“التضحية .. الفداء .. المجد” .. “الكتيبة 43 صاعقة” وعملية “عمارة الديدي” (3-3)
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في الجزء الأول والثاني من سلسلة مقالات “التضحية .. الفداء .. المجد”، سردنا جزءًا مقتضبًا للغاية من بطولات فرقة الصاعقة المصرية 43، والتي كانت صقرًا يحوم فوق سماء سيناء في حرب الاستنزاف، صقر جارح ينقض على الأفاعي ليقرر -وبلا شك- أن للبيت رجال يحمونه من الأعداء، وأن صحراء سيناء الجميلة الخلّابة، التي يمكن أن تسحرك سحرًا هي نفس الصحراء التي يمكن أن تكون المقبرة لكل من جاء إلى هنا حاملًا في قلبه الشر، ولما كان صلاح عبد الصبور يسأل : لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من السفلة والأوغاد؟ .. كان رجال الصاعقة المصرية يفكرون : كيف سنُخَلّص وادينا الطيب من السفلة والأوغاد .. وكانت ما كان في عملية الكمين النهاري الكبير، العملية التي لعب دور بطولتها اللواء معتز الشرقاوي، وعملية لسان بور توفيق والتي نعتبرها درة التاج للأعمال الكاملة للكتيبة التي يمكن صناعة سلسلة أفلام خاصة ببطولاتها .. وبين هذا وذاك، هناك عمليات متتالية بين حين وآخر كانت الكتيبة 43 فيها عبارة عن الكمّاشة التي تفتح الثغرة الأولى في سور السلك الشائك، الثغرة التي يدخل من بعدها الجيش الجرّار، أو بالأحرى هي “حقة البينج” التي تسبق العملية الجراحية كما أطلق الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك على القوات الجوية.
و(عمارة الديدي) كان اسمًا لواحدة من عمليات الفرقة 43 صاعقة، و”الديدي” هي إحدى أكبر العائلات في مدينة السويس، وهي عائلة والدة الإعلامي الشهير عمرو الليثي، وكان سطح عمارة الديدي مركزًا للمقاومة ضد العدو الإسرائيلي المحتل، ويذكر عمرو الليثي في مقال له كيف كانت قوات العدو الإسرائيلي تحذر جِدَّه يوميًا عن بأنها سوف تطلق الصواريخ على العمارة وتحطمها عن بَكرة أبيها، وكانت القوة العسكرية التي تتمترس فوق تلك العمارة قد دعمها جد “الليثي” واخواله، وكانت جدته ترعاهم رعاية كاملة، ما جعل العدو يطلب من جده إخلاء العمارة قبل ضربها، وتحت الضغط الشديد قرر جدت أن يخلي العمارة ويدخل في موجة التهجير من السويس .. وكانت (عمارة الديدي) برمزية المقاومة هي واحدة من الأسماء التي اختارتها قيادة الفرقة 43 صاعقة لتكون رمزًا لعملية لعملية انتصرت فيها الكتيبة على عناصر العدو الإسرائيلي.
ويحكي اللواء معتز الشرقاوي عن “قتال المدن“، وهذا القتال تحديدًا قد حمى وطيسه فقط بعدما سقطت النقطة الحصينة للعدو في لسان بور توفيق، في يوم 13 أكتوبر، ويحكي “الشرقاوي” عن دمعه الذي انساب عندما وصلت قوة من الصليب الأحمر لاستلام جنود وضباط الأسرى من العدو الإسرائيلي .. ويحكي تفاصيل تلك اللحظة التي استشهد رؤوف أبو سعدة ورجاله في تلك عمارة الديدي، لتصبح – بعد ذلك رمزًا- للمقاومة، ولُحمة القوات المسلحة مع الشعب الذي يعتبر أنه لا فرق بينه وبين قواته المسلحة حتى في المقاومة المسلحة.
وكان يوم 22 أكتوبر سنة 1973 هو يوم من أشد أيام المعركة، حيث كان اللواء معتز الشرقاوي قائد السرية الأولى للكتيبة واللواء رؤوف أبو سعدة قائدًا للسرية الثانية، وصدرت الأوامر للاستعداد للمعركة باسم معركة (عمارة الديدى)، وضربت القوات الإسرائيلية قنبلة ثقيلة فوق العمارة التى يحتمى بها رءوف أبو سعدة ورجاله، وسقطت الأدوار الثمانية فوق رءوس الرجال، ودفنوا تحتها.
لكن مقاومة “سعدة” ورجالة كانت شديدة للدرجة التي فقد فيها العدو أعصابه وأصبح يضرب النار من الدبابات دون حساب بل بشكل عشوائي فى كل اتجاه واقتنص رجال المقاومة الدبابات واحدة تلو الأخرى، في قتال مباشر مع العدو بين جنابات المدينة، وعندما شعر العدو أن المعركة سوف تذهب للأشد مقاومة – نحن طبعًا- حيث كانت المقاومة أشد من الرصاص الطائش، هرب ولم يدخل يقترب رجاله من مدينة بور توفيق مرة أخرى.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال