إسماعيل ياسين في مسلسل موسى .. هل أهانته الحلقة الثانية عشر ؟ “رؤية تاريخية نقدية”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظهرت شخصية الفنان إسماعيل ياسين في مسلسل موسى خلال أحداث الحلقة الثانية عشر، وجسد شخصيته الممثل الشاب عبدالرحمن أبو ليلة.
إسماعيل ياسين في مسلسل موسى
تلخص مشهد ظهور الفنان إسماعيل ياسين في مسلسل موسى أنه جاء لشراء كرفاتات من محل سوق غزة بـ 24 قرش ثم انصرف بعد شراءها دون أن يدفع ثمنها بحجة أنه فنان معروف ولما استوقفه موسى وسأله عن الحساب قال له إسماعيل «إنت ما تعرفنيش؟ .. مبتشوفش سيما» وأدى إسماعيل ياسين حركاته الشهيرة ليقول له رمضان «إنت بتعمل كده ليه يا راجل انت»، وبعد الحساب سخر رمضان من طريقة أداءه قائلاً «إيه الراجل دا».
ردود الفعل على المشهد
أجرى موقع في الفن استفتاءًا حول أداء الممثل الشاب عبدالرحمن أبو ليلة لشخصية الفنان إسماعيل ياسين في مسلسل موسى ولقي الممثل هجومًا ضاريًا بسبب طريقته المستهجنة، فيما وصف موقع المصري اليوم لايت المشهد بأنه سخرية ثانية من رمضان بحق إسماعيل ياسين، بعد تصريحه حول أداءه لشخصية العسكري.
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لحلقات مسلسل موسى
وردًا على الهجوم الذي لاقاه صناع العمل قال المخرج محمد سلامة «أنا مقتنع إن شغلتي مخرج وان مكان الرد بيبقي داخل العمل مش علي الفيسبوك وان تسرع الناس بالحكم علي الاشياء غريب .. ولعجائب القدر ان علي لسان الشخصية صاحبة الازمة قال لما تحب تحاسب حاسب»، وبشأن حادثة النصب التي تعرض لها موسى قال سلامة «ستكون وسيلة لانبهاره بفن السينما وأن مدخله الي هذا العالم الساحر فسوف يكون من خلال شخصية اسماعيل يس»
من الناحية الفنية فإن محمد رمضان مع حدة الهجوم عليه اضطر إلى ذكر المبرر الدرامي حيث قال عبر صفحته في انستجرام «موسى في أول يوم عمل له في وسط البلد القاهرة سنة 1946 مايعرفش لا سينما ولا فنانين وده انقذه من عملية نصب من واحد يستغل شبهه بإسماعيل ياسين».
تقييم المشهد فنيًا وتاريخيًا
حتى يتم تقييم المشهد ينبغي أن يتم نقده من حيثيتين، الأولى فنية والثانية تاريخية/فنية.
المبرر الدرامي الذي ساقه محمد رمضان يتماشى مع حوادث انتحال الشخصية التي انتشرت في أربعينيات القرن الماضي ففي ص 2 من جريدة المقطم عدد 6 سبتمبر 1944 م، حدثت حالات انتحال شخصية طلبة ناجحين في الامتحانات للانتفاع بما تخوله اللوائح والقوانين من حقوق للشهادة المنتحلة وطلبت وزارة المعارف من المصالح الحكومية وضع حد لهذه الحوادث مع مقترحات لتفاديها.
غير أن مشهد إسماعيل ياسين هو المشهد الوحيد خلال حلقات مسلسل موسى يعتبر مشهد نشاز في الأحداث بالنسبة للجمهور، كون أن العمل وإن كانت حبكات أحداثه قائمة على التاريخ لكن شخوص المسلسل ليسوا شخصيات تاريخية، خاصةً وأن صاحب المشهد هو (شخص) محمد رمضان الذي أثار الجدل بسبب كلامه عن إسماعيل ياسين، فلو كان ممثل غيره لكان الأمر مقبولاً.
أما من الحيثية التاريخية/الفنية، فإن ظهور إسماعيل ياسين في سوق باب اللوق له مبرر تاريخي لأنه في فترة الأربعينيات كان من سكان باب اللوق، لكن حتى هذا المبرر لم يعد بالنسبة للنقاد منطقيًا من الناحية التاريخية وذلك لأن الطريقة التي ظهر بها إسماعيل ياسين كانت مهينة له كون أن طريقة كلامه في الحقيقة لم تكن مثل طريقة كلامه كـ ممثل أو حتى كـ مونولوجست، وتحايل النصاب بهذه اللزمات لخدايع موسى (الجاهل) يمكن للجمهور أن لا يتقبلها بسبب شخص محمد رمضان نفسه.
من حيث وضع إسماعيل ياسين بين 1945 و 1946 م كـ نجم، فهو لم يكن نجم شباك لكنه كان لديه شهرة جماهيرية في زمن الأحداث ومشهد انتحال صفة لو كان مع ممثل آخر مثل يوسف وهبي أو أنور وجدي أو حتى نجيب الريحاني لكان الأمر مقبولاً، وحتى مع سمعة لكن الأزمة في (شخص) رمضان
انتهت الحرب العالمية الثانية في 2 سبتمر 1945 م وكانت أفلام إسماعيل بعد نهاية الحرب هي «أحلام الحب يوم 24 سبتمبر 1945، وفيلم البني آدم يوم 15 أكتوبر 1945، وفيلم كازينو اللطافة في 18 أكتوبر 1945، وفيلم القرش الأبيض في 4 ديسمبر 1945»، وجميع هذه الأفلام نزل فيها اسم إسماعيل ياسين كممثل مشارك في إعلانات الجرائد عن العروض السينمائية.
بعيدًا عن سخرية موسى من لزمات إسماعيل ياسين .. هؤلاء سبقوا محمد رمضان
سخرية موسى من لَزْمَات إسماعيل ياسين وجملة «إيه الراجل دا» تبدو منطقية لأن موسى جاهل، لكنها مرفوضة تاريخيًا لأن إسماعيل ياسين لم يكن يتكلم بهذه الريأكشنات، وبالمبرر الفني الذي ساقه رمضان يكاد منطقيًا، لكنه سيتعرض إلى الرفض بسبب شخص رمضان من إسماعيل ياسين.
وبعيدًا عن أحداث موسى فإن هناك معلومة تاريخية تتعلق بنقد لزمات إسماعيل ياسين وهي أن محمد رمضان كـ محمد رمضان لم يكن الأول وإنما سبقه كثيرين، الإشكالية تتمحور في الشخص والتايتل فمحمد رمضان ممثل وليس ناقد فني، والأسوأ أن له باع كبير في استفزاز الجمهور بشل منفر.
كان أول من انتقد في تاريخ النقد الفني الصحفية آمال بكير في عدد جريدة الأهرام يوم 8 أغسطس من العام 1969 م حول تجسيده لمسرحية اتفضل قهوة إذ قالت «بعدما تخلص من عبارته الشهيرة «يادهوتي» التي صارت من لوازم تمثيله المسرحي وظل محبوسًا في داخلها طوال 15 عامًا عاد إسماعيل ياسين إلى المسرح منضمًا لفرقة عمر الخيام المسرحية».
ثاني وأشرس من انتقد إسماعيل ياسين كان الكاتب الراحل محمود السعدني في سلسلة مقالاته المضحكون حيث كتب مقالاً قبل وفاة إسماعيل ياسين بعام وجعل عنوانه الغلبان، ووجه فيه نقدًا لاذعًا إذ اعتبر أن سبب ضياع إسماعيل ياسين إيمانه بنظرية الجمهور المغفل والتي لم تنفعه لأن مدرسته الكوميدية قائمة على الكروتة والاستهانة والاستخفاف بعقول الناس.
ثالث من انتقد أدوار إسماعيل ياسين العسكرية هي الدكتورة درية شرف الدين في ص 19 من كتاب السياسة والسينما في مصر طبعة دار الشروق سنة 1992 م حيث نقلت رأيًا للدكتور أحمد عبدالعال كتبه في مقال ثورة يوليو وثلاثون عاما من التاريخ المنشور في العدد 20 من مجلة الفنون مايو/يونيو 1984 حيث قال « شاركت أفلام إسماعيل ياسين الكوميدية في الجيش والبوليس والأسطول في عرض صورة ساذجة للجيش المصري».
إسماعيل ياسين الحقيقي وباب اللوق المنطقة والسوق
ارتباط إسماعيل ياسين بمنطقة باب اللوق لسببين أولهما أن سمعة كان من سكانها خلال البدايات، وذكر الفنان الراحل حسن مصطفى في حوار له أن منطقة باب اللوق شهدت أيام الفقر المدقع الذي عاناه إسماعيل ياسين، ولما صار مشهورًا لم ينسى المنطقة ولا فقراءها وكان يصحبه لتوزيع المال على الفقراء.
ثاني الأسباب أن جغرافيا سوق باب اللوق تساعد على وجود إسماعيل ياسين فأشهر دور السينما كانت بالقرب من هذا السوق، كذلك أشهر الصالات التي يؤدي فيها المونولوجات.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال