أيمن نور والصعود إلى الهاوية .. مسيرة من الفشل بعد ارتماءه في أحضان الجماعة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
منذ أن هرب أيمن نور إلى خارج مصر وهو يقرر من داخله أن يلعب دور عراب جماعة الإخوان لدى التيارات المدنية وسمسار مبادرات الصلح للتغطية على انقسامات الخارج، فهو مالك قناة الشرق أحد الأذرع الإعلامية للجماعة في تركيا والمسئول عن طرح مبادرات المصالحة وجمع التنظيم المتطرف بتيارات أخرى هاربة مستخدمًا تصنيفًا سياسيًا مختلفًا عن الجماعة لكونه علمانيًا ويقدم نفسه على أنه ليبرالي.
مسيرة من الفشل بدأت بالمبادرات
خلال 6 سنوات الماضية طرح أيمن نور 6 مبادرات تحت أسماء مختلفة قام الإعلام القطري والإخواني بتسويقها إعلاميا، وجاءت في توقيتات تتزامن مع اشتداد حالة الانقسام بين أجنحة إسطنبول والدوحة أو الهروب من الأزمات الداخلية التي تعصف بالتنظيم منذ اسقاط حكمة في مصر، ورغم فشلها المتكرر إلا أنه يعود ليطرح نفس الأفكار بصيغ مختلفة ليعطي انطباعًا بان تنظيم الإخوان لم ينتهِ.
اقرأ أيضًا
“حول 25 سبتمبر في مصر” الإخوان ويوم الجمعة تاريخ من الفشل بدأ مع سيد قطب وأكمله المقاول
في عام 2014 كان التنظيم الدولى يتحرك دوليًا من أجل وقف الانتخابات الرئاسية الأولى في مصر بعد ثورة 30 يونيو، وتكرار المشهد السوري بطرح مبادرات من الخارج تستهدف الدعم الدولي للحراك الإخواني. وخلال اجتماع عقده القيادي الإخواني “أنس التكريتي” في بروكسل العاصمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي دفعت الجماعة بأيمن نور للمشاركة في الاجتماع؛ حتى لا تقتصر المشاركة على التيارات الإسلامية فقط، وطرح نور مباردة بعنوان “لم شمل الصف الثوري” أو “مبادرة النقاط العشر”، ولكن المبادرة فشلت في الحصول على أي دعم دولي، حتى أن أطراف داخل الجماعة هاجمتها لأنها لم تتحدث بوضوح وقتها عن عودة مرسى للحكم.
في عام 2015 سافر نور إلى فرنسا للقاء المنصف المرزوقى وتوكل كرمان والعمل على تشكيل كيان سياسى باسم المجلس الوطنى للدفاع عن الثورات وهو كيان كانت تريد به الجماعة تحصين وجودها في السلطة في دول ما أطلق عليه الربيع العربي، وقدم نور عقب الاجتماع مبادرة للمصالحة بين الدولة والإخوان من خلال ما أسماه بالحوار الوطني لحل الأزمة في مصر.
اهتم التنظيم الدولي بمحاولة صنع اصطفاف وطني خلف الإخوان وأن تظهر أصوات من خارج التيار الإسلامي لدعم الجماعة الإرهابية وكلف أيمن نور بأداء تلك المهمة باعتباره أحد وجوه 25 يناير ولديه علاقات قوية بتنظيم مثل 6 ابريل وشباب الثورة، فقدم نور في 2016 مبادرة جديدة تحت عنوان “وثيقة ميثاق الشرف الثوري” وطرحها للتوقيع بهدف توحيد معارضة الداخل مع الإخوان في الخارج عبر طرح أفكار يشترك فيها الجميع.
وكان أيمن نور كان يسعى لوقف حملات تخوين الإخوان من جانب القوى الأخرى وبناء مشهد لاصطفاف عناصر من داخل وخارج الإخوان، حيث وقع عليها محمود حسين أمين عام الإخوان وحسن نافعة أستاذ العلوم السياسية والناشط حازم عبد العظيم ورامي جان ونفين ملك وغيرهم.
وكشف رامي جان عقب عودته لمصر الكثير من الأسرار عن تحركات أيمن نور وعلاقته بالإخوان والتمويل القطري لقناة الشرق وتحكم المخابرات التركية في المحتوى المذاع عبرها، فضلًا عن انهيار قدرته على حشد عناصر الإخوان في إسطنبول بعدما طرد عدد كبير من العاملين بقناته وهو ما جعله شخصية مكروهة لدى الكثير من العناصر الهاربة في إسطنبول.
أيمن نور يقرر التخلي عن محمد مرسي
فى عام 2017 تحرك نور إلى تأسيس ما أطلق عليه “الجبهة الوطنية المصرية” بسويسرا في ذكرى فض اعتصام رابعة المسلح، وطرح عبره مبادرة للتخلي عن فكرة عودة مرسى باعتباره سبب الأزمة مقابل توحيد صف التيارات المدنية خلف الإخوان، إلا أن الجبهة تعرّضت لانتقادات عنيفة من كيان إخواني آخر وهو المجلس الثوري المصري ومركزه لندن، ويضم في عضويته جماعة الإخوان المسلمين وعناصر آخرى والذي رفض تماما أي أفكار لا تتضمن عودة مرسى للحكم.
وطرح نور مبادرة بعنوان “مع بعض نقدر ” و”يناير يجمعنا”، قبل أيام قليلة من ذكرى 25 يناير لتوحيد العمل بين جبهات المعارضة في الخارج وهو ما رفضته أطراف إخوانية مثل وليد شرابى أحد أعضاء المجلس الثورى و الذي وصف نور بأنه ثوري مزيف، وقال إنه هرب للخارج متسلقًا علي ظهر الشرعية للهروب من محاكمته، أما عمرو عبد الهادي أحد حلفاء الإخوان والمقيم في الدوحة فقد فتح النار على أيمن نور ووصف المجلس الجديد بأنه كيان خائن فاشل ينضم لحوالي 174 محاولة فاشلة من جانب شخصيات من عينة أيمن نور وطارق الزمر والتي لا تحقق نتائج على أرض الواقع، ولا تجد من يلتف حولها .
أزمة قناة الشرق قمة فشل أيمن نور
فى أبريل عام 2018 طفت على السطح أزمة العاملين في قناة الشرق وقيام أيمن نور بفصل عدد كبير منهم وسط حديث عن أزمة مالية، وظهر مقطع مسرب لمعتز مطر مذيع قناة الشرق يدافع عن قرارات نور ويقول إنها تأخرت كثيرا، وقام العاملون في القناة بالاعتصام داخل مقرها بإسطنبول ومنعوا العمل بداخلها، ثم قام نور بالاستعانة بالشرطة التركية للاعتداء على المعتصمين من العاملين وطردهم لخارجها حتى يعود العمل، وتزامن ذلك مع سيطرة عزمي بشارة على قناة العربي الجديد في لندن وطرد مؤسسها الإخواني إسلام لطفي بعد اتهامه باختلاس أموال القناة التي تبلغ ميزانيتها السنوية ٦٠ مليون جنية إسترليني، بينما اعتبر لطفى ما حدث أنها مؤامرة على القناة الوليدة مشيرا إلى تلقيه تهديدا بإنهاء إقامته في لندن إذا رفض تلك التغييرات.
مبادرة لتعطيل التعديلات الدستورية
حاول أيمن نور مع عدد من قيادات الإخوان تعطيل مشهد التعديلات الدستورية عام 2019 عبر طرح مبادرة الدستور خط أحمر لرفض التعديلات الدستورية ومحاولة صنع جسر جديد بين الإخوان والشخصيات التي أعلنت رفضها للتعديلات داخل وخارج مصر. وعقب انتهاء الاستفتاء الشعبي بالموافقة على التعديلات غير نور من مسمى الحملة إلى مبادرة الحوار الوطني لإنقاذ مصر، وتحدث عن مشاركة 100 شخصية عامة في المبادرة وكان من بين الأسماء التي أعلن عنها نور، الدكتور عمرو حمزاوي وحسام بدراوي وعمار على حسن والدكتور حازم حسنى وزياد بهاء الدين وعبد العظيم حماد وجورج اسحاق الذي وصفها بالحوار الهزلي المرفوض شكلاً وموضوعًا، وأسماء أخرى كلها نفت معرفتها بالمبادرة أو موافقتها على الانضمام لأى مبادرة وبعضهم اتهم أيمن نور بالتزوير والتدليس على الرأي العام.
طبطبة على شباب الجماعة بعد خيانة القيادات
كان الحديث عن شراء القيادي محمود حسين ونجله لعقارات وسيارت فارهة بأموال الجماعة، القشة التي قصمت ظهر البعير بين الشباب والشيوخ داخل الجماعة حيث صاحبت تلك التسريبات موجه غضب هائلة من الشباب تجاه القيادات، خاصة مع الحديث عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها شباب الجماعة في تركيا، وحاول نور الدفاع عن الجماعة ووقف الصدام والانشقاق الذي ربما يهدد التنظيم بالانهيار ويحيى الأمل مرة أخرى في نفوس الهاربين للعودة إلى مصر.
بدأت خطوات نور بالإعلان عبر حملة “اطمن أنت مش لوحدك” لاقناع العناصر الهاربة أن الأمور تتحرك في مصر وأن الناس ستتحرك، ثم جاء الإعلان عن انضمام عصام حجي المستشار الرئاسى السابق للحملة وتصويره مع محمد ناصر ومعتز مطر ليكون مفاجأة الحملة. بالإشارة إلى استقطاب شرائح جديدة من المجتمع المصري، خاصة من المؤيدين سابقا لثورة 30 يونيو.
وكان لفشل الحملة أثر ضار على شباب الجماعة ومناصريها في الخارج، إلى أن وجد نور ضالته في التعاون مع المقاول الهارب محمد علي وهى العلاقة التي اعترف بها المقاول الهارب نفسه بحديثه عن سيطرة نور على صفحته الشخصية وما ينشر عليها كاشفًا عن العلاقة بينه وبين التنظيم، ثم جاء تسريب لمحادثه بين محمد على والإخواني “ياسر العمدة” ليكشف عن حجم الصراع بين نور والإخوان في تركيا حيث حذر العمدة المقاول الهارب من أيمن نور الذي يتعامل مع الوضع القائم في مصر على أنه “سبوبة”، و أن الإعلاميين الذين يعملون في قنوات “وطن ومكملين والشرق” يتقاضون مليون دولار شهريا، هذا إضافة إلى تمويلهم بمليار جنيه خلال خمس سنوات لإسقاط النظام في مصر ولكنهم فشلوا، وحينما سأل على عن مصدر تمويل الإخوان في قطر، أكد العمدة، أن قطر ترسل إليهم الأموال من خلال شخص يسمى أبو دية فلسطينى الأصل ولكنه إنجليزى الجنسية وشهرته أبو عامر.
وبحسب تسريبات أخرى بين مدير مكتب نور واليوتيوبر الإخواني عبد الله الشريف طالبه فيه بأن يروج لما يقوله محمد علي عن القصور الرئاسية واستراحة المعمورة في كل مكان على “السوشيال ميديا” باعتبارها فرصة لا تعوض لإثارة الناس ضد الدولة.
وفاة مرسى وعصام العريان
أصيبت قواعد الإخوان بصدمة عنيفة مع الإعلان عن وفاة محمد مرسى والقيادى الإخواني عصام العريان، واعتبر عدد كبير بأنها نهاية لافته الشرعية وانهيار ما تبقى التنظيم في السجون، وعلى هذا الأساس تحرك نور لإنقاذ الموقف ومحاولة رأب الصدع داخل التنظيم بالإعلان عن مبادرة جديدة لتوحيد ما أطلق عليه الجماعة الوطنية، معترفًا بأنها جسد مشتت بسبب الخلافات الداخلية دون أن يذكر أنه جزء من أسباب ذلك الخلاف.
وتحركت الجماعة لتؤيد المبادرة الجديدة بواسطة “إبراهيم منير” نائب المرشد العام لجماعة الإخوان وتثنى على دعوته لإنشاء هيئة عليا للمعارضة تمثل كافة الكيانات القائمة.
واعترف نور في مبادرته الجديدة بالتنسيق مع جماعة الإخوان المسلمين على فكرة دمج الكيانات الموجودة في الخارج في كيان واحد، وكان من اللافت رفض المكتب التنفيذي للمجلس الثوري المصري التعليق على دعوة أيمن نور وظهور أسامة رشدي المستشار السياسي لحزب البناء والتنمية ليؤكد أن دعوة نور تسعى لإيجاد منبر تنسيقي يجمع كل التيارات الممثلة للمعارضة، مما يشبه المكتب السياسي للمعارضة في الخارج.
يحاول نور والتنظيم الدولي للإخوان إنقاذ ما تبقى من الجماعة في مصر بتحرك مبني على تحركات فاشلة سابقة نظرا لتجاوز الأوضاع في مصر لتلك المرحلة واستقرار الاوضاع السياسية والاقتصادية وبناء الهيئات التشريعية بمشاركة عناصر معارضة، فضلا عن وجود قرار جمعي للشعب المصري بضرورة استئصال أفكار تلك الجماعة المتطرفة من المجتمع بعدما اتضح وقفوها خلف كل عمليات القتل والاغتيالات التي صاحبت ثورة 30 يونيو واكتشاف دورهم الوظيفي في هدم الدول وتبعيتهم للمشروع الاستعماري التركي الذي يسعى لتهديد ثروات مصر في غاز المتوسط.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال