الإمام الحسين والمسيحيين “حب مشترك صنعته الدماء وتقوى بالأزمات”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
صنع يوم كربلاء قصة ثنائية الإمام الحسين والمسيحيين عن طريق وهب النصراني الذي وردت قصته في الجزء 45 من كتاب «بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار» للمجلسي، وكتاب «الملهوف على قتلى الطفوف» لـ بن طاووس الحلي.
مسيحي مع الحسين في كربلاء
كان وهب النصراني مسيحيًا ثم أسلم ويحكي المجلس عن قصته بقوله « أسلم هو وأمه على يدي الحسين فقتل في المبارزة أربعة وعشرين راجلا واثنى عشر فارسا ثم اخذ أسيرا فأتي به عمر ابن سعد فقال: ما أشد صولتك؟ ثم أمر فضربت عنقه، ورمي برأسه إلى عسكر الحسين عليه السلام فأخذت أمه الرأس فقبله ثم رمت بالرأس إلى عسكر ابن سعد فأصابت به رجلا فقتلته، ثم شدت بعمود الفسطاط، فقتلت رجلين».
الحسين والمسيحيين .. ما قيل في حق الإمام منهم
لا يبدو غريبًا أن تكون هناك مكانة مميزة للإمام الحسين عند غير المسلمين وكانت نتيجة التقاء الفكرين الإسلامي والمسيحي في قضية الحسين سلسلة من الأقوال التي خلدتها كتب التاريخ الحسيني.
يقول ويليام كينيت لوفتوس عالم الجيولوجيا «لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانية وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة».
أما المستشرق الإنجليزي إدوارد بروان فيتكلم عن كربلاء ويقول «وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها».
ولم يتخلف الكاتب الإنجليزي كارلس السير برسي سايكوس ديكنز عن موكب المدح المسيحي للحسين حيث رد على شبهة تحكم المصلحة لدى الإمام فيقول «إن كان الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل لدينه».
أما البابا شنودة فساق أبيات أحمد شوقي في مدح الحسين، والتي جاءت من خلال مسرحية مجنون ليلى حيث أشار أحمد شوقي إلى الإمام الحسين 12 مرة ومنها
أحــبُّ الحسيـــن ولكنَّـــمــا ــ لسـانـي عليـه وقلبي معـــه
حبستُ لسانـيَ عـن مدحــهِ ــ حِـذار أميّـــــة أن تقطعـــــه
أزمة كتاب أنطوان بارا
لم تتوقف ثنائية المحبية بين الإمام الحسين والمسيحيين عند مجرد أقوال مأثورة بل وصلت إلى حد تأليف الكتب ولعل أبرز النماذج على ذلك كتاب «الحسين في الفكر المسيحي» الذي ألفه الدكتور أنطوان بارا المسيحي باللغة العربية، حيث قام المؤلف بمقارنة حياة عيسى و مماته من وجهة النظر المسيحية و حياة الحسين و مماته من وجهة النظر الإسلامية باستخدام النظريات الإسلامية والمسيحية، وقام المؤلف بمزيد من الدراسات التاريخية و أضاف ملحقات وهوامش للكتاب، وتُرْجِم الكتاب إلى 17 لغة وتم نشره لأول مرة في عام 1979.
في حوار صحفي للمؤلف قال عن الدوافع التي جعتله يضع كتابًا بهذا الشكل عن الحسين فقال «لم تكن معرفتي قوية بوقائع كربلاء سوى خطوط عامة بحكم الدراسة لكن اطلعت على بعض الكتب عن الثورة الحسينية فوجدتها ملحمة فريدة من نوعها، واستغربت كيف أنها لم تجد اهتمامًا على مستوى المفكرين المسلمين، فالمسلم غير الشيعي يتحدث عنها كمجرد حادثة تاريخية لاعتبارات ترتبط بالوجهة العامة للمجتمع الذي يعيش فيه وحتى لا يخالف بيئته وثقافته، أما المسلم الشيعي فإنه ينظر إلى هذه الواقعة العظيمة بنظرة تغلب عليها العاطفة، فاتجهت إلى ما كتبه المستشرقون فلم أجد كتاباتهم إلا في فلك النظرة المادية التي أغفلت جوانب الثورة الروحية والاجتماعية».
كتاب الحسين في الفكر المسيحي PDF ـ قراءة وتحميل
رغم الجماهيرية التي أخذها الكتاب لكنه عرض صاحبه للأزمات حيث قال «بعد عشرة سنوات من نشر الكتاب فوجئت باستدعائي إلى النيابة العامة في الكويت بتهمة التعرض للخلفاء المسلمين، وحينما ذهبت إلى الموعد المقرر عرفت أن وزارة الإعلام هي صاحبة الدعوى، إذ رأى قسم الرقابة فيها أن عبارة وردت في الكتاب تتحدث عن سياسة عثمان بن عفان في إدارة الحكم والتي كانت السبب في استشراء نفوذ بني أمية وهي محل طعن بالخليفة عثمان، وقد دافعت عن كلمتي أمام المحكمة وبينت أنني أخذتها من كتب المسلمين وعلمائهم، ووجهت حديثي للقاضي قائلاً: تركتم أكثر من 499 صفحة من الكتاب فيها مديح لرموز الإسلام بدءًا من النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتمسكتم بصفحة واحدة تدعون أن فيها طعناً».
اقرأ أيضًا
حكاية “أم عمرو” خادمة عتبة مسجد الإمام الحسين طيلة 40 عاماً حتى ماتت
حكمت المحكمة الكويتية على أنطوان بارا بغرامة مقدارها خمسون ديناراً مع مصادرة الكتاب ومنعه من التداول داخل الكويت ولا زال محظورًا حتى الآن.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال