لقب البابا في الوسط الفني والإعلامي “لم تكن بدايته لمقدمي برامج الأطفال”

يرتكن النقاد وبعض الجماهير أن يطلقوا ألقابًا على الممثلين مثل الزعيم والقنصل، وكاد أن يكون البابا في الوسط الفني حكرًا للفنان خالد صالح بإفيه أنا بابا يالا، وقد يتصور البعض أن لقب بابا أخذه إعلاميو برامج الأطفال مثل بابا شارو وبابا ماجد، لكن هذا غير صحيح.

تاريخيًا فإن مدير المسرح هو أول من أخذ لقب بابا في الوسط الفني، وحاولت مجلة الكواكب أن تعرف من صاحب ذلك اللقب وسبب إطلاقه، لكن هذا لم يحدث أبدًا

هؤلاء أول من أطلق عليهم لقب البابا

في المسرح المصري قبل أربعينيات القرن الماضي لم يكن يضروريًا أن يطلق لقب «بابا» على كبار السن بين مديري المسارح بل إنه لقب عام للجميع مهما صغرت سن المدير، وكانت وظيفة مدير المسرح من أشق الوظائف و أدقها فهو الذي يراقب سير الرواية أثناء التمثيل وهو الذي يوقع الجزاء على من يستحقه من المخالفين كما أنه يدير الحركة المسرحية العامة في أوقات البروفات نهارًا والعمل ليلاً، بالتالي فهو شخص ذو حيثية ممتازة وكلما كان دقيقًا في عمله ساد النظام وجرى على خير الوجوه.

بابا شكري

يأتي محمد أفندي شكري على رأس من أخذ لقب بابا، إذ جاء وافدًا من الإسكندرية لإدارة مسرح نجيب الريحاني وقت عمله في شخصية كشكش بك، ثم صارًا بعدها مديرًا لمسرح الماجستيك، ليعود لاحقًا إلى مسرح الريحاني، ومنه إلى إدارة مسرح فاطمة رشدي، بعد فترة إدارته لمسرح فاطمة رشدي سافر إلى سوريا ثم أسس مجلة التياترو

على قدر نشاطه ويقظته، على قدر قسوته فهو صلب الإرادة عنيف الحوار متعصب لرأيه إلى أبعد حد، وقد يكون من أشق الأمور عليك أن تقنعه في رابعة النهار، وفي وضح النور بأن الشمس طالعة، وهو العيب الوحيد الذي يشعر به زملاءه، وفيما عدا ذلك فهو جريء ومخلص في عمله.

من أشكال إدارته أنه عندما كان مديرًا لمسرح سميراميس أن رفع مساعده الستار قبل أن يتبين من تأخر من الممثلين وكانت السيدة إنصاف رشدي، وهي صاحبة أهم الأدوار لم تحضر بعد، فلما اقترب موعد دخولها طرق شكري باب غرفتها فوجده موصدًا، وهنا ارتبك الجميع وأسقط في أيديهم حتى حانت اللحظة التي يجب أن تظهر فيها إنصاف أمام الجمهور فما كان من بابا شكري إلا أن قفز إلى كوبس النور وأطفئ جميع الأنوار في نواحي التياترو ثم خرج وفي يده شمعة موقدة وقال «أعتذر لحضراتكم وأرجو السماح بربع ساعة فقط ربما يصلح العمال أسلاك النور فقد انقطع التيار فجأة»، وهنا جازت الحيلة فظل في هدوئه حتى أرسل من يأتي بإنصاف من على المقهى ، ثم أعاد الانارة وسارت دون أن يعرف الجمهور بالأمر.

بابا قاسم وجدي

ربما اشتهر الفنان قاسم وجدي بأنه كان ريجيسيرًا، ولأن الفنان محمد أنور أراد التقرب منه سمى نفسه أنور وجدي، لكن المجهول عن قاسم وجدي أنه كان بابا مسرح يوسف وهبي.

نشأ قاسم وجدي محبًا للتمثيل عاملاً في بعض الجمعيات والأندية إلى أن أنشىء رمسيس فانضم له كهاوٍ وظل يعمل به إلى أن رقي مديرًا لمسرح الفرقة فأظهر كفاءة عظيمة وقدرة على العمل مكنته من أن يكون محبوبًا من مدير الفرقة وبقية أفرادها.

بابا فلاديمير

على مستوى الفرق المسرحية التي تديرها سيدات فهناك فرقة فاطمة رشدي وكان يدير مسرحها محمد حسن علي والذي سُمِّي بـ فلاديمير، ولا أحد يعرف سبب تلك التسمية له.

اكتسب بابا فلاديمير حسن الإدارة من بابا شكري، لأنه كان تلميذًا له عندما كان مدير مسرح دار التمثيل العربي، وتنبأ له شكري بأنه سيكون مديرًا جيدًا وهو ما حدث لدرجة أنه عاقب فاطمة رشدي بتغريمها 50 قرش لمخالفة وقعت فيها وهي مديرة الفرقة.

إقرأ أيضا

الجاسوسية في عهد الرسول ولحظات من الدهشة

بابا إمام

أما مدير مسرح الماجستيك فهو إمام محمد حسن وقد كان فيها مضى من رجال العسكرية، ولحبه في الفن التحق به ممثلاً عبر خشبة مسرح الماجستيك، وكان رجلاً لا يقبل إهانة الفن مهما كان.

حدث مرة أن دعي شاهدًا أمام إحدى محاكم الأرياف الشرعية، والقاضي قام بتوجيه أوصاف لمهنة التمثيل اعتبرها إمام محمد حسن إهانةً له ولزملاءه فرد على القاضي ردًا قاسيًا لتحبسه المحكمة 24 ساعة بتهمة إهانة القضاء الشرعي وقال بعد خروجه «السجن أحب إليّ من أن تُهْدَر كرامة مهنتي في هذا المكان».