أمازيغ مصر .. جنود ملتزمون بمواقعهم عبر مئات السنين
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد
الأمازيغ والبربر هما وجهان لعملة واحدة، وهم جماعة من سكان مصر يتكلمون باللغة الأمازيغية، وهؤلاء الجماعة هم السكان الأصليون لشمال إفريقيا، حيث يبدأ موطنهم من واحة سيوة مرورا ببرقة حتى المحيط الأطلسي غربا، كما يتواجدون في الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي في مالي والنيجر جنوبا، حتى كتب بعض المؤرخون أن أول من عرف من سكان هذه المنطقة هم البربر الأمازيغ، وهم ينتشرون في المغرب العربي والذي يضم مصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب.
أصل الأمازيغ
تتعدد الروايات حول أصول الأمازيغ، ولم يتفق المؤرخون فيما بينهم حول أصول الأمازيغ، وهذا الاختلاف راجع إلى قلة الدلائل التاريخية التي تقوم على أسس علمية، ومن ثم أصبحت هذه النظريات غير مؤكدة بالنسبة للأمازيغ.
فهناك نظريات تذهب إلى أن الأمازيغ من أصول مشرقية عربية، هاجروا بسبب الجفاف، وتغير المناخ، وكثرة الحروب إلى شمال أفريقيا، وكذلك من الباحثين من يقول بالأصل الحامي للبربر، بمعنى أنهم من أبناء حام بن نوح، هجروا الجزيرة العربية، فاستقروا في شمال أفريقيا، وتنتمي لغتهم البربرية إلى الفصيلة الحامية التي تلتقي فيها مع بعض اللغات الأفريقية، مثل: الكوشيتية.
وقد ذهب آخرون إلى القول بالأصل المزدوج للبربر، فهم أو البرابرة – حسبهم- يجمعون بين: السلالة السامية والسلالة الهندو-أوربية، “فالسلالة الأولى هي الهندية الأوروبية التي نزحت إلى أفريقيا من آسيا ثم أوروبا على طريق صقلية وجبل طارق، والسلالة الثانية سامية، ثم التقت السلالتان بشمال أفريقيا، وهذا ما يفسر –حسب أنصار هذه النظرية- اختلاف الخصائص البشرية عند البربر، ولون الشعر والعيون، وحتى اللهجات، كما أورد البعض إلى أن أصل أمازيغ شمال أفريقيا من اليمن.
الأمازيغ في مصر
في واحة سيوه التابعة لمحافظة مرسى مطروح غرب العاصمة المصرية القاهرة بالقرب من الحدود الليبية يتركز أمازيغ مصر، ويبلغ عددهم الفعلي ما بين 30إلى 35 ألف أمازيغي، مازالوا يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم وطقوسهم وتواصلهم مع فروعهم في كل دول إفريقيا.
وفي مصر يعيش أكثر من 75 بيت وعائلة يرجعون إلى قبائل مختلفة من الامازيغ، ولا يزال أبناؤهم يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم إلى الأن، وقد جاء الأمازيغ إلى مصر منذ 3 آلاف عام، من خلال موجتين من الهجرة، الأولى في عهد الملك رمسيس الثالث، الذي قرر الاستفادة من الأمازيغ النازحين وتجنيدهم في الجيش المصري، وسمح للباقين بالاستيطان في الأراضي الغربية لمصر شريطة أن يقوموا بزراعتها، وخلال 250 عاما زاد عدد الأمازيغ في مصر بشكل كبير.
إقرأ أيضًا…
هل انتحر فعلًا ديل كارينجي مؤلف دع القلق وابدأ الحياة؟
وفي عهد الأسرة الـ 21 كان الجيش المصري كله من أفراد منهم وتزوج قائد الجيش وهو الضابط الأمازيغي “شيشينق” من ابنه الملك بسونس الثاني آخر ملوك هذه الأسرة، والذي تولى حكم مصر بعد وفاة الملك وبرغبة الشعب المصري، وكان ذلك يوم 13 يناير عام 950 قبل الميلاد، وهو بدء التقويم الأمازيغي الذي نحتفل به كل عام حتى الآن.
وتعتبر الموجة الثانية من هجرتهم إلى مصر، جاءت مع جيش “المعز لدين الله الفاطمي”، والذي قرر غزو مصر، وأرسل جيشاً قوامه 100 ألف جندي بقيادة جوهر الصقلي، وكان غالبية هؤلاء الجنود من الأمازيغ وتحديداً من قبيلة “كتامة”.
أسباب إنعزال الأمازيغ في مصر
يرجع أسباب إنعزالهم الذين يعيشون في مصر إلى ثلاثة أسباب رئيسية، والأول منها هي العادات والتقاليد الخاصة بالأمازيغ واعتزازهم بثقافتهم ولغتهم التي تصعب اندماجهم في نسيج المجتمعات العربية، خصوصاً المجتمع المصري الذي اشتهر تاريخياً بإذابة أي ثقافة وافدة في نسيجه، وهو ما ينطبق على الأمازيغ الناطقين.
والسبب الثاني هو قلة عدد الناطقين بها من الموجودين في مصر حالياً وتمركزهم في نطاق محدود جداً في المناطق الحدودية مع ليبيا، ربما من أجل الحفاظ على هويتهم من الذوبان في المجتمع المصري.
والسبب الثالث هو اندماج قطاع كبير منهم، وتحديداً قبائل هوارة، في النسيج المصري وتحولهم إلى أمازيغ غير ناطقين.
الكاتب
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد