على من تبصقين يا نوال؟ .. قصة عنوان رواية فتح “النار” على نوال السعداوي
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كُلما ذُكر اسم الدكتورة والأديبة نوال السعداوي فلابد أن تجزم بأن هذا الاسم سيصحبه الكثير من اللغط والجدال والقيل والقال وغيرها ممن يعشقون كتاباتها والذين يعتبرنها نهج حياة كامل، ومن يريدون أن يفتكوا بهذا الاسم فتكًا حتى بعد وفاتها .. وتلك المرة نعود إلى الخلف، وتحديدًا إلى العام 1975 والذي نُشر فيه رواية “امرأة عند نقطة الصفر” لنوال السعدواي، وتُرجمت للألمانية تحت عنوان “أنا أبصق عليكم”، فكان الرد على هذا العنوان على صفحات مجلة “آخر ساعة” عن طريق مقال فتح بعدها الباب لنشر عديد من المقالات التي تهاجم الرواية من العنوان، وأشارت نوال السعداوي نفسها أن هذا العنوان جلب لها الكثير من الهجوم وقالت في حوار صحفي لموقع “قنطرة” : رواية “امرأة عند نقطة الصفر” – وهذا الكتاب مترجَم إلى اللغة الألمانية أيضاً. وقد تُرجِم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) قبل وقت طويل من سقوط جدار برلين. لكن الرواية باللغة الألمانية تحمل عنواناً تم اختياره اختياراً تعيساً للغاية، وهو: “أنا أبصُق عليكم!”. لقد تعجبت كثيراً وتساءلتُ: كيف بإمكان المحرر نشر شيء كهذا!. ثم هاجمني الأصوليون في مصر وسألوني: على مَن تبصقين يا نوال السعداوي؟ يبدو أن ثمة ميولاً في اللغة الألمانية للعناوين الصادمة !
وكان المقال الذي هاجم فيه الكاتب الصحفي المصري ، الأستاذ طارق فودة، “نائب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة المصرية” كُتب تحت هذا العنوان في المجلة الصادرة بتاريخ 4-9-1991، يقول فيه ما نصه :
المشي في شوارع فيينا متعة .. ورؤية نوافذ المكتبات أكثر متعة .. أما الدخول إلى عالم الكتب فيها فهذه قضية أخرى .. دنيا بكل معانيها .. حتى – المعاني الفاسدة فيها – ودائمًا ما تستهويني نوافذ المكتبات . إنها تقول لك ماذا تريد أوروبا، لا ماذا تقرأ .. أوروبا تريد حربًا ساخنة على أي شئ وكل شئ. تمامًا كما خرج الفاسق سلمان رشدي، المفروض أنه مسلم هندي بكتابه السافل .. ومسلمو الهند من أكثر المسلمين إيمانًا وتمسكًا بهذا الإيمان عندما خرج أحدهم بكلام فارغ، طبعًا يكون هذا ظاهرة والظواهر لها أو عليها إقبال في أوروبا .
في الصيف الماضي .. هز قلب أوروبا كتاب كتبته إحدى بنات الإسلام الخارجة من إيران – مطلقة تقول : “ليس بغير أبنتي” nich ohne meine tanchter بمعنى أنها لن تخرج دون ابنتها. لن تترك البلد .. لن تبتعد .. وقصة طويلة .. وبعد أن باع الكتاب عشرات الآلاف من النسخ، جاء زوجها إلى أوروبا واستضافه التليفزيون – لا أعرف إن كان الألماني أم النمساوي – تبين أن الرجل لم يمنع أبدًا عن ابنتيها، وإنما هي – الأم – التي خرجت عن طوع وعن تقاليد الأسرة والإسلام جميعًا .
صدمة عنيفة لعقل كل مصري، عندما يرى أسم الدكتورة نوال السعداوي على غلاف كتاب جديد بعنان : إنني أبصق عليكم ich spuck aufeuch ”
وغلاف عليه صورة باب مغلق بالضبة والمفتاح، وكلام عن نوال السعداوي وعظمتها .. المقصود هذا كتاب عن الإسلام . وكله ضد الإسلام وضد تقاليد الإسلام، التي تقول عنها هب – تكتب عنها هي – إن الرجل في الإسلام يحبس المرأة، إن الرجل هو .. وهو .. وهو .. وإن المرأة في الإسلام ضعيفة مسلوبة الإرادة والرغبة، ونسيت نوال السعداوي أن الإسلام هو الذي سوى بين المرأة والرجل . الإسلام هو الذي أنقذ المرة من الهلاك والوأد والمعرة، وسوء المصير ، والسيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنها كانت صاحبة أول صالون أدبي في الإسلام، وأن السيدة نفيسة رضي الله عنها هي إمامة الفتوى، وأن الإمام الشافعي كان ينقل عنها ويجلس في مجلسها .
أم أن السيدة نوال تريد حياة بنات أوروبا.. حياتهن يا نوال حيث العرايا على أغلفة المجلات والبنات في النوافذ لكل السكارى والمعربدين، وحيث تنتهك الحرمات تحت ظلال الشجر، وحيث يهجر الرجل أمرأته دون إذن ولا وازع من ضمير، وحيث تصنع الموضات لتعرية المرأة فتكشف عن مفاتنها، فلا تكون إلا أداة للجنس المستباح .. على من تبصقين يا نوال، أو من الذي يجب أن يبصق على من؟
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال