الترشيد أو الهلاك .. حان وقت الاختيار
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
حالة من إغلاق الأسواق التجارية، الأرفف المخصصة لبيع المواد الغذائية بدأت تتقلص كثافتها عن المعدل الطبيعي، أخبار عديدة على صفحات الحوادث العالمية منها خبر عن مواطن يقتل آخر والسبب (مناديل تواليت)، وأخبار أخرى عن رجال أعمال وشركات تطرد عدد من موظفيها بالإضافة إلى تخفيض عمالة ومرتبات في شركات أخرى، وبالتبعية أسهم تنخفض في البورصة ودول عظمى تحذر مواطنيها من انهيار اقتصادي سيحدث لبلادهم بعد انتهاء أزمة كورونا، وكذلك انهيار أسعار النفط والشلل الذي أصاب قطاعي السياحة والسفر، يزداد الوضع صعوبة يوماً بعد يوم.
أزمة السوق عالميًا
الإجراءات الجديدة ستؤدي أيضًا إلى توقف عمل ملايين الناس، لاسيما في القطاع الخاص وفي القطاعات غير الرسمية، ويتوقع الاقتصاديين الأكثر تفاؤلنا أن العالم عقب كورونا تنتظره كوارث اقتصادية مثل ما حدث في عام 2008.
اقرأ أيضًا
أن يصيبك فيروس كورونا عمدًا .. “دُعابة أم خطيئة” ؟
رغم أن الأسطر السابقة مفزعة إلى حد كبير، إلا أنها تعتبر محاكاة لمستقبلنا القريب جدًا المتمثل في الأيام التي ستعقب أزمة انتشار فيروس كورونا والسيطرة عليه، كما تتصورها منظمات عالمية على رأسها (برنامج الغذاء العالمي) الذي يحذّر من مجاعات جماعية في العالم إذا لم تنتهي ازمة فيروس كورونا في أقرب وقت ممكن، إلا أنها مازالت هناك فرصة لتأخير حدوث سيناريو المجاعات، كما أعلنت المنظمة عن قلقها الشديد فيما يخص إيصال المعاونات للشعوب الأكثر فقراً، فمع إغلاق البلدان لحدودها، أصبحت عمليات نقل الغذاء أكثر صعوبة من أي وقت مضى، وأصبح توصيل الطعام إلى الناس الذين هم في أشد الحاجة إليه مهمة أكثر صعوبة.
وللأسف فإن فيروس كورونا أثر بشكل كبير على إنتاج المحاصيل الزراعية بسبب توقف العمل في المزارع بشكل شبه كامل خوفاً من انتقال الفيروس، مما أدى على نقص في الإنتاج المحلي للدول، وكذلك توقف حركة النقل والطيران أوقف ايضاً عملية الاستيراد والتصدير بين الدول التي تعتمد على استيراد أغلب المواد الغذائية والمواد المتعلقة بمعالجة الطعام وتخزينه من الخارج.
وعلى الرغم من الحملات الإعلانية التي أطلقتها الحكومات حول العالم، والتي تدعوا المواطنين لعدم شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية أكثر من حاجاتهم بدافع التخزين، بالإضافة لقيام أغلب الدول بطمأنة مواطنيها بوجود مخزون غذائي يكفي لأشهر، وأنه لا داعي لشراء منتجات أكثر مما يحتاجونه في الوقت الحالي فقط، إلا أن سلوكيات الأفراد لم تعكس ما دعت إليه هذه الحملات على الإطلاق.
في بداية الأزمة في أوروبا شاهدت صور سببت لي ألم نفسي شديد للغاية، حين نشر أحد المواقع مجموعة من الصور لأشخاص عجائز يقفون أمام أرفف فارغة في محلات بيع الغذاء وبيدهم صناديق تسوق فارغة.
وحقاً كانت صور مؤلمة للغاية فكيف نبدي تخزين غذاء أكثر من حاجتنا لنشعر بالرفاهية في الاستهلاك، عن توفير طعام لأشخاص لم يستطيعوا الفوز بزجاجة لبن أو عبوة جبن بسبب كبر سنهم.
نحن اليوم أمام خيارين لا ثالث لهم، إما ترشيد الاستهلاك والتعامل بمسؤولية تجاه الغذاء المتوفر وشراء احتياجاتنا من منطلق شعورنا بالمسؤولية تجاه الغير، وسيكون المترتب على هذا الاختيار هو تأجيل شبح النقص الغذائي والمجاعات قدر الإمكان، أو أن نستمر بنفس معدل الإفراط في الاستهلاك حتى نفاجئ بمجاعة حقيقية تزحف إلى دول العالم.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال