همتك نعدل الكفة
293   مشاهدة  

حمزة نمرة ورحلة مشروع أفلت من فخ التسليع

حمزة نمرة
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



لفترة طويلة تم تصنيف مشروع حمزة نمرة الغنائي على أنه يندرج تحت فئة الفن الجاد الملتزم، دون أن يكون هناك تعريف واضح للفن الجاد في العموم، ويبدو أن من وضعه في هذا التصنيف أراد منح تجربته تميزًا لا تحتاجه من الأساس، لأنه ومنذ الإطلالة الأولى في ألبوم “أحلم معايا” نلمح اختلافًا جذريًا عما يقدم في سوق الغناء المصري.

مر المشروع بعدة منعطفات بداية من “أحلم معايا” والذي كان محاكاة لبعض التجارب الغنائية السابقة بداية من سيد درويش” حتى جيل الوسط “محمد منير، على الحجار، أحمد منيب” بأغنيته البديلة التي لا تتبنى خطابًا عاطفيًا في المقام الأول وتلجأ إلي المضامين الإنسانية والإجتماعية أكثر، ثم تأثر بثورة يناير في ألبومه الثاني “إنسان” ثم انطلق يعلق على الواقع  السياسي وحالة الاستقطاب التي عاشتها البلاد بخطاب حمل بعض الاسقاطات في ألبومه الثالث “أسمعني” ثم استسلم في النهاية إلى الواقع المأساوي في “هطير من تاني” والذي ظهرت فيه أغنيته “داري يا قلبي” أشهر أغنياته على الإطلاق والتي عدلت من تصنيفه من الفنان الملتزم إلي الفنان الدرامي الذي يعبر عن الواقع بكآبة وتناول سوداوي لا يحمل أي بذرة أمل.

YouTube player

وسط كل هذا المشروع المتماسك فنيًا على الأقل خرج حمزة ليتمرد عليه في تجربة “ريميكس” على شاشة تليفزيون العربي التي أعاد فيها تقديم الفلكلور بشكل عصري وكان أهم إطلاله له على الإطلاق حيث جذب إليه جمهورًا جديدًا والغريب أنه لم ينل رضا بعضًا من جمهور الأصلي.

واصل حمزة تمرده في ألبوم “مولود سنة 80” والذي عبر فيه عن أزمات جيل مواليد الثمانينات دون المتاجرة بحالة النوستالجيا التي تسيطر على الميديا ومواقع التواصل الإجتماعي حاليًا نجح فيه أغنية “فاضي شوية” التي حققت نجاحًا فاق نجاح “داري يا قلبي” وظلت تريندًا لشهور طويلة مع تضمين الألبوم بمشروعًا شعبيًا كان درسًا في كيفية صناعة اغنية شعبية دون الارتكان إلى ايفيه مبتذل أو تناول موسيقي بأصوات إليكترونية مزعجة، ثم أخذ استراحة محارب في ألبوم “حمزة Lounge” والذي كان عبارة عن توزيعات سابقة لبعض أغانيه على طريقة التخت الشرقي دون أن يضع صوته عليها.

يكاد يكون حمزة نمرة الوحيد حاليًا في سوق الغناء الذي يملك مشروعًا خاصًا به لا يغني غناء عاطفيًا هو أمر تحفظت عليه بعض الأقلام وبعض الأراء التي تلمح بأنه يرى في الغناء العاطفي شبهة تحريم وهو تصريح لم نسمعه من حمزة لا من قبل ولا من بعد ولا يعيبه بالمرة أنه لا يغني غناء عاطفيًا مثلما لا يعيب أي مطرب عاطفي عدم غناء أغنيات ذات مضامين إنسانية قد لا يجيد فيها ثم أنه سبق وأن احتك بالأغاني العاطفية في برنامج “ريميكس” والذي لم يحصره في أغاني ذات سمات معينة كي تطابق مشروعه.

YouTube player

احتفاظ حمزة باستقلالية مشروعه الغنائي وسيطرته عليه بالكامل جعلته مشروعًا عصي على التسليع، لا تتحكم فيه شركة إنتاج تفرض عليه لونًا غنائيًا معينًا، أو شركة علاقات عامة تجبره على إرتداء أزياء محددة أو يظهر بمظهر صادم حتى يجعل من نفسه حديث مواقع التواصل الإجتماعي مثلما فعلت مع بعض مطربي الراب والتراب المتخصصين في إثارة الجدل بتلك الأساليب، بل كسر حمزة كل هذا وصعد إلى الترند بأغنيات ألبومه الأخير “رايق” والذي واصل فيه فضح زيف التجارب الفنية الحالية حيث لازالت أغنياته تحصد مشاهدات وتثير الجدل فنيًا في ظل وسط غنائي يبحث عن قطف ثمار الترندات سريعًا ثم البحث عن تريند أخر وتصنع أغنيات لا تستمر أكثر من أسبوع.

في ألبومه الأخير أطلق حمزة 13 أغنية تفاوتت في المستوى مع تألق للشاعر محمود فاروق الذي كتب أغلب الأغنيات و نلمح فيه تطوير وتنويع في الألحان سواء منه واحتفاظه ببصمته الخاصة أو من الملحن أندريا مينا الذي شاركه بعض الألحان ومنها أغنية “مش سليم” التي تعتبر من أفضل أغنيات الألبوم وإن وقع في فخ محاكاة بعض أغاني المهرجانات في أغاني “أنا الطيب وعالم كدابة” .

YouTube player

 استحوذت أغنية “رياح الحياة” على النجاح الأكبر وظلمت بمقارنتها بأغنية “فاضي شوية” رغم اختلاف الأفكار وتطور الأمر إلى اتهامه بتصدير الكأبة لنا وأنه لا يجيد سوى اللطم والكربلائيات في أغانيه على العكس من الثناء التي تلقاه تجارب شبيهة في الغناء العاطفي لدرجة جمعهم في حفل تحت عنوان “ليلة الدموع” وبعد أن سبق وتم اتهامه مرارًا بأنه يحمل ايدلوجية سياسية تتبع جماعة دينية معروفة.

إقرأ أيضا
وبينا معاد

مرايات حمزة نمرة وسياسة الكيل بمكيالين

في النهاية كسر حمزة في البوم رايق قواعد سوق الغناء التي تلهث خلف التريند ونجح في أن يجبر الجميع على التفاعل مع ألبومه الذي أصبح واحد من أهم الأحداث الفنية في السنة وصعد إلي قمة الاستماع على العديد من المنصات الموسيقية وأثبت أن احتفاظه بسمات تجربته الفنية أفلته من الوقوع في فخ التسليع وأن هناك فارقًا ضخمًا بين من يصنع أغاني كي تنسى في ظرف أيام ومن يصنع أغنيات كي تعيش وتبقى في ذاكرة المستمع طويلًا.

الكاتب

  • حمزة نمرة محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان