الاكتئاب والانتحار والموت المبكر.. تأثير الهواتف الذكية على المراهقين

مؤخرًا اصبح الحديث عن الاكتئاب والانتحار بين المراهقين والشباب بمثابة التحدث عن شيء طبيعي وعادي، وصار انتحار المراهقين وصغار السن أحد الظواهر اليومية التي نراها أو نسمع عنها حولنا باستمرار، ولكن لماذا صار الانتحار شيئًا عاديًا؟، وما الذي يدفع مراهقين في مقتبل عمرهم إلى الانتحار أو يصيبهم بالاكتئاب؟.

الأجهزة الذكية والاكتئاب

مؤخرًا كشف علماء النفس في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية عن بحث جديد أجروه على عدد من المراهقين والشباب صغار السن، وكشف البحث عن علاقة وثيقة بين مدة استخدام الهواتف الذكية يوميًا واحتمال الإصابة بالاكتئاب، أو التفكير بالانتحار.

الفتيات الأكثر عرضة للانتحار

وفقًا لما نشرته صحيفة بورتال إكسبرس الأمريكية، فقد كانت نتيجة الدراسة تحمل مفاجأة مؤلمة وهي أن معدل الانتحار بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 13 و18 عامًا في الولايات المتحدة، قد ارتفع مؤخرًا بنسبة 65% بين عامي 2015، و 2017م، وارتفع عدد المراهقات اللواتي أبلغن عن أعراض الاكتئاب الشديد بنسبة 58%.

ووجد العلماء أن 48% من المراهقين الذين قضوا خمس ساعات أو أكثر يوميًا على الأجهزة الإلكترونية، يعانون من حالات الاكتئاب وأفكار الانتحار، مقابل 28% لأولئك الذين أمضوا أقل من ساعة في اليوم مع نفس الأجهزة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن نسبة الفتيات أعلى من نسبة الشباب في انتشار هذه الأعراض المرضية.

وعلل العلماء ذلك المختصون إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يقضون المزيد من الوقت أمام الشاشات الذكية، قليلًا ما يقومون بأي أنشطة أخرى، وهذا أمر سيء لصحتهم العقلية، ويصيبهم بالاكتئاب الحاد وذلك لقلة التفاعل بينهم وبين العالم الخارجي.
وينصح العلماء المراهقين والشباب بتقليل الوقت الذي يقضوه على شاشات الأجهزة الذكية، ويحثونهم على المشاركة في التفاعلات الاجتماعية، وممارسة الرياضة، لأن هذا يؤدي إلى انخفاض أعراض الاكتئاب والتخلص من الأفكار السلبية.

الاكتئاب والموت المبكر

توصل إلى استنتاجات أخرى تُظهر العلاقة بين الاكتئاب والموت المبكر، وأوضحوا أن عمر الشباب الذين يعانون من الاكتئاب في سن 25 عامًا، يقل مقارنة بنظرائهم الأصحاء.

إقرأ أيضا

مرض الاكتئاب والسيدات…كلمة هرمونات بتستفزك؟

إقرأ أيضًا…في الرد على ساسة بوست “سليم الأول ينكر أوصاف مدحكم له”

وكانت نتيجة التجارب التي شارك فيها متطوعون يعانون من الاكتئاب، توضح أن متوسط أعمارهم أقل بـ 4-18 عامًا عما هو عليه لدى غيرهم من المتطوعين الأصحاء.

وأكد العلماء أن الاكتئاب يُقلص بالفعل عمر الإنسان إلى حد بعيد حتى بعد شفائه منه، وتوصلوا إلى هذا الاستنتاج من خلال رصد صحة 3 آلاف مواطن، ولاحظ العلماء من خلال تحليل معطيات التجربة بعض الأمور الغريبة، فعلى سبيل المثال، كانت نسبة الوفيات بين الرجال المصابين بالاكتئاب أكثر بمقدار الضعف في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، مقارنة بهؤلاء الذين لم يعانوا من المرض، وتقلص طول عمرهم في الستينيات بمقدار تراوح بين 10 و12 عامًا، وبـ 4 – 7 أعوام في الثمانينيات.
وأشار العلماء إلى أن مثل هذه النتائج ناجمة عن أن الاكتئاب يدفع الناس إلى تناول المشروبات الكحولية بكميات كبيرة، كما يدفعهم إلى التدخين بشكل أكبر، بينما يُقلعون عن ممارسة الرياضة.

باختصار الاكتئاب المزمن لا يؤثر على نفسية الإنسان وسلوكه فحسب، بل وعلى صحته وعمره، وعلى سبيل المثال فإن علماء الأحياء الهولنديين اكتشفوا أن نوبات الاكتئاب تقلل من طول الكروموسومات التي تحمي الحمض النووي من التلف، ما يؤدي بدوره إلى الشيخوخة السريعة للخلايا، لذا يجب الابتعاد عن مسببات الاكتئاب، والاهتمام بممارسة الرياضة، والحفاظ على الصحة العامة.