أحفاد الزيتون.. بصيص أمل لأطفال غزة النازحين
كانت للحرب في غزة نتائج أسوأ ما يكون، قتل أطفال ونساء وشيوخ ورجال، هدم منازل، اقتحام مستشفيات، هدم المدارس والجامعات بهدف تجهيل أجيال من الفلسطنيين، خطط درستها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وسياسة ممنهجة أقل ما يوصف عنها بأنها تجردد من الإنسانية.
أحلام أطفال تتبعثر أمامهم قبل أن تحقق، يديهم مقيدة لا يعرفون ماذا يفعلون، فجهودهم في منع الاحتلال الإسرائيلي في استكمال مسلسله الإجرامي لا تجدي بنفع، ليقفوا عاجزين منتظرين أن يحدث شيئ يصلح ما أفسدته الاحتلال.
وفقًا لتقرير صادر عن منظمات غير حكومية بالإستناد إلى صور للأقمار الصناعية، فقد توقفت الدراسة في قطاع غزة بعد حرب السابع من أكتوبر الماضي، حيث تعرضت 67% من المدارس لضربات مباشرة.
ونحو نصف سكان قطاع غزة تحت سن الـ 18 عامًا. ويقول ديفيد سكينر من منظمة أنقذوا الأطفال:”إعادة بناء المدارس أمر معقد للغاية.. لكنه أكثر بساطة من إعادة التأهيل على التعليم”
ومع رؤية تلك الأحلام في التلاشي، خطرت على بال إسراء فكرة مبادرة تحت اسم “أحفاد الزيتون” تنتشل أطفال غزة المتواجدين داخل مصر من واقعهم الأليم في محاولة لأخد أيديهم نحو طريق تحقيق أحلامهم ولو بجزء بسيط.
أمل وبداية جديدة
إسراء الفتاة الحاصلة على الجنستين المصرية والكندية، وعاشت في كندا منذ صغرها، وتخرجت من جامعة كارلتون بتخصص مزودج تسويق ونظم معلومات، عاشت حياتها في كندا وعملت هناك، حتى بداية جائحة كورونا وكانت بداية التفكير في السفر إلى مصر للعيش هناك، لكن الحرب في غزة جعلتها تتخذ القرار.
تقول لـ “الميزان“:”لما أحداث غزة بدأت قررت ارجع مصر، حسيت إني مش في المكان الصح وسط مجتمع غربي في مكان حكومته وفلوس الضرايب بتاعتي بتأييد اللي بيحصل في أخواتي في غزة.. حسيت إني عايزة أبقى في بلدي المكان اللي اقدر أساعد فيه أخواتي في غزة مع الناس اللي عندها نفس القيم والثقافة بتاعتي”.
عندما بدأت أحداث غزة، كان الآلام التي تشعر بها “إسراء” قد تضاعفت بعد استشهاد ذوي بعض أصدقائها في تلك الحرب، لذلك قررت العودة إلى مصر للمساعدة بأي وسيلة كانت لأهالي غزة.
بعد العودة إلى مصر، قابلت “إسراء” عائلات مختلفة من الفلسطينين النازحين إلى مصر، قضت معهم بعض الوقت وعلمت بالمشكلات التي يعانون منها وكانت إحداها التعليم، خاصة بعدما تسببت الحرب في ضياع العام الدراسي على أطفالهم في غزة، ومن يرغب منهم في الدخول في المدارس المصرية يجد صعوبة في تدبير أموالها نظرًا إلى أن المدارس الخاصة فقط هي من تقبل غير المصريين، لذلك قررت “إسراء” تدشين مباردة تعليمية تساعدهم في تحصيل ما فاتهم من الدراسة.
المبادرة التي أطلقتها “إسراء” وتحمل اسم “أحفاد الزيتون” لا تستبدل الدور التي تقوم به المدارس ولا تحل محلها، ولكنها تعمل على مساعدة الأطفال في التعليم في الوقت الحالي مع توفير بيئة شاملة للأطفال لينموا ويتعلموا ويتعافوا من الصدمات التي تعرضوا لها خلال الحرب بمساعدة عدد من المتطوعين من الأطباء والمتخصصين والخبراء في مختلف المجالات والذين رحبوا بتلك المبادرة.
أهداف متعددة
وتقول إسراء ليس هدف مبادرة أحفاد الزيتون هو التعليم فقط بل التعافي الجسدي والنفسي الذي تعرض له الأطفال خلال فترة تواجدهم في الحرب فضلًا عن ركن النمو:”التعافي ركن من أركان تلك المبادرة مع وجود معالجين مختصين تشرف على حالات الأطفال ومعرفة احتياجتهم سواء الجسدي أو النفسي.. وركن النمو هيكون من ناحية البيئة تجعلهم مُرتاحين وتساعدهم على الخروج من الأوضاع التي عاشوها بداخل القطاع وتساعدهم على النمو الفكري والذكاء العاطفي والمعرفة”.
عرضت الأعمال العدائية في غزة الأطفال لحوادث صادمة للغاية مع حرمانهم من خيارات مساعدتهم على التأقلم، لم يكن هناك مكان آمن ولا إحساس بالأمان ولا روتين معتاد حيث نزح الآلاف من منازلهم، كما يعاني مقدمو الرعاية الذين يعانون من ضغوطاتهم الخاصة من صعوبة مساعدة الأطفال على التأقلم مع ردود الفعل العاطفية الساحقة النموذجية للشباب الذين تعرضوا للعنف.
وفي ظل الظروف الراهنة في غزة ، يعاني الأطفال من مجموعة كاملة من علامات وأعراض الصدمة بما في ذلك القلق والخوف والقلق على سلامتهم وسلام أحبائهم والكوابيس والذكريات المزعجة والأرق
وكبت المشاعر والانسحاب من أحبائهم.
والصدمة التي تسبب تلك الأعراض مستمرة ولا هوادة فيها وتتفاقم يوما بعد يوم، حتى بعد قدومهم إلى مصر لا يزال الأطفال يعانون من تلك الأعراض حيث يتأثرون بأصوات الطائرات التي تحلق من المطار ويشعرون بعدم الأمان ويفقدون الرغبة في التعلم والتفاعل مع الأطفال الآخرين وما إلى ذلك تلك الصدمة مستمرة.
إقرأ أيضًا.. الطفولة في غزة.. حياة على حافة الموت