إبليس كفر بالله ثم قال “إني أخاف الله رب العالمين” ما هو التوفيق بين الآيتين
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
كل الديانات تنص على أن إبليس كفر بالله عز وجل ثم أعلن توعده للإنسان بأنه يسحر العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يَسْلَم من سحره إلا من شاء الله، فيزيّن له الفعل الذي يضره، حتى يخيَّل إليه أنه من أنفع الأشياء له، ويُنفّره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيَّل له أنه يضره.
بعدما ينجح إبليس في مكائده يعلن تبرأه ممن أغواه ويقول “كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ”، فهل إبليس يخاف الله ؟
رأي المفسرين في خوف إبليس من الله عز وجل
تكلَّم المفسرون في قول إبليس “إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ” فقال قتادة وابن إسحاق “صدق عدو الله في قوله: إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وكذب في قوله: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، والله ما به مخافة الله، ولكن علم أنه لا قوة له ولا مَنَعَة، فأوردهم وأسلمهم، وكذلك عادة عدو الله بمن أطاعه”؛ فيما قالت طائفة: “إنما خاف بَطْشة الله به في الدنيا، كما يخاف الكافر والفاجر أن يُقتل أو يُؤخذ بجرمه، لا أنه خاف عقابه في الآخرة”، وهذا أصحُّ، وهذا الخوف لا يستلزم إيمانًا ولا نجاةً.
أما الإمام الكلبي في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل فقال “خاف أن يأخذه جبريل، فيُعرِّفهم حاله، فلا يطيعونه، وهذا فاسد؛ فإنه إنما قال لهم ذلك بعد أن فرّ ونكصَ على عقبيه؛ إلا أن يريد أنه إذا عرف المشركون أن الذي أجارهم وأوردهم إبليس لم يطيعوه فيما بعد ذلك، وقد أبعد النُّجْعَة إن أراد ذلك، وتكلّف غير المراد؛ فينما قال عطاء في تفسيره “إني أخاف الله أن يهُلكني فيمن يهُلك، وهذا خوف هلاك الدنيا، فلا ينفعه.
وقال الزجَّاج، وابن الأنباري فاستطردا في معنى خوف إبليس من الله حيث قالا “ظن أن الوقت الذي أُنظر إليه قد حضر. زاد ابن الأنباري، قال: أخاف أن يكون الوقت المعلوم الذي يزول معه إنظاري قد حضر؛ فيقع بي العذاب، فإنه لما عاين الملائكة خاف أن يكون وقت الإنظار قد انقضى، فقال ما قال إشفاقًا على نفسه”.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال