اكتئاب ما بعد الولادة.. قصص لنساء تُروى معاناتها

كانت حياة  منى محمد التي تزوجت قبل عدة سنوات وأنجبت طفلين تسير بشكل طبيعي، حتى الوقت التي رغبت  فيه بإنجاب الطفل الثالث الأمر الذي رفضه الزوج وطلب منها الانتظار لبعض الوقت حتى يكون الفرق بين طفليها والثالث كبيرة لكنها أصرت على قرارها لتنجب الثالث، وبعد مرور  أسبوعين من الولادة أصيبت باكتئاب شديد، بكاء بدون سبب، لا تتحمل أي أحد، ولا يمكنها النوم، مرافقها  إحساس بالندم الشديد على إنجابها لطفلها لتقرر في النهاية الذهاب لطبيب نفسي.

لم تتلقى الزوجة الدعم الكافي من زوجها وعائلتها في قرارها للذهاب لطبيب نفسي  بل أتهموها بالتدلل، لتسيئ حالة السيدة أكثر ما يجعلها تفكر في الانتحار أكثر من مرة للتخلص مما تمر به.

“أنت في نعمة غيرك مش لاقيها”.. لم تدرك عائلة “منى” ما تمر به فعدم وعيهم الكافي بما قد يصيب المرأة بعد الولادة جعلهم في حالة عدم وعي، لتكون رحلة الفتاة العشرينية مع العلاج ليست سهلة.

شخصت “منى” بأنها مصابة باكتئاب ما بعد الولادة، لتتابع مع الطبيب النفسي وتنفذ كافة تعليماته حتى تمكنت من الخروج من تلك الحالة:”قررت أخرج من الحالة اللي أنا فيها، غيرت الروتين بتاعي، كنت دائما أحاول أعمل الحاجة اللي تفرحني وانفذ تعليمات الطيب لحد ما اتعالجت”

يعاني 10% من النساء حول العالم من الاكتئاب أثناء فترة الحمل بينما تعانى 13%منهم بالاكتئاب بعد الولادة، وترتفع النسبة في الدول النامية لتصل لـ 16% خلال فترة الحمل و20% بعد الولادة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

ليست الأفضل

حالة شروق سعيد الأم لطفلين لم تكن أفضل حال من “منى”، فالأولى كانت سعيدة بخبر حملها وعملت على تجهيز كافة الأمور لاستقبال مولودها الجديد ولكن بعد الولادة تحول كل شيء لتسيطر مشاعر الخوق على الأم:”دائما بعيط وبخاف مزاجي متقلب على طول مش عاوزة أكل وفقد وزني وكنت بتجنب ابص لوش طفلي”

ظن زوج ووالدة “شروق” في البداية بأنه  أمر طبيعي، ولكن بالنظر إلى حالتها شكوا في الأمر، ليلدوأ بالبحث عبر الإنترنت عن الحالة التي تمر بها ليكتشفوا أني أعاني من “اكتئاب ما بعد الولادة” ليقرر زوجها أن تذهب لطبيب نفسي، لتباشر في العلاج حتى تحسنت حالتها.

تقلب المزاج

يقول الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن “اكتئاب ما بعد الولادة” حالة تصيب العديد من النساء، وتنقسم لنوعان” بسيط، وشديد”، البسيط يصيب ما بين 50 إلى 80% من الأمهات ما بعد الولادة وتظهر أعراضه في الأيام الأولى من الإنجاب.

إقرأ أيضا

حديث المفلس.. ومفاجآت القيامة!

أما الشديد فيصب النساء بعد الولادة بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% ويستمر من أسبوعين لـ 8 أشهر.

يوضح “هندي” أن هناك عدد أسباب وراء إصابة الأم باكتئاب ما بعد الولادة منها “فقدان الأم لوالدتها في طفولتها، وفاة أحد أشقها في سن مبكر ما يجعلها تتذكر الحالة التي عاشتها والدتها في ذلك الوقت، ولادة طفل مصاب بمرض،  التعب الناتج عن الولادة وفترة الحمل قد يؤدي للاكتئاب،  ميلاد طفل على غير المتوقع، حدوث اضطرابات النوم التي تحدث لها بعد الولادة بسبب عدم انتظام نوم الطفل قد يعرضها للإصابة، عدم الدعم الزوج قد يعرضها للاكتئاب، حدوث اختلال بعض الهرمونات.

وينصح “هندي” الأمهات في ذلك الوقت بالاهتمام بنفسها وبنظافتها الشخصية حتى تتمكن من الخروج من تلك الحالة التي تمر بها، فضلًا عن الدعم الدائم من قبل الزوج والأسرة.