أخطاء الحلقة الأولى من مسلسل الضاحك الباكي “الغيطي يكرر أغلاطه”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تعرضت الحلقة الأولى من مسلسل الضاحك الباكي إلى طفولة الفنان الكبير نجيب الريحاني، حيث استعراض ملامح طفولته ورغبته في الفن، وانتهت الحلقة بوفاة والده.
فرقة الشيخ سلامة حجازي وعيد جلوس الخديوي .. القلعة جنب الأزبكية
خلال أول مشاهد الحلقة الأولى من مسلسل الضاحك الباكي، قام أحد العاملين لدى والد نجيب الريحاني بإخباره بعيد الجلوس الخديوي وأن فرقة الشيخ سلامة حجازي قامت بإحياء ليلة الحفل.
وبغض النظر عن أن المؤلف محمد الغيطي لم يحدد اسم الخديوي، لكنه الخديوي عباس حلمي الثاني، والخطأ هو الربط بين فرقة الشيخ سلامة حجازي وعيد الجلوس الخديوي.
لم يؤسس الشيخ سلامة حجازي فرقته المسرحية إلا عام 1905 م، وكان نجيب الريحاني عمره حينها 16 سنة، وهو سن الملتحق بالجامعة، بينما المسلسل يُظْهِره على أنه لا زال يدرس في التعليم الثانوي.
وللتاريخ فإن حفلات الجلوس الخديوي كانت تحييها الفرق المسرحية الشهيرة، وكان موضع سلامة حجازي قبل 1905 م مغنيًا في فرقة اسكندر فرح، وكانت الاحتفالات تقام بالأزبكية، فالصواب أن يقال اسم سلامة حجازي مع فرقة اسكندر فرح وليس اسم سلامة حجازي مع فرقته.
حالة غياب التواريخ
تعمد المؤلف محمد الغيطي أن يقوم بتجهيل التواريخ في العمل، إذ لا يتضح تاريخ الأحداث التي وقعت، وما هو سن نجيب الريحاني حينها، فقط اكتفى بأنه كان طفلاً.
ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن نجيب الريحاني نفسه في مذكراته لم يتعرض إلى فترة طفولته وصلته بأبيه، ولم يتناول ذكرياته في مدرسة الفرير باستثناء إعجاب أستاذه الشيخ بحر بإلقاءه.
اقرأ أيضًا
الضاحك الباكي .. دراما تأخرت ٣٠ عاما على الأقل
رغم ذلك فإنه يمكن تحديد زمن الحلقة من خلال عصر عباس حلمي الثاني مع ربطه باسم اسم البرنس حليم؛ وكان هذا خطأ تاريخيًا شديد الفجاجة وقع به صناع العمل.
الزج باسم البرنس حليم
ظهر اسم البرنس حليم في مشهد اتفاق مندوب عن وكيل دائرته لشراء 2 من خيول والد نجيب الريحاني تاجر الأحصنة، وهو الإتفاق الذي لم يتم أبدًا بسبب حرق الاصطبل.
لم يكن لقب البرنس يخص أحدًا من علية القوم في مصر إلا أبناء الأسرة العلوية، والوحيد الذي كان يحمل اسم البرنس حليم هو محمد عبدالحليم (اسم مركب، وجعله المصريين حليم تخفيفًا للنطق) نجل محمد علي باشا، وفي هذه الحالة فإن الخطأ يتمثل في عدم وجود البرنس حليم داخل مصر أصلاً لا في زمن الحلقة الأولى ولا حتى طوال عصر عباس حلمي الثاني.
دخل البرنس محمد حليم باشا في صراع سياسي مع الخديوي إسماعيل ونجله توفيق للسيطرة على حكم مصر، وانتهى هذا الصراع بقيام الثورة العرابية سنة 1881 م (قبل ميلاد الريحاني بـ 8 سنوات)، ودخول الاحتلال البريطاني مصر في العام التالي، ليغادر البرنس حليم الأراضي المصرية إلى الآستانة والتي بقي فيها حتى موته في يونيو 1894 م ودُفِن فيها.
دايرة البرنس حليم ومنطق غير مفهوم
أوقعنا المؤلف محمد الغيطي في حيرة خلال مشهد الاتفاق على الحصانين، فلا يُفْهَم هل من سيشتريهما البرنس حليم الذي أناب وكيل دائرته عنه، أم أن وكيل الدائرة هو من سيشتريهما لنفسه.
فإن كان حليم نفسه فقد تعرضنا سلفًا للخطأ، أما إن كان وكيل دائرته فهذا غير مفهوم أيضًا بسبب أن المؤلف يلمح إلى مدى صعوبة نقل الحصانين، وهنا مكمن الخطأ.
كان نجيب الريحاني يسكن في باب الشعرية، بينما تقع دائرة البرنس حليم في الأزبكية، والمسافة بين المكانين لم يكونا على مستوى البُعْد الجغرافي الصعب الذي يحول نقل الحصانين من باب الشعرية للأزبكية، ففي العموم الزج باسم البرنس حليم غير مفهوم.
عادته التي لم يشتريها
للسيناريست محمد الغيطي سوابق في ربط الأشياء التاريخية التي لا يمكن أن تتصل أبدًا، ومنها مثلاً أنه في مسلسل أدهم الشرقاوي جعل هناك صلة بين أدهم وبين المجاهد الليبي عمر المختار، إذ كان أدهم الشرقاوي كما يراه الغيطي أحد موردي السلاح للمجاهدين الليبيين ضد إيطاليا، حتى في الجُمَل الحوارية، فجملة انتو فاكريني كوريك، لا يمكن أن تقال على لسان عراقي داخل مصر قبل القرن العشرين
المراجع
- جريدة المؤيد – عدد 9 يناير 1900 م
- مجلة الكواكب – عدد 3 يونيو 1952 م
- مسيرة المسرح في مصر 1900 – 1935 م: فرق المسرح الغنائي – تأليف/ سيد علي إسماعيل
- دراسة أثرية فنية لشاهد الأمير حليم باشا في تركيا – مجلة جامعة قناة السويس، مجلد 22، عدد 3 – يونيو 2021 م
- مساعي الأمير حليم والخديوي إسماعيل من أجل عرش مصر أثناء الثورة العرابية، المجلة التاريخية المصرية، مجلد 30 و 31 – 1984 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال