التنمر على الصعايدة في الصحافة “بدأ من 116 عام والمساء تعيد التاريخ”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أحيل خالد سكران رئيس تحرير جريدة المساء إلى التحقيق بسبب خبر التنمر على الصعايدة الذي كتبه مراسل محافظة قنا عبدالمنعم منصور (أو ديسك الجريدة) بعنوان «صحيح صعيدي»، عن تغريم صعيدي مبلغ 500 جنيه لركوبه القطار المميز 748 بالحمار، مع إيقاف مسؤولي القطار عن العمل لحين انتهاء التحقيق.
أثار العنوان استنكار كل الصحفيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وأهالي الجنوب، فقررت الهيئة الوطنية للصحافة، تحويل خالد سكران «رئيس تحرير المساء»، إلى التحقيق عاجل.
صعيدي يهز مصر بزواجه
أقدم واقعة عن التنمر على الصعايدة صاحبها هو الشيخ علي يوسف «رئيس تحرير جريدة المؤيد»، وتعود القصة إلى 116 سنة وبالتحديد في عام 1904 م، وكانت مهنة الصحافة نفسها جزءًا من دواعي التنمر جنبًا إلى جنب مع مسألة صعيدي.
أعلن الشيخ علي يوسف عن زواجه من صفية السادات نجلة نقيب الأشراف بعدما تقدم لخطبتها ووافق أبيها ثم ألغى الأب كل شيء، وكانت واقعةً هزت مصر ووصلت إلى أروقة المحاكم.
لحين الفصل في القضية فإن الشيخ السادات كان له رجالاته في الصحف المصرية آن ذاك، فقرر شن حرب شعواء تستهدف علي يوسف، وكان لتلك الحملات الصحفية تأثيرًا على القاضي أبو خطوة.
اقرأ أيضًا
محمد عبده واللورد كرومر .. قصة السمن والعسل
كان التنمر على رئيس تحرير جريدة المؤيد متمثلاً في أنه «جنوبي لا نسب له ومستواه متفاوت مع بنت العائلة المنتسبة للإمام الحسين، جاء من الصعيد بين القلل على مركب نيلي واستقر في مصر ليعمل في مهنة حقيرة».
انتهت المحكمة بإقرار صحة الدعوى ضد علي يوسف ففرقت بينه وبين الزوجة، حتى أعلن السادات في النهاية عن موافقته على الزواج معللاً ما فعل بأنه رد اعتبار لنفسه وتأديب لزوج ابنته الذي فعل شيئًا دون علمه.
صعيدي في اليابان !
بعد عامين من زواج علي يوسف، قام الشيخ علي أحمد الجرجاوي سنة 1906 م برحلة إلى الإمبراطورية اليابانية من ماله الخاص، لكي يحضر مؤتمر الأديان، وتزامنت رحلة علي أحمد الجرجاوي مع حادث دنشواي، فلجأت جريدة المقطم إلى الترويح عن المصريين بخبر الصعيدي الأزهري المعمم إلى بلاد اليابان بصياغاتٍ كوميدية فيها تنمر.
لم يرد علي أحمد الجرجاوي على أخبار جريدة المقطم إلا بعد عام حيث كتب في مقدمة كتابه الرحلة اليابانية «حسبي شرفًا أنها رحلة أول مصري وطئت قدمه تلك الأرض من قديم الزمان إلى الآن، أصبحنا في عصر نتسابق فيه الأمم إلى إحراز قصَب السَّبْق في ميدان الحضارة، فأجدر بالشبيبة المصرية أن تُطالِع مثل هذه الرحلة».
قصة أول نكتة عن الصعايدة !
يُفْهَم عن الصعيدي أنه طالما موجود في أقصى الجنوب المصري فهو مغيّب عن الواقع وحضارة أهل الحَضَر في ملبسه ولهجته إلى نحو ذلك وعليه ظهرت النكات التي لا زالت مستمرة حتى اليوم.
أول نكتة بها التنمر على الصعايدة في الصحافة نشرتها مجلة المصور في ص 19 من عددها الصادر تحت رقم 122 بتاريخ 11 فبراير سنة 1927 م، حيث كتبها عبدالوهاب عمر الجندي في باب «لطائف وفكاهات»، عن صعيدي سأل الأفندي عن الساعة فأجاب الأخير بقوله «الساعة 10 و10» ليرد الصعيدي بقوله «ومقادرش تقول 20 ؟».
نجل ياسين التهامي يرد على التنمر بجملة فُهِمَت تنمرًا
مع تعدد التنمر على الصعايدة في الصحافة والإعلام والفن لم يغضب كثيرًا أهل الجنوب، لكن شهد العام 2016 م واحدةً من أقوى ردود الفعل الصعيدي ضد الساخر تيمور السبكي الذي تكلم عن المعاناة الأخلاقية للمرأة التي يتغيب عنها زوجها في الصعيد، ليصل رد فعل الصعايدة إلى تهديد تيمور السبكي بالقتل، حتى انتهى الأمر بمحاكمته.
وسط كل هذا لقيت أغنية «صعايدة يا رسول الله» للشيخ محمود ياسين التهامي تفاعلاً على السوشيال ميديا، لمدحها في أخلاق وتدين أهل الصعيد، وبعد ذلك بسنوات صارت جملة «صعايدة يا رسول الله» جملة تقال في سياق التنمر على الصعايدة وتصرفاتهم الدينية في الموالد الصوفية.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال