الجرجار .. عن كلمة سر جمال المرأة النوبية
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تميزت المرأة النوبية بالقوة والجمال، وبدت تلك الصفات واضحة في تفاصيل التجمل والهندمة الخاصة بها، وذلك كان منذ بزوغ فجر التاريخ، ويتجلى ذلك في العديد من النقوش الجدارية في مختلف المعابد المصرية القديمة.
و أكثر ما تفردت به المرأة النوبية عن مثيلاتها في التجمل” الحنة والعطور بأنواعها والزينة وزيها المميز الجرجار”.
اقرأ أيضًا
“كوما وايدي” حدوتة الزمان التي حافظت على اللغة النوبية من الاندثار
يعد الجرجار من أبرز سمات السيدة النوبية، فهو ثوب ذو طابع خاص صنع خصيصًا لها وكأنها عندما ترتديه تبدأ في قص تاريخها ومدى رسوخ حضارتها وثبات عادتها وتقاليدها .
معنى كلمة جرجار
“الجَرجَار” أو “الكنداكة” كلمة مركبة تعني المرأة القوية الحكيمة، وأصل الكلمة ( جرـ جوـ ار) أي ما يُظهر خلفه، وهي ترجمة لكلمة مصرية قديمة ( شا ـ إفي ـ نو )، وهو زي رقيق شفاف من التل أسود اللون الذي يتداخل فيه اشكال مختلفة من الورود او الطيور بنسيج اكثر كثافة وينتهي بذيل طويل من الخلف وذلك لمعتقد موروث ليمحي اثار اقدامها فلا يتتبعها احد.
وترتديه المرأة النوبية الجرجار فوق ملابسها الملونة، وهو ثوب يتلاءَم مع طبيعة الجو الساخن في الجنوب.
تاريخ الجرجار
يحكي الباحث في التراث النوبي “عبد الرحمن عوض ”
فيقول: “هو زي ملكي نوبي قلدته طبقات الشعب، ويعود تاريخه إلى عهد مملكة دنقلة عام 1316م، ويتعلق بسيدات قبائل الفديجا النوبية، وانتشر بفضل أميرات الكشاف وكان ذلك ما بين عام 1520م و 1923م، أو أميرات الممالك في أبريم والدر وأب سمبل بالشلال الثاني”.
بين حرب وحزان.. لماذا كان السواد
يقال أن لون الجَرجَار في الأصل لم يكن يُرتَدى أسود ولكن كان يلبس بجميع الألوان، ولكن بعد موت الملك الكوشي “ترهاقا ” عم اللون الأسود حزنًا عليه.
اقرأ أيضًا
ما خلفته الذكريات .. “الميزان” في جولة بغرب سهيل والنوبيون يروون ماضيهم وحاضرهم
ويُرجع البعض أن السبب في ارتداءه باللون الأسود هو حدادًا على شهداء معركة توشكى التي وقعت بين قوات الجيش الإنجليزي وقوات الثورة المهدية في توشكى والتي انتهت بهزيمة المهديين عام 1889م.
وهناك رأي يقول أن سبب ارتداء الجَرجَار باللون الأسود جاء بعد الظلم والفجع الذي رأته النوبة في عصر الخديوي عباس حلمي الثاني، جراء بناء خزان أسوان الذي كان بمثابة حاصد الأرواح الذي اختطف الكثير من أرواح أبنائهم ورجالهم.
رغم كل تلك النكبات والتغيرات السريعة يظل زي الجَرجَار راسخًا موثقًا هوية السيدة النوبية وقوتها وجمال اختلافها عن غيرها من النساء.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال