توماس ناست .. رسام الكاريكاتير السياسي الذي رسم سانتا كلوز
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أيام قليلة وتمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والهواتف المحمولة بصورة ذلك العجوز المرح، ذو الشعر الأبيض بلون الثلج، والبطن الدائري الضخم، إنه سانتا كلوز، أو بابا نويل الذي يرتدي بدلة حمراء مزينة بصوف أبيض، الذي أصبح رمزًا لأعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية، حيث يقوم بلف العالم بعربته التي يقودها حيوان الرنة، ويقوم بتقديم الهدايا، لكن بابا نويل الذي نعرفه اليوم لم يكن مألوفًا قبل منتصف القرن التاسع عشر، إذن كيف تشكلت هذه الصورة الخاصة له؟.
متى ظهر سانتا كلوز؟
ربما يكون الرسام توماس ناست المولود عام 1840م، أشهر رسام كاريكاتير سياسي في أمريكا، فقد كان له الفضل في الارتباط البصري للحمير بالديمقراطيين والفيلة مع الجمهوريين، وقد أشاد به أبراهام لنكولن لدعمه للاتحاد في رسومه الكارتونية خلال الحرب الأهلية، لكن أحد الأجزاء الأخرى الأكثر ديمومة من إرث توماس ناست كرسام يأتي في شكل الشخصية الأكثر ارتباطًا بعيد الميلاد “سانتا كلوز”، والذي رسمه ناست لأول مرة في الثالث من يناير 1863م، ونُشر لأول مرة في مجلة هاربرز ويكلى، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 1886م، ساهم ناست برسوم توضيحية سنوية لسانتا في المجلة، وفي أثناء ذلك، فعل الكثير لتدعيم العديد من جوانب أسطورة سانتا في المخيلة الشعبية.
لماذا أحببنا تلك النسخة من سانتا كلوز؟
قبل ناست، غالبًا ما كان سانتا يرتدي زيًا دينيًا، وبدأ رسام الكاريكاتير في تغيير تلك الصورة، ونشر مظهره الجديد بالبدلة الحمراء التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، كما ابتكر صورة لسانتا ممتلئة الجسم بمعدة كبيرة، كما حدد له من خلال رسوماته، موقعًا يعيش فيه، فقد أوضح أن سانتا يعيش في القطب الشمالي، وقدم له أيضًا طاقمًا مفيدًا من الأقزام والمخلوقات السحرية، يعملون على مساعدته وخدمته، وعلى الرغم من أن رسوم ناست الكارتونية لم تنشأ فكرة الرنة الطائرة، إلا أن إدراجه للكائنات السحرية في رسوماته، ساعد البعض في إدراج المزيد من الحيوانات الخيالية، وشيئًا فشيئًا أصبحت نسخة ناست من سانتا هي الأكثر انتشارًا، حيث اعتمد الأشخاص الذين ابتكروا وباعوا بطاقات عيد الميلاد في سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر على صوره لإبداعاتهم الخاصة.
استخدام سانتا كلوز في السياسة واستقالة ناست
أصبح اهتمام ناست بالسياسة وسانتا أحيانًا متشابكًا، بالإضافة إلى أن أول رسم كاريكاتوري لشخصية سانتا، ظهرت وهو وسط الجنود، كان هناك العشرات من تلك الرسومات، وهناك واحدة بالأخص تعود إلى عام 1881م، وهي واحدة من أكثر الصور نفوذًا لسانتا كلوز، حيث يظهر مبتسمًا، وله لحية بيضاء كثيفة وطويلة، ويحمل معه مجموعة من الهدايا، بما في ذلك دمية ولعبة حصان، لكن الصورة حملت أيضًا نصًا فرعيًا، حيث كانت محملة برموز متعلقة بالجيش، وكان الغرض منها دعم حملة في ذلك الوقت لزيادة رواتب أولئك الذين يخدمون في الجيش والبحرية، وهكذا استغل ناست شخصيته السحرية لأغراض سياسية، وطوال فترة عمله في المجلة رسم ناست أكثر من 30 صورة لسانتا كلوز، معظمها كان يحمل رسائل سياسية، وبحلول عام 1886م، قدم ناست استقالته من المجلة، وكافح بعدها بشكل متزايد للعثور على عمل كفنان، واستغل المكانة التي كان يحظى بها وقتها بسبب ارتباطاته وقضاياه السياسية، فعينه ثيودور روزفلت كدبلوماسي في الإكوادور في عام 1902م، لكن للأسف، توفي ناست من الحمى الصفراء بعد بضعة أشهر فقط من وصوله إلى البلاد.
المصدر
(1)
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال