كيف عاش مواليد الثمانينيات انتصار أكتوبر ؟
-
حاتم سعيد
كاتب ومؤلف مسرحي
كاتب نجم جديد
يحتفل جميع المصريون هذا العام بمرور نصف قرن على انتصار أكتوبر العظيم وتحرير الأراضي المصرية، خمسون عامًا مروا على مصر والمصريين وكل يوم يشعرون بهذا الإنتصار والفخر العظيم الذي مازلنا حتى الأن نسرد بطولات صانعيه من أبناء الشعب المصري على الرغم من ميلاد عدد من الأجيال التي وُلدت عقب ذلك النصر، ولكن صدقني حقًا صديقي القارئ نحن مواليد الثمانينيات من وُلدنا بعد مرور عشر سنوات وأكثر على إنتصار أكتوبر كُنا شاهدين وعاشيناه أيضًا.
لا يوجد بكل عائلة مصرية بطل أو أكثر ممن عبروا القناة وسردوا لأبنائهم قصة انتصار أكتوبر
حينما كُنا أطفالًا من النادر أن تجد عائلة لا يكون فيها بطل أو أكثر ممن عبروا القناة وساهموا في إنتصار أكتوبر العظيم، وهؤلاء كانوا دومًا ما يسردون أمامنا وأمام كل طفل حكايات الحرب وحينما نستمع يبدأ خيالنا في نسج تلك المعركة بكافة تفاصيلها مستعينين بذلك مما درسناه وما نشاهدوا بأفلام حرب أكتوبر بالتلفزيون.
وبالطبع كان شيئًا أساسيًا نحن أبناء هذا الجيل حينما نُريد اللعب كانت أشهر لعبة لدينا هي (العساكر” وهي تماثيل صغيرة مصنوعة من البلاستيك على هيئة جنود يحملون أسلحة كانت منتشرة بفترتي الثمانينيات والتسعينيات، وكُنا جميعًا نُمارس تلك اللعبة المفضلة وبالطبع نُطبق حرب أكتوبر من خلالها بخيالنا.
بالمدرسة الحكومية رسمنا وكتبنا عن انتصار أكتوبر
وحينما نعود إلى سنوات الدراسة الأولى بالمرحلة الإبتدائية تلك الفترة التي كان الجميع يشبه بعضه البعض ولم يكُن هناك تلك الإختلافات الإجتماعية التي نراها الأن، فكُنا جميعًا أبناء الطبقة المتوسطة تلاميذًا بالمدارس الحكومية، وحينما نحضر حصة الرسم التي كانت تأتي مرة أسبوعيًا (لا أعلم مازالت مستمرة بمدارسنا حتى الان أم لا !) دومًا ما كُنا نرسم بالطبع حرب أكتوبر بكراسة الرسم والصورة الشهيرة بذاكرتنا لذلك الجندي الذي يعتلي القمة ويحمل بيده علم مصر.
وبالطبع حينما كان يأتي (موضوع التعبير) بمادة اللغة العربية سواء في الحصة الدراسية أو لإجتياز الإختبار يكون الموضوع الأساسي الذي نكتب عنه هو إنتصار أكتوبر العظيم، وصولًا إلى الرحلات المدرسية والتي كانت تتنوع ما بين مدينة الملاهي والمتاحف ولكن يظل أهم رحلة وزيارة حقيقية هي “بانوراما حرب أكتوبر” والتي لا أعتقد بأن أحدًا من جيلنا لم يزورها حينما كان طفلًا ونشاهد بها تفاصيل الحرب والإنتصار على العدول الإسرائيلي وكيف إستطاع أبطال وشباب مصر أن يردوا أرضهم، وبالطبع ساهم بمعايشتنا لكل تفاصيل تلك الفترة عدد كبير من الأفلام والأغنيات التي ظلت مطبوعة بذاكرتنا حتى الأن.
بالفعل كُنا جيل كل ما حولنا جعلنا نُدرك ونعيش أدق تفاصيل حرب أكتوبر والنصر العظيم وحتى حينما كبرنا بسنوات الشباب الأولى وعرفنا طريق الكتب والمكتبات كان أول ما يجذب إنتباهنا هو القرأة عن تلك الفترة وقرأة مذكرات كل من شارك بها، زُرع بداخلنا حب الوطن الحقيقي وقيمة الأرض والعزة والشرف الحقيقي وعرفنا عدونا أيضًا.
ومع ذكرى الإحتفال بذلك النصر هذا العام وذكرياتي معه أطل سؤال برأسي كيف يرى الجيل الجديد من الشباب و الأصغر منهم سنًا هذا النصر وحرب أكتوبر بشكل عام ؟ أعتقد لا خوف عليهم من النسيان أو عدم الإهتمام بالرغم من هذا الزمن الذي نعيشه وتتبدل به كل الأشياء ولكنهم لديهم أدواتهم وعقلهم وخبرتهم المختلفة التي حتمًا يعرفون بها كل شئ ولو بطريقة مختلفة عنا لأن الثوابت لا تتغير هذا ما تعلمناه من الحياة ومن تلك الثوابت أن يظل يوم السادس من أكتوبر من كل عام هو يوم الفرحة والسعادة والعزة لكل مصري وعربي.
الكاتب
-
حاتم سعيد
كاتب ومؤلف مسرحي
كاتب نجم جديد