همتك نعدل الكفة
455   مشاهدة  

الثانوية العامة ما بين أسطورة أبو رجل مسلوخة والكورونا

الثانوية العامة ما بين أسطورة أبو رجل مسلوخة والكورونا


أشعر بغصة في قلبي عند اقرأ أخبار أو يذكرني أحد بموعد امتحانات الثانوية العامة، فعلى الرغم من أنني أصبحت على مشارف الثلاثين، إلا أنني كل عام في موسم الثانوية العامة يستدعى عقلي نفس الشعور بالقلق والخوف الذي عشته منذ أكثر من 12 سنة، كما أتذكر أيضًا زميلتي في أحد مراكز الدروس الخصوصية التي انتحرت بعد ظهور النتيجة لأنها لن تستطع دخول كلية الصيدلة، والتي كلما تذكرتها لا أعرف على من ألقي اللوم، هل ذنبها في عنق المجتمع وأسرتها أم في عنق المنظومة التعليمية.

أسطورة الثانوية العامة

بمجرد أن يصل الطالب المصري إلى مرحلة الثانوية العامة، تتغير معاملة كل المحيطين به له، ويتحول من شاب أو شابة عادي إلى محارب وضع على عاتقه تحقيق أحلام والده الذي كان يرغب أن يصبح مهندس ولكنه الأن يعمل محامي، وأيضًا عليه الانتصار لكرامة أمه أمام خالته الذي دخل أبنها واحدة من كليات القمة، وكل ذلك مع تذكيره المستمر بـ (الألفات المؤلفة) التي يتم استثمارها فيه من خلال الدروس الخصوصية.

انهيار طلاب الثانوية العامة

ومن المنطقي ألا تتحمل نفسية الشباب الصغير كل هذا الكم من الضغط النفسي والابتزاز العاطفي، ولذلك أصبح من الطبيعي في العشرين عام الأخيرة إن لم يكن من قبل ذلك أن نسمع عن حالات انتحار الشباب بسبب نتائج الثانوية العامة، وذلك لشعورهم بأنهم خذلوا كل من حولهم وأن الثانوية العامة كما يروجون لهم –المرحلة المصيرية- وأن هذا المجموع السيئ قد أنهى حياتهم ولا يمكنهم أن يعودوا بالزمن ويعوضون ما خسروا.

حكاية صورة سيلفي للمخرج محمد خان حملت معها أحلام جيله إلى لندن

وللأسف كل ما سبق مجرد أوهام يرسمها الآباء والأمهات والمجتمع بأكمله من أجل تخوف الشباب من هذه المرحلة، معتقدين أنهم بذلك لن يحيدوا عن التفوق، فالأمر أشبه بأسطورة (أبو رجل مسلوخة) التي كانت تحكى لنا ونحن صغار حتى لا نسير في الشوارع الرئيسية بجوار السيارات وإلا سنجده، وبحسب تفكير الأهلي فأنه كلما زاد خوف الأطفال كلما ضمنوا عدم تعرضنا للخطر، نفس الأمر فيما يخص الثانوية العامة، كلما شعر الطلاب أكثر بالخوف كلما استغرقوا وقت أكبر في المذاكرة مما سيجعلهم قادرين على حصد الدرجات التي تؤهلهم لكليات القمة.

الثانوية العامة

 

وزارة التربية والتعليم وتحدي الثانوية العامة الذي يفشلون فيه دائمًا

أتذكر جيدًا أول يوم في امتحانات الثانوية العامة (الصف الثاني الثانوي) ذهبت إلى لجنتي التي عقدت في مدرسة مجاورة لمدرستي، تفاجأت حينها بكم الضباط والرتب الكبيرة بالشرطة الذين تواجدوا أمام المدرسة وعندما دخلت إلى اللجنة تبخر هدوء اعصابي وشعرت بدقات قلبي تتزايد بسبب التوتر الغريب، وكم التنبيهات التي يخبرنا بهم المراقبون بصوت مرتفع مع الدق المستمر على المقاعد، حاولت الإجابة وسط هذا التوتر، ولكن هناك فتاة كانت في نفس اللجنة فتاة  فقدت الوعي من شدة الخوف والرهبة، وعندما ذهبت إلى البيت بعد الامتحان قلت لأمي أن كل شيء حولي يحاول الإيقاع بي، وكيف لأشخاص من المفترض أن مهمتهم خدمتنا كطلاب أن يكونوا السبب في نقل كل هذا الخوف إلينا.

 نعم أنا أكره مرحلة الثانوية العامة ورغم مرور كل هذه الأعوام مازال مجرد التحدث عن تفصيلها يجعلني أغضب واشعر بالتوتر.

الثانوية عامة ووباء كورونا

اعطف بشدة على طلاب وطالبات ثانوية عامة هذا العام، وضعف الإدارة الخاصة بالأشراف وتيسير الامتحانات للطلبة مع انتشار وباء كورونا أمر من الصعب أن ينتج عنه مناخ جيد للطلبة، وعلى الرغم من منطق التوقع السابق، إلا اننا حاولت أن أكون أكثر تفاؤل، ولكن كيف يجتمع التفاؤل والإدارة الضعيفة في جملة مفيدة؟! فالآن وبعد انتهاء اليوم الأول من امتحانات الثانوية العامة التي أكد المسؤولون انهم مسيطرين تمامًا عليها وانه من المستحيل نقل العدوى بسبب الاحتياطات المشددة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الصحة.

إقرأ أيضا
أصغر لاعبة شطرنج

أوليا أمور الطلاب

وللأسف انتهى اليوم الأول بأخبار سيئة جدًا تنم عن عدم تقدير المسؤولين وأولياء لأمر بحجم عقد امتحانات في ظل انتشار وباء، فشاهدنا في الصباح صور تزاحم أوليا الأمور أمام اللجان وعد ارتداء بعضهم حتى لكمامة، وصور الطلبة وطريقة دخولهم إلى اللجان التي اعتقد أن فيروس كورونا سعيد جدًا بها وأننا سنحصد بسببها عدد من الإصابات الجديدة، وأيضًا خبر عن استبعاد معلمة من مراقبة لجنة في السيدة زينب بسبب اكتشاف إصابتها بفيروس كورونا بعد وصولها المدرسة، وخبر وفاة احد المراقبين وإصابة 5 من زملائه في محافظة البحر الأحمر.

طلاب الثانوية العامة

 استقيموا يرحمكم الله يا سادة فإذا كنتم لستم على الدرجة المطلوبة من الجاهزية لعقد الامتحانات، فما كان عليكم عقدها واللعب بصحة الطلبة والمراقبين، يا أولياء الأمور وجودكم أمام اللجان لا يحمي أولادكم من الإصابة والا يسبب الرعب لفيروس كورونا، بل يزيد من احتمالية إصابتكم وإصابتهم، فيكفي طلاب الثانوية ما يعانون منه من ضغط الأعصاب والتوتر فعلى الأقل عليكم حمايتهم من المرض.

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان