أهل الكوميديا .. ثلاثي أضواء المسرح منبع الفن والبهجة
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
مع مطلع الستينات انتشر البرنامج التلفزيوني (أضواء المسرح) والذي اشرف على إخراجه المخرج الراحل محمد سالم..
اقرأ أيضًا
أهل الكوميديا (1) كشكش بيه.. مؤسس فن الكوميديا العربية
البرنامج اعتمد على اكتشاف المواهب الجديدة.. وكان من ضمن هذه الاكتشاف ثلاثي أضواء المسرح.. سمير غانم، جورج سيدهم، وعادل نصيف.
اقرأ أيضًا
أهل الكوميديا (2) عثمان عبد الباسط: عميد مدرسة الضحك للضحك
غير أن هذا الأخير – عادل نصيف- ترك الفرقة وهاجر إلى البرازيل.. فاضطرت الفرقة إلى أن تلجأ لـ الضيف أحمد كعضو ثالث بفرقتهم، والتي اكتسبت هذا اللقب من برنامج أضواء المسرح..
اقرأ أيضًا
أهل الكوميديا (3).. سمعة: الفنان الشامل يحقق أحلامه
بعدها بأعوام قليلة، وتحديدا في 1963م، اتجهت الدولة من خلال القطاع العام لإنتاج الأفلام السينمائية.. وكان فيلمها الأول (القاهرة في الليل).. وهو أول فيلم يخرجه محمد سالم كما كتب القصة أيضًا .. وجاء السيناريو من نصيب محمد عثمان..
اقرأ أيضًا
أهل الكوميديا 4 .. المهندس يهندس
والفيلم احتوى على عدد كبير من نجوم ونجمات السينما حينها: صباح، شادية، فايزة أحمد، نجاة الصغير، فؤاد المهندس، وثلاثي أضواء المسرح..
في العام نفسه أخرج محمد سالم ثاني فيلم له (منتهى الفرح).. وهو أيضًا من بطولة عملاقة الطرب والتمثيل كـ فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، صباح، شادية، ومها صبري، والثلاثي.. وكانت البطولة من نصيب أمين هنيدي وحسن يوسف..
ورغم وجود هؤلاء العظماء في الفيلم واحد إلا أن الثلاثي تمكنوا من إثبات وجودهم، وبث فنهم الجديد والمتميز والذي يتسم بخفة الدم والاسكتشات الاستعراضية..
وبذلك بدأ تدشين الفرقة التي ظلت طوال عقد كامل مسيطرة على ساحة السينما العربية سواء من خلال أدوار ثانوية أو مشاركة البطولة أو البطولة نفسها..
وهي في ظني أهم فرقة ظهرت على الشاشة الصغيرة والكبيرة وخشبة المسرح..
ويرجع براعة الثلاثي لعدة عوامل.. ومنها: الدمج بين القديم والحاضر والتطلع إلى المستقبل..
فـالفرقة التي تخصصت وتميزت بتقديم المونولوج والطقطوقة والاسكتشات الاستعراضي كانت على وعي تام بما سبقها من فنون كادت أن تندثر.
وهي الفنون التي قدمها من قبل إسماعيل ياسين، شكوكو، شادية، وسعاد مكاوي.. إلخ..
بدأت هذه الفنون في التآكل مع الزمن حتى ظهرت فرقة ثلاثي أضواء المسرح لتبث الحياة مجددا في فنون كادت أن تتلاشى..
ولكن، العظمة الحقيقية للفرقة تكمن في دورها على تطور الموسيقي والكلمات واختيار الموضوعات المعاصرة..
وهنا لا بد من الإشارة إلى الشاعر حسين السيد الذي قرر أن يتبني تلك الفرقة الواعدة، وعكف على كتابة الأغنيات لهم.
ربما تكون البداية مع اسكتش كوتو موتو الشهير، وأداء سيدهم في تقمص دور المرأة، وهو الدور الذي أجاده أيضاً سمير غانم..
ولـ سمير غانم وقفة أخرى.. فـ سمير الممثل والكوميديان والمغني اكتشف أنه ملحن كذلك.. وهو من لحن معظم أغاني الفرقة..
واستمر نجاح الثلاثي وتألقهم حتي باتوا تميمة الحظ لكل عمل يشاركون فيه..
فقدموا أعمالهم بصحبة الكبار كـ فريد شوقي في فيلم 30 يوم في السجن، وسعاد حسني في معظم أفلامها بتلك الحقبة وغيرهما الكثير..
في عام 1967م، أي عام النكسة، قدم الثلاثي فوازير رمضان، وكانت تترات المقدمة مقتبسة من الشاعر الكبير بيرم التونسي..
تلك الفوازير لاقت رواجا كبيرا عند الشعب المصري خاصة بعد مرارة الهزيمة الساحقة..
وكانت الفوازير تدور عادة حول الأفلام التي عرضت بتلك السنوات كـ حلقات تمزج بين الغناء الاستعراضي والدراما. وقد شاركهم في البطولة فؤاد المهندس..
وهي الفوازير الأولي التي عرضت على الشاشة الصغيرة.. قبلها قدمت آمال فهمي وسامية صادق فوازير الإذاعة.
ولكن، أول فوازير على الشاشة كانت من نصيب الثلاثي، واستمرت لأربع أعوام متتالية..
ومنها جاءت فوازير رمضان التي ظلت تُقدم على مدار عقود فيما بعد..
أما عن البطولة المطلقة فلا يمكن أن ننسي فيلم المجانين التلاتة.. وحكاية العالم – سمير- الذي يسرق الأرانب من أجل أبحاثه العلمية العجيبة، وضحاياه… الصحفي الذي يبحث عن الشهرة – جورج سيدهم- والطبيب النفسي الذي ينجر إلى هذيان العالم – الضيف أحمد- فيهجر عمله ويقع ضحية اختباره الفاشل..
وهو فيلم أعتقد من أجمل الأفلام الكوميدية على الإطلاق، والأكثر عمقاً أيضاً.. فهو يتحدث عن ثالوث خطر: عالم، صحفي، طبيب نفسي.. جميعهم ضحايا العبث والأوهام الكاذبة..
وهو ما عبر عنه الضيف أحمد خلال حواره مع الكاتب ثروت عكاشة، موضحاً أن فكرة الفيلم مقتبسة من تجارب يقوم عليها عالم روسي بالفعل من خلال سحب الدم من الجسد وبث دماً جديدا كمحاولة للبحث عن طرق للخلود..
ولكن، يبدو أن للإنسان نصيب من اسمه فعلا.. فـ الضيف أحمد، يبدو أنه كان ضيفاً خفيفاً لطيفاَ، وكعادة الضيوف رحل سريعا وهو لم يتجاوز الـ 34 عام.. ليتوفى في 1970م، قبل عرض فيلم المجانين التلاتة بشهر واحد فقط..
غير أن الفنان الحقيقي لا يرحل أبداً.. يبقي فنه ينشد الخلود.. أذكر مثلا في تسعينيات القرن الماضي ظهر بالأسواق ألبوم الثلاثي، وهي الفكرة التي اشتغلت عليها أحدي شركات الإنتاج الفني للكاسيت..
ورغم مرور عقود كثيرة على انفصال الفرقة الرئيسية إلا أن هذا الألبوم انتشر وراج وأحبه الجميع لدرجة أن مبيعاته وصلت لـ سبعة مليون جنيه على حد قول سمير غانم نفسه..
هذا هو التميز الحقيقي لفرقة استثنائية لم يأت الزمن بمثلها، فرقة استطاعت أن تأخذ من الماضي وتُعالج مشاكل حاضرها وتقدم فنها لأجيال المستقبل.. فـ كان حقاً لها أن تُخلد وتبقي أعمالها منبع للبهجة والسرور حتي يومنا هذا..
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد