عن مدرسة الدقهلية ومدرستي التي فرضت عباءة سوداء على المدرسات!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
صدمت صور طالبات مدرسة نشا الإعدادية بنات شريحة كبيرة من المجتمع المصري، وقد ارتدين الإسدال داخل المدرسة وهو زي لم نعهده في مصر ولا يرتبط أبدًا بالزي الدراسي.
وفوق أن للإسدال الذي نعرفه وقته وهو وقت الصلاة، فقد تلفحن بالسواد ومن ارتدين منهن لونًا مختلفًا كان اللون الكحلي ابن عم الأسود مباشرة.
فتصور أن ترى سحابة سوداء بطابور الصباح بمدرسة بنات واللاتي يجب أن يعبرن عن طبيعتهن بالرقة والجمال.
ولا نعلم بعد حوادث القتل التي تحدث والآن تفجير موضوع هذه المدرسة ماذا يحدث داخل الدقهلية بالضبط؟ ولكن لهذا السؤال إجابة عند علماء النفس وعلم الإجتماع إذا أرادوا دراسة المجتمع الصغير في الدقهلية.
وبالطبع سمعنا الأصوات الفارغة التي دائمًا تهاجم دون أن تسمع وتدافع عن الحجاب والاحتشام دون فهم، فمن هاجم هذا الزي لم يهاجم الحجاب ذاته ولا الاحتشام، ولكن هاجم هيئة لا تناسب اليوم الدراسي، وهاجم السواد الذي لا يناسبنا، بل علق البعض أن المشهد في حوش المدرسة يشبه اللبس الإيراني والذي فجر هناك كارثة مؤخرًا مع فرضه على الفتيات عنوة.
وهل بقية المحجبات في جميع مدارس مصر لا يرتدين الحجاب؟..فقد كنت محجبة في هذا السن وكنا نرتدي الجيبات والقمصان الملونة وطرحة بيضاء تسر الناظرين، لم نعهد أبدًا هذا السواد في مدارسنا.
ولا نعلم العقول التي ترسخ في عقول الفتيات أن ارتداء زيًا أسود وتعليقه بدبوس في الرأس ماذا تعلمهم داخل الفصول؟..وماذا يحشين رؤوسهم بجانب هذا الزي بدبوسه؟
ولكن هذا المشهد ذكرني بهم آخر يضحك عندما عملت كمدرسة في مدرستين تحت مسمى “مدارس إسلامية لغات” وكنت في هذا التوقيت ارتدي الحجاب وطرحة طويلة تغطي الصدر تشبه الخمار.
وقد فرضت إدارة المدرسة الحجاب على المدرسات جميعهن وكنا نتفاجىء أننا نأخذ درجات تقل وتزيد على درجة احتشام ملابسنا آخر عام بتقييم المدرسات!
وتخيل يا مؤمن فتاة ترتدي شبه خمار وقفازا لم يعطوها أبدًا الدرجة النهائية في الملبس، وكانوا يتلاعبون في هذه الخانة خصيصًا حتى لا يزيد المرتب بشكل كبير بعد التقييم الذي يرتفع بارتفاع درجة الاحتشام.
كنت حينها خريجة جديدة مغلوبة على أمرها مازالت تتعرف على الحياة والدنيا وتستكشف حتى نفسها، وكانت هذه الأمور تثير غيظي وتنشر الغضب بين المدرسات واللاتي كن يلاحظن تغاضي الإدارة عن ملابس فتيات ثانوي بقسم الأمركيان واللاتي كان لبسهن لا يليق فعلًا بزي مدرسي.
أقرأ أيضًا…المخبولون في الأرض…عندما اضطهدني مدير لرفضي التجسس على زملائي
تستعرض الفتيات المانيكير والملابس التي لا تمت بزي المدرسة بصلة، ولكن كانت تفوت الإدارة الإسلامية (الحِمشة ) من باب أن هؤلاء يدفعون آلاف ولا نستطيع معاقبتهم في التقييم النهائي، ولكن المدرسات تحت رحمتنا وارتدين الخمار ارتدينا الحجاب ارتدينا النقاب، نستطيع التلكك) لهن على المظهر).
وعملت بمدرسة أخرى صدمتني بعد أسابيع من العمل و قبل دخول التلاميذ المدرسة بالفصل الدراسي الجديد بأن علي شراء عباءة سوداء!..نعم يا عزيزي القارىء مثلما يحدث في مدرسة الدقهلية تمامًا.
أبدينا الاحتجاج وكنا مدرسات رياض الأطفال، وقلنا كيف يحب الطفل المدرسة وهو يصطدم برؤية هذا السواد على الصبح؟…و بأن كل المدرسات لا يعرفن الألوان، هو فقط اللون الأسود ما دخل قاموسهن وقاموس المدرسة.
فقيل لنا مسموح فقط تغيير لون الطرحة، ونحمد الله حتى هذه الحرية وهذا البراح!..
وأتذكر أن موضوع الزي للمدرسات كان يسبب هوسًا في هذه المدرسة إلى الحد الذي جعل مدرسة رأتني أرفع الجيبة أقل من شبر حتى أطلع سلالم المدرسة فقالت لي بمنتهى الصفاقة:
عجباكي رجليكي بتوريهلنا؟!
تصرف ليس له أي تفسير سوى الهوس وقلة الذوق، وتصور أن هذا التعليق نابع من مدرسة المفترض تربي أجيال.
ما يحدث في مدرسة الدقهلية مع الأسف يحدث بمدارس أخرى، ولكن ربما صدمنا المشهد لأنه طال الطالبات أنفسهن ولا نعلم متى ستنتهى موجة التشدد من أي طرف كان، وختامًا للعقول الضعيفة، لا يعجبنا العري يا سيدي ولا نحبه، ولكن خير الأمور الوسط.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال