أليكس مارتن.. “ثقب في معدته” جعله” فأر تجارب” لسنوات
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مع بدايات القرن التاسع عشر، كان الأطباء قد توصلوا إلى اكتمال أبحاثهم حول تشريح الجثث، ومعرفة خبايا الجسد البشري، ولكنهم لم يروا أبدًا كيف تعمل تلك الأجهزة داخل الجسد الحي، فقد كانت العمليات الجراحية آنذاك محدودة وسريعة للغاية، فلم يتمكن أي شخص من معرفة طبيعة عمل الأجهزة الحيوية داخل الجسد الحي، إلى أن أُصيب أليكس مارتن بطلق ناري في بطنه، ومن هنا حدثت الثورة الطبية العظيمة، التي غيرت وأوضحت مفاهيم طبية كثيرة، ولكنها تسببت في إخضاع مارتن للتجارب القاسية لمدة عشر سنوات كاملة.
ويليام بومونت
ويليام بومونت هو طبيب جراح، كان يعمل في الجيش الأمريكي تحديدًا في جزيرة ماكيناك، وفي يوم من أيام عام 1822م، تم استدعاءه على وجه السرعة لمعالجة شاب صياد ورحالة أُصيب بعيار ناري في معدته، كان هذا الشاب هو الرحالة الكندي أليكس سانت مارتن، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك ثمانية وعشرون عامًا فقط، وكان أليكس في رحلة صيد تابعة لشركته، عندما أصيب بطلق ناري من بندقية صيد بط عن طريق الخطأ، وتسببت الرصاصة في كسر ضلعين، وإتلاف الرئة اليسرى، وإحداث ثقب في معدة الشاب المسكين.
كانت حالة أليكس متدهورة للغاية، وكان ويليام بومونت هو الجراح الوحيد في الجزيرة، ولم يكن متفائلًا كثيرًا من وضع الشاب المصاب، وتوقع ألا ينجو بهذه الإصابات، ولكن المفاجأة أن جراح أليكس بدأت في التعافي بشكل مذهل، إلا ذلك الثقب في معدته، رفض الشفاء لسبب مجهول، وكان كل شيء يتناوله ينسكب عبر ذلك الثقب، وحاول بومونت إغلاق ذلك القب عن طريق ربط حوافه بشريط لاصق، ولكنه فشل، ثم حاول إغلاقه بالخيوط الجراحية، ولكن أليكس رفض ذلك الحل، فاضطر بومونت في النهاية إلى إعطاءه حقن شرجية مغذية.
استخدام أليكس كفأر تجارب
بعد قرابة العام، التأم ثقب المعدة، ولكن الجدران نفسها لم تلتصق ببعضها مثل السابق، ولكنها اندمجت في جلد البطن مما خلق ثقبًا دائمًا تحت الأضلاع يؤدي مباشرة إلى المعدة، ونمت العضلة العاصرة من جديد، وكانت تمنع الطعام من الخروج من معدته، ولكنها كانت ضعيفة أمام ضغط الإصبع، فكان بومونت يضع أصابعه بداخلها ليتعرف على ما يحدث داخل المعدة، ومع مرور الوقت، أدرك بومونت الفرصة الذهبية التي وقعت تحت يده، فهو بإمكانه إجراء كافة التجارب الحية التي يريدها دون أي اعتراض من أليكس، الذي كان تحت سيطرة بومونت بالكامل، بعد أن فقد وظيفته، وعرض عليه الأخير العمل لديه في المنزل، فكان أليكس يقضي نهاره في أعمال المنزل، وفي فترات الراحة والمساء كان بومونت يدب أصابعه في معدة مارتن لفحص ما يدور بداخلها.
ظل هذا الوضع قائمًا على مدار عشر سنوات كاملة، كانت تتخللها فترات يتمرد فيها أليكس مارتن ويترك بومونت، ولكنه كان يعود مرة أخرى بسبب الفقر وحاجته للأموال، وكان مارتن يستغل تلك الفرصة في إجراء المزيد من التجارب.
نتائج التجارب التي أجريت على أليكس مارتن
أظهرت تجارب مارتن العديد من الحقائق العلمية الجديدة، مثل تأثير عصارة المعدة على أنواع مختلفة من الطعام، في فترات مختلفة، وظهر أنها تُفرَز فقط استجابة للطعام، وأنها لا تتراكم بين الوجبات كما كان الاعتقاد سابقًا.
كما درس عمل الصفراء على الجهاز الهضمي، وقاس درجة الحرارة والحموضة، وأرسل بعضًا من عصارة المعدة إلى الكيميائيين الرائدين في أمريكا وأوروبا، الذين أثبتوا بعد التحاليل أن عملية الهضم تتطلب وجود حمض الهيدروكلوريك.
كانت حصيلة عمل بومونت هو 200 تجربة على مدار عشر سنوات، وقام بتجميعها وطرحها عام 1833م، في كتاب باسم (تجارب وملاحظات عصارة المعدة وفيزيولوجيا الهضم).
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال