شاعر الإنسانية.. كريم العراقي في سماء الحرية
[video src="https://twitter.com/razaq61/status/1697501518893666568"]
“لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبُهُ … لا يؤلم الجرح إلا من به ألمُ”… شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاسِ مَنْقَصَةٌ … وَمَنْ مِنَ النَّاسِ صَاحٍ مَا بِهِ سَقَمُ.. قالها الشاعر كريم العراقي وكأنها تعبر عن الآلام التي شعر بها بسبب إصابته بمرض السرطان الذي توغل إلى جسده مستغلًا فرصة الضعف الذي ينتابه في الآونة الأخيرة لفرض سيطرته عليه ويعلن الأنتصار، بوفاة شاعر الإنسانية، لترفع الأقلام وتجف الصحف وتطوى الصفحة الأخيرة في تاريخ الشاعر الراحل.
في الساعات الآخيرة كان كافة مواقع التواصل الاجتماعي عبارة عن سرادق عزاء لنعي وتلقي العزاء في وفاة شاعر الإنسانية التي وافته المنية في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة بعد صراع مع السرطان دام لأربعة سنوات، بعد أن حاول الراحل جاهدًا التغلب عليه إلا أن قدر الله فاق كل شيء.
أعلن عن خبر الوفاة مستشار رئيس الوزراء العراقي للشئون الثقافية عارف الساعدي، حيث كتب عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “أنعي لكم الشاعر كريم العراقي الذي رحل فجر هذا اليوم في أبوظبي”
شاعر الإنسانية
لم يكن الشاعر الراحل الذي توفى عن عمر يناهز الـ 68 عامًا، مجرد شاعر أنجبته العراقي، بل كان شاعرًا له بصمة مختلفة لم يتركها في العراق فقد، بل أصبحت في جميع الدول العربية، بسبب تعاونه مع العديد من الفنانين في مختلف البلدان، ومشاعره الصادقة معهم وانتمائه لوطنه وإثارة شعور الحماس في قلب شعبه أثناء الحرب التي شهدتها العراق في فترة التسعينات من خلال كتابة القصائد الوطنية.
ولعل أشهر القصائد التي كتبها ولا تزال محفورة بماء من الذهب في عقل كل محبيه وخاصة الشعب العراقي، أغنية “الشمس شمسي والعراق عراقي” التي كتبها في فترة الحصار الاقتصادي على العراق في تسعينات القرن الماضي، بصوت الملحن الغنائي العراقي جعفر الخفاف.
اختلاف البدايات
كانت بداية الشاعر كريم العراقي الذي ولد في منطقة الشاكرية كرادة مريم في بغداد في العام 1955، مختلفة بعض الشيء إذ ظهر نبوغه وهو في المرحلة الابتدائية مع حبه الشديد للثقافة والأب، ليكتب في عدد من المجالات العراقية منها مجلة المتفرج، والراصد، والإذاعة والتلفزيون، وابن البلد، ووعي العمال ومجلة الشباب.
حصل الشاعر الراحل كريم العراقي، على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من
معهد المعلمين في بغداد، عمل معلمًا في مدارس بغداد لعدة سنوات ثم عمل مشرفًا متخصصًا في كتابة الأوبريت المدرسي.
كانت الانطلاقة الأولى له في العام 1974 عندما كتب أغنيتين للأطفال وهما “الشميسة ويا خالة يالخياطة” وكان في المرحلة المتوسطة، ثم قدم العديد من الأعمال الناجحة وهي “تهانينا يا أيام” لصلاح عبد الغفور وغيرها.
بدأت علاقة “العراقي” بكاظم الساهر الذي ينعيه دائمًا برفيق الدرب في العام 1987 في أثناء الخدمة العسكرية، وكانت أول أغنية في مسلسل “شجاهه الناس” ومن ألحان الخفاف و”ناس وناس” و”معلم على الصدمات قلبي” و”افرح ولا تحرموني منه” حيث كتب له أكثر من 70 أغنية.
كانت الانطلاقة الحقيقية لشاعر الإنسانية مع كاظم الساهر في مصر، ومن خلال وجوده في القاهرة ثم التعامل مع الفنانين العرب ديانا حداد ـ فضل شاكر ـ عمر العبداللات ـ سميرة سعيد -محمد منير – هاني شاكر ـ اصالة نصري ـ صابر الرباعي ـ وآخرين، وكذلك لمطربين عراقيين منهم رضا الخياط – ماجد المهندس ـ عادل مختار ـ رضا العبد الله.
أنتج أول كاست له في العام 2005، لشركة روتانا بعنوان “دللول” توضح حبه للعراق مع عزف منفرد للعود، كما أن له العديد من المؤلفات المسرحية والدواوين الشعرية.
في العام 2019 حصل “العراقي” على جائزة الملك فيصل العالمية، كما حصل من منظمة اليونيسف عام 1997 على جائزة أفضل أغنية إنسانية، عن قصيدة “تذكر” التي قدمها الساهر، والتي سلطت الضوء على معاناة أطفال العراق بسبب الحصار.
نهاية الم
قبل 4 أعوام أصيب كريم العراقي، بمرض السرطان، وخضع إلى أكثر من 25 عملية جراحية، وأكثر من 90 جرعة كيماوي، ورغم ذلك لم تضعف عزيمته وظلت الابتسامة مصاحبة وجه، وهذا ما أوضحه المنشور الذي نشره نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في بغداد، عبدالرزاق الربيعي، عبر حسابه الشخص على موقع “إكس” تويتر سابقًا، حيث نشر صورتين للشاعر الراحل قبل أول جرعة كيماوي وقبل أخر جرعة الكيماوي والذي يوضح الاختلاف الكبير بين الصورتين بسبب فقدان الوزن نتيجة المرض لكنهما متشابهتين في الاحتفاظ بالابتسامة.
وداعًا شاعر الإنسانية.. وداعًا كريم العراقي