أول شهيدات مصر على يد الحملة الفرنسية “بعيدًا عن سره الباتع واستلهامًا منه”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ألقت الحلقتين 27 و28 من مسلسل سره الباتع وقائع الاعتداء على النساء من عساكر الحملة الفرنسية، من خلال مشهد ضرب أم حامد، ليطرح ذلك المشهد تساؤلاً حول شهيدات مصر على يد الحملة الفرنسية.
شهيدات مصر على يد الحملة الفرنسية .. أوائل المُرْتَقِيَات
يُقدِّر بعض المؤرخين أن خسائر مصر البشرية وصلت إلى 50 ألف شهيد على امتداد محافظاتها[1]، ورغم أن العدد وإن كان غير قابل للشك لكنه غير محدد يقينًا لأن مصر لم تكن حينها لديها ثقافة الإحصاء؛ لكن الأشد غموضًا هو نساء مصر اللاتي ارتقين شهيدات.
كانت أولى محطات مصر التي تلقت ضربات من الحملة الفرنسية هي محافظة الإسكندرية وتحديدًا منطقة العجمي، والتي كادت أن تؤدي إلى نهاية نابليون بونابرت بالموت على يد اثنين من سكانهما كانا زوجين، ثم قامت الحملة الفرنسية بقتلهما في يوليو من سنة 1798م.
ترجم المؤرخ عبدالرحمن الرافعي عن دو بوريين «سكرتير نابليون بونابرت» في الجزء الأول فقرةً حول تلك القصة من مذكراته فقال «دخل بونابرت المدينة من حارة لا تكاد لضيقها تسع اثنين يمران جنبًا لجنب، وكنت أرافقه في سيره، فأوقفتنا طلقات رصاص صوبها علينا رجل وامرأة من أحد النوافذ، واستمرا يطلقان الرصاص، فتقدم جنود الحرس وهاجموا المنزل برصاص بنادقهم وقتلوا الرجل والمرأة».[2]
من شهيدات مصر على يد الحملة الفرنسية أيضًا امرأة عجوز مع زوجها في قرية علقام التابعة لمركز كوم حمادة محافظة الجيزة وذلك يوم 28 أغسطس 1798م، خلال حملة عسكرية قررها نابليون بونابرت انتقامًا من مقتل الضابط توماس بروسبر جوليان و15 جنديًا من كتيبته.
كان الراوي لتلك المقتلة الضابط جوزيف ماري موارتيه في مذكراته إذ قال «صدر أمر بإحراق هذه القرية وبأن يكون انتقامنا منها مروعًا، فأبحرنا من نيل بولاق حتى وصلنا إليها ولكننا وجدنا القرية مهجورة فقد تم إعدام كل من كانت له يد ضليعة في هذه المذبحة رميًا بالرصاص، بينما لاذ السكان بالفرار وقد علموا بقدومنا فاضطررنا للاكتفاء بإضرام النار في المكان ليحال رمادًا، ولم يجد الجنود سوى كهل وامرأته العجوز وقد عثروا لديهم على ملابس فرنسية ملطخة بالدماء، ليصبوا جام غضبهم وحنقهم عليهم وعلى الحمام الذي ينتشر بكثرة في أرجاء مصر»[3]
اعتنت درية شفيق إحدى رائدات الحركة النسوية في مصر بترجمة ما ذكره جنرالات الحملة الفرنسية عن دور المرأة المصرية واعترافهم بأهميته، إذ اعترف الجنرال بليار مثلاً بأن النساء بالقرب من جزيرة أنس الوجود في أسوان، كن يصرخن ويقذفن التراب في وجوه العساكر، فيما شهدت قرية غرين مقاومة شرسة من النساء كانوا يهاجمن عساكر الحملة الفرنسية ببسالة وإقدام.[4]
[1] محمد عبدالرحمن، ضحايا الحملة الفرنسية في مصر .. أرقام تبحث عن مصادر رسمية، موقع اليوم السابع، 6 سبتمبر 2022م
[2] عبدالرحمن الرافعي، تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر، ج1، ط/4، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1374هـ / 1955م، ص171.
[3] جوزيف ماري موارتيه، مذكرات ضابط في الحملة الفرنسية على مصر، ترجمة وتقديم:- كاميليا صبحي، ط/1، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، 2000م، ص ص62–63.
[4] درية شفيق، المرأة المصرية من الفراعنة إلى اليوم، ط/1، مطبعة مصر، القاهرة، 1955م، ص ص72–73.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال