ليست محاولة منها للتمرد على تجربتها أو تجريب أشكال جديدة ولكن استسهالًا في محاولة قنص أي نجاح حتى لو وقتي في ظل تعطل الإنتاج وفشل فكرة إصدار ألبوم كامل.

منذ أغنيتي “مازال” و”محصلش حاجة” لم تحصد سميرة نجاحًا يذكر في أغانيها الأخيرة “قط وفار” و”الساعة اتنين بالليل” و”مون شيري” ومع ذلك لم تشعر بأن هناك خللًا ما حدث، فقررت أن تواصل السير في نفس الطريق بتجربتها الجديدة “كرباج” صحبة الشاعر والملحن “عزيز الشافعي” استغلالا لحالة الانتشار  التي يعيشها لعلها تقتنص أي نجاح مع عودة للتعاون مرة أخرى مع الموزع المخضرم “طارق مدكور”.

الكلمات:

ترتكز كلمات عزيز الشافعي على الإفيهات بصورة رئيسية وكيفية تضفيرها داخل كلمات الأغنية ولا يهم أن كان الإيفيه خارج السياق، عنوان الأغنية “كرباج” كان البداية التي ستفتح أبوابًا للتأويل وإثارة الجدل ومن ثم استفزاز المستمع لجره لسماع الأغنية، ثم واصل استخدام الإفيهات باستدعاء إيفيه “اللي فات حمادة واللي جاي حمادة” المقتبس من فيلم “بلبل حيران” والذي دخل قاموس الحياة العامة ويستخدم بكثرة في الميمز على مواقع التواصل الإجتماعي.

بقية كلمات الأغنية تسير خلف فكرة الوقوع في الحب من أول نظرة بصياغة تليق بصوت رجالي وليس نسائي بالأخص في الأجزاء التي تصف المحبوب “جميل جمال مالوش مثال” مع إقحام ألفاظ مثل “نعنشة جنزبيل فرفشة” والتي يبدو أن اضطر إليه بسبب القافية، مع حفاظه على بصمته كشاعر في الجمل القصيرة التي تتفق مع أسلوبه التلحيني وغير مستبعد أن تكون الكلمات قد كتبت على تيمة اللحن وهي السمة التي تسير عليها الأغنية المصرية منذ ظهور ملحني التيمة واختفاء ملحني الجملة الموسيقية الدسمة القوية.

اللحن والتوزيع:

لحن الأغنية على مقام النهاوند مكون من ثلاث تيمات لحنية، نجد في الأولى والثانية اتساق وتماسك قوي بينهما فالأولى مهدت للثانية بشكل جيد، أما التيمة الثالثة في جزء “جميل جميل جماله مستحيل” فتشعر أنها أقحمت عنوة على الأغنية ويبدو أن لمحة الفلكلور فيها أغرته بوضعها في الأغنية بل وجعلها سينيو الأغنية الرئيسي الذي يتكرر بين المقاطع.

توزيع طارق مدكور خلط بين عدة أشكال موسيقية، بدأت بكوردات من الجيتار مع نبضات من المؤثرات الصوتية حتى تدخل اّهات سميرة سعيد ثم يبدأ الغناء في أجواء الــ EDM ويلامس الروك مع بداية مقطع “ده مستحيل الاقي زيك” بمصاحبة ديسترشن الجيتار ، ثم فجأة يحدث إنقلاب بدخول المقسوم الشرقي في السينيو  والذي يبدو أن جملة اللحن اضطرته إلى الاستعانة به لكنه يشعرك بأنك دخلت في أغنية أخرى.

دخول المقسوم لم يحافظ على تماسك الأغنية موسيقيًا وكان من الممكن أن يحافظ على نفس نسق البداية التي فيها روح توزيعاته المعروفة في أغاني “منايا” و”اللي اتمنيته”.

إقرأ أيضا

فادي أبو بكر لـ “الميزان” : من المتوقع مزيد من الضغوط الاقتصادية على السلطة الفلسطينية

أين ذهبت الديفا.

في إصدارت سميرة سعيد الأخيرة يباغتك شعور انسلاخ تدريجي عن تجربتها الفنية الضخمة، وبالطبع نتفهم رغبتها في خوض تجارب جديدة ومختلفة لكن عليها التوقف إذا ثبت فشلها ولا مشكلة نهائيًا في الاعتراف بذلك أو العودة إلي نفس المناطق الأمنة التي كانت تكفل لها النجاح أو تشق طريق جديد يكمل مابدأته وهي فعلت ذلك كثيرًا وكانت لا تكف عن ابهارنا بالجديد المسبوك فنيًا بشكل قوي، أما الأن يبدو أنها دخلت مرحلة إثبات حضور حتى لو لم يضيف إليها شئ على الإطلاق، والتعاون مع عزيز الشافعي جاء من منطلق أنه الورقة الرابحة الأن في سوق البوب لكنه لا يدرك أنه في مرحلة حرق نفسه فنيًا واستهلاك قدراته الفنية القوية في أغاني هو يعرف جيدًا أنها لا تعيش في ذاكرة الجمهور و لاحقًا قد لا يذكرها في تاريخه وكما قلت في مقال سابق هو يعيش زهوة الانتشار ويحاول اقتناص أي فرصة تلوح له كي يعوض ما فاته.

عزيز الشافعي موسم صيد الفرص