مغامرة مذهلة يقدمها “متحف تحت الماء” في مدينة أنطاليا التركية
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لمن لا يعرفها، أنطاليا واحدة من أهم المدن السياحية ليس في تركيا فقط بل في العالم. المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط تقع تحديدًا جنوب غربي تركيا، وعلى الرغم من شهرتها بالشواطئ الرملية الناعمة كواحدة من أهم المصايف أمام السكان المحليين، تشهد أيضًا كثافة سياحية عالية في الشتاء. منذ العصر الروماني مرورًا بالعثماني وحتى الجمهورية الحديثة جمعت أنطاليا بين آثار متنوعة ترضي جميع أذواق محبي التاريخ.
تمامًا كما أرضت أذواق محبي المغامرة والطبيعة بإتاحة تجربة فريدة من نوعها، لا تقدمها إلا أماكن محدودة حول العالم تعد على أصابع الأيدي. متحف سيدا في أنطاليا هو ثاني أكبر متحف تحت الماء على مستوى العالم، مكان فريد من نوعه، حيث يمكن للزوار الغطس ومشاهدة عشرات الأنواع من الكائنات البحرية، ومعها منحوتات أسطورية تستقر في أعماق البحر المتوسط.
منذ 2015 وحتى الآن جذب متحف سيدا إلى أنطاليا أكثر من 50 ألف سائح، شاركوا في تجربة مذهلة تتيح لهم ممارسة رياضة الغوص على أعماق تتراوح بين 12- 20 متر، مع الاستمتاع بمشاهدة متحف تحت الماء يضم 117 منحوتة تمثل ثقافات الأناضول بتنوعها. رمزيات عديدة يضمها المتحف في منحوتاته؛ بداية من الحضارة الرومانية، وحتى الثقافة الصوفية التي قامت عليها الدولة العثمانية، إضافةً إلى حروب الاستقلال وعصر تأسيس الجمهورية. ولم ينسى متحف سيدا تخليد ذكرى اللاجئين السوريين الذين غرقوا في مياه البحر المتوسط؛ هربًا من الحرب في بلادهم وأملًا في حياة جديدة خلف الفضاء الأزرق الذي ألقوا بأرواحهم إليه.
من الميثولوجيا الإغريقية وحتى الجمهورية الحديثة..
أحد أهم المواضيع التي تركز عليها المنحوتات المعروضة تحت مياه أنطاليا في متحف سيدا هي حروب الاستقلال، الملحمة التي خاضها الجيش التركي بقيادة مصطفى كمال أتاتورك بعد نهاية الحرب العالمية الأولى على عدة جبهات للتصدي إلى محاولات تقسيم الأناضول بين الحلفاء. كما ضمت أعمالًا أخرى تمثل معركة چناق قلعه التي خاضها العثمانيون ضد قوات دول الحلفاء التي حاولت احتلال إسطنبول عام 1915 م، ووقعت تحديدًا في شبه جزيرة غاليبولي الذراع الأعلى من مضيق الدردنيل.
كما يضم المتحف منحوتة لمعبد أبولو- إله النور والتنبؤات في الميثولوجيا الإغريقية-، وتمثال ضخم يزن 50 طنًا لبوسيدون إله البحر.
يمثل التصوف جزء كبير من الثقافة التركية المعتزة بالتكايا والزوايا المفتوحة حتى يومنا هذا؛ لذا لم يكن من الغريب أن يضم المتحف منحوتة لمولانا جلال الدين الرومي أبو التصوف والدراويش متحلقين حوله في دائرة. وعلى الرغم من أن جلال الدين الرومي لم يكن تركي الأصل، إلا أنه يحظى باحترام كبير في الأناضول ولتعاليمه أتباع حتى الآن.
ولأنها كانت مركزًا تجاريًا تنطلق منه القوافل التجارية في عصر مضى، اشتمل المتحف على تمثال للجمال التي كانت تستخدم في تلك الرحلات التي جعلت أنطاليا مدينة استراتيجية على مر العصور.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال