اسكندرية بتقول جومة .. يا ترى هي جومة ولا أستيكة؟
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جومة كلمة اسكندرانية حفظتها منذ دخولي الفصل لأول مرة بالحضانة كطفلة اسكندرانية أصيلة تتعلم مفردات جديدة عن حياة الحضانة والمدرسة.
أحببتها لأنها تسهل علي تصحيح الخطأ، ككل شيء بعالم الصغار يسهل تغيره وتصحيحه، ويسهل على الآخرين تقبله طالما خرج من طفل.
لم أكن أعرف في هذه المرحلة العمرية أن هناك اختلاف في اللهجات بيننا وبين القاهرة مثلًا، وأن أداتي لمحو بلاويا في الكتابة بالقاهرة يطلقون عليها “أستيكة”
عندما تحول البحر لحمام عام..أو هل بدأ التنمر من الإسكندرية؟
نقاشات حادة حدثت بيننا_نحن الطلاب الإسكندرانية_ وبين القهراوية حول أيهما أصح جومة ولا أستيكة؟..كانت تنتهي الخلافات بأن يتعصب كل فريق للهجة محافظته دون الاستناد على أي دليل، كعادة تعصب المراهقين.
وضعت الموضوع بدماغي ووجدت أن كلمة أستيكة التفسير الأقرب لأصلها أنها جائت من كلمة stick أي عصا، وقد أطلقت الكلمة على الأقلام الخشبية أو الأقلام الرصاص التي يتم صناعتها من ستيك الخشب.
ومن نفس اشتقاق الكلمة حُرفت لكلمة “أستيكة” بمعنى ممحاة. وهناك قصة أقرب للمنطق؛ أن قبل استخدام الأقلام بصورتها الحالية، كان يستخدم عود أو عصا من الخشب للكتابة، بحيث يتم وضع طرفه بالحبر للكتابة به، وبأخره قطة من القماش تُستخدم كالممحاة لتزيل الكلمات التي يريد الكاتب محوها، فسميت بالأستيكة مشتقة من ستيك عصا الخشب.
ولكن قصة الممحاة الاسكندراني لها أصل أكثر وضوحًا من الأستيكة.
توصلت بالبداية أن هذه الكلمة ترجع للغة الفرنسية، فممحاة بالفرنسية تكتب le gomme
وتنطق الكلمة “لو جوم” وهي تقترب جدًا في نطق كلمة ممحاة باللهجة الاسكندراني “جومة
ولكن اكتشفت أن الكلمة أصلها الحقيقي والأدق مشتق من اللغة الإيطالية، وكلمة ممحاة باللغة الإيطالية تكتب una gomma
وتنطق الكلمة بالإيطالية ” أونا جوما” أي بنفس النطق الاسكندراني تقريبا “جومة” .
ومنطقي جدا تأثر اللهجة السكندرية باللغة الإيطالية، فقد سكن الإيطاليون مدينة الإسكندرية لعشرات السنين حتى أواخر القرن الماضي، وبالتحديد في حي الإبراهيمية، وهو واحد من أقدم الأحياء السكندرية التي عاشت بها الجالية الإيطالية، والجالية اليونانية أيضًا.
لذلك تأثر السكندريون باللغة الإيطالية واليونانية وتم تعريب بعض كلماتها لتصبح جزءًا من اللهجة السكندرية واندمجت معها حتى صعب التفرقة والتمييز بين أصل الكلمات والكلمات السكندرية المعربة.
قصة مقتل جاربيس..أشهر صانع جيلاتي في اسكندرية زمان
وكلمة جومة وأستيكة لا وجود لهما مثلًا بقاموس المعاني عكس كلمة ممحاة العربية الأصيلة.
بالنهاية هناك كلمات كثيرة تم تعريبها واندمجت مع اللهجة العامية المصرية، ولكن لها مردافات وأصول أخرى جعلت أهل الإسكندرية يختلفون عليها مع أهل القاهرة.
لذلك نحاول البحث عن أصل كل كلمة ومعناها وتأمل كيف أثرت فينا اللغات الأخرى، وكيف كانت مصر تختلف منذ عشرات السنين فقط بتقبلها لكل أطياف الشعب بما فيهم من أصحاب الأصول الأجنبية حتى شربت من بعض لغتهم.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال