كيف نجيب على أسئلة الأطفال الحرجة بشأن السماء والغيوب؟

طوال الوقت يسأل الأطفال أسئلة حرجة بشأن الموت والحياة والله والملائكة والشيطان والجنة والنار.

تبدأ أسئلة الأطفال من سن الخامسة تقريبًا حيث يكون الطفل من هؤلاء تلقى شيئًا بسيطًا للغاية من الدين في الحضانة والبيت، لكنه كاف لإثارة فضوله عن العالم الغيبي، وبدءًا من السابعة بالذات، بعد دخول المدرسة، تكون الأسئلة أكثر كثافة، ويظل مندفقًا هكذا إلى نهايات سن الطفولة، قبل أن تبدأ المراهقة بأسئلتها المتطورة قليلا، ويحتاج الطفل إلى أجوبة حاسمة على كل أسئلته، وغالبًا ما يحتار الكبار في الردود؛ لأنهم إما لا يعرفون الأجوبة أصلاً، وإما يعرفون الأجوبة، أو بعضها، ولا يعرفون كيفية إيصالها إلى عقول الأطفال.

لماذا تنتهي الحياة فجأة يا أبي؟ هل هناك شيء أكرم لنا من هذه الحفرة التي اسمها القبر والتي يلقوننا بها للمجهول في آخر المطاف؟ من الله تحديدًا؟ هل خلق نفسه بنفسه كما يقول المعلمون والناس؟ كيف فعل ذلك؟ هل له أعضاء كأعضائنا؟ هل له أسرة؟ أين كان ابتداء؟ هل يأكل ويشرب ويتنفس؟ ما الملائكة يا أمي؟ لماذا لا يظهرون ويساعدون الناس في المحن ما داموا طيبين؟ لماذا أراد الله للشيطان أن يكون ملعونًا للأبد؟ هل الجنة والنار حقيقتان؟ أفي الجنة ملاه ومسابح حقا وفي النار أشباح وثعابين؟.

اقرأ أيضًا 
أنا جيت منين؟.. الإجابات المنطقية للأسئلة المحرجة التي يستفسر عنها أطفالنا

سيل من أسئلة الأطفال على هذه الشاكلة، ومن الخطأ أن ينهر الكبير الصغير، قائلاً له: دع عنك مثل هذا يا صغيري، أو ما شابه، وطالما يحدث الأمر للأسف، وتكون النتيجة أن الأسئلة تكبر بداخل الصغار، تكبر مكتومة، إلى أن تجد فرصة للانفجار، وقد يكون انفجارًا غير طبيعي بالمرة، وعلى الكبير الذي يبلغه الأمر حينئذ ألا يلوم سوى نفسه!

الواجب الاهتمام بالصغار وشواغلهم؛ فهذه مرحلة أولية يتشكل من خلالها الإنسان، ولو جرى إهمالها فالخطر كامن فيما يأتي من الزمان حتمًا، والواجب أن نعرف كيف نجيب عن الأسئلة المطروحة علينا، حتى لو لم نكن نملك ما يرضي الصغار ويشبعهم؛ فقليلاً ما يرضون ويشبعون، لغتنا لا بد أن تكون بسيطة وسلسة بحيث يفهمون مراميها، ومن التعقيد المذموم الذي يظنه بعضنا حسنًا أن نكلمهم بالفصحى التي يتكلم بها رجال الدين فنشتتهم وراء اللغة معتقدين أننا نجمعهم في إجابة معينة.

ربما كان من المفيد أحيانًا أن نصرفهم عن السؤال بحقيقة تتعلق به؛ كأن يسأل صغير: لماذا جئنا إلى الحياة ما دمنا سنموت؟ فنقول له: علينا أن نستثمر كل دقيقة لنا في الحياة استثمارًا رائعًا ما دمنا راحلين في النهاية، ليس علينا أن نفكر  في الموت لأننا ههنا في الحياة، الموت سيأتي بالضرورة، ولكن الحياة يمكن أن تذهب ما لم نلتفت إليها ونقبل عليها.. (مثل هذا القول بالضبط)

إقرأ أيضا

رحلة عمرو دياب من الهوس بالنجاح إلى الهوس بالذات (1)

لو ظهر الكبير أمام الصغير بمظهر المضطرب غير الواثق لأورثه خوفًا رهيبًا لا محالة؛ إنما يسأله الصغير لائذا به ومرتميًا في أحضانه، وعلى هذا يتوجب على الكبير أن يحتويه ويأخذ بيديه إلى نور ينشده، بدون كذب أو خداع، ولو تاهت الأجوبة فالكتب موجودة والبرامج المتخصصة موجودة، يمكن تأجيل النقاش بطريقة لطيفة، والعودة إليهما واستخراج الأجوبة السليمة.

أخيرًا.. لا يصح الاستعلاء على الصغار، ولا يصح أن نعاملهم معاملة لا تليق ببراءتهم ولا نفوسهم الذكية ولا تطلعهم إلى المعارف، والصحيح تفهم حالتهم المستفسرة وقراءة ما خلفها لو أمكن، ثم التفاعل معهم بإيجابية كاملة، ومن أفضل الطرق التي تربط الصغار بالكبار ربطا محكما، طريقة اللعب، أي أن يتوخى الكبير أن يقدم ما لديه للصغير كأنه يلاعبه لعبة يحبها؛ فلعبة تضم شيئًا جادًّا محبذة عند الصغار بالتأكيد، وليس من الحكمة أن يقدم كبير لصغير دواء مرًا بالإرغام، ولكن بوضعه، مثلا، في ملعقة على شكل يغريه ويجذبه ويجعله متقبلاً، صغارنا اليوم هم كبارنا غدًا، وبأيدينا أن نجعل مستقبلهم مشرقًا، وبأيدينا أن نجعله مظلمًا، والحلول يسيرة.