الجنس في الدولة العثمانية “من الممارسة بالآيات حتى تقنين الدعارة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
دخل الجنس في الدولة العثمانية كثقافة حين عبر كتاب «رجوع الشيخ إلى صباه» الذي كتبه شمس الدين بن كمال باشا زاده بأمر من سليم الأول، ولاحقًا تطور الجنس داخل البلاط العثماني عبر ارتداء السلاطين للقمصان ثم تقنين الدعارة.
الجنس في الدولة العثمانية بطلاسم قرآنية
في العام 2014 م أحصت الباحثة روز مرافتشيك إجمالي القمصان السحرية المنسوبة إلى إمبراطوريات إسلامية فتصدرت الدولة العثمانية القائمة بإجمالي 20 قميصًا للسلاطين العثمانيين، أخذت أشكالاً وألوانًا وأسبابًا، واحتفظ قصر توبكابي بها حتى الآن.
اقرأ أيضًا
السيارات والدولة العثمانية ..ممنوعة بأمر الجن وعبدالحميد يهادن
كان أشهر سلاطين الدولة العثمانية ولعًا بالقمصان السحرية بايزيد الأول والثاني، وسليمان القانوني ونجله سليم الثاني، غير أن درة القمصان شكلاً ومضمومنًا كان قميس السلطان مراد الثالث، إذ نُسِج عليه أسماء الله الحسنى والعهود السليمانية وأبيات من بردة البوصيري.
يشير كتاب نوربانو سلطان الذي أصدرته مكتب رمزي العثمانية عن زوجة السلطان سليم الثاني ووالدة السلطان مراد الثالث أن القميص تم بناءًا على طلبها لمقاومة مرض الضعف الجنسي الذي أصاب ولدها بعدما عجز الأطباء عن مداواته.
تقنين الدعارة وتطور أسلوب الجنس في الدولة العثمانية
في العام 1531 م وخلال عهد سليمان بن سليم الأول صدر قانون عُرِف باسم «قانون نامة قبطيان ولاية روم إيلي»، وهو المعروف بقانون الغجر، وحدد هذا القانون تحت مصطلح «الأعمال غير المشروعة» عقوبات على ممارسات الدعارة والشعوذة والسحر، أدى لاحقًا إلى تقنين بيوت الدعارة.
أحدث هذا القانون إرباكًا في العالم الإسلامي، فالدعارة شرعًا محرمة، وواقعيًا تمارس في الخفاء، لكن لم يسبق وضع إطار قانوني لها إلا في ظل الدولة العثمانية، مما ساهم في تغييرات داخل المجتمعات الإسلامية.
يفجر كتاب «في أصول التاريخ العثماني» للمؤرخ أحمد عبدالرحيم مصطفى مفاجأة بشأن السلطانة خرم، زوجة سليمان القانوني والتي عاشرت الطبيب اليهودي الخاص بزوجها، ثم أقامت علاقة مع خادمها الأرمني.
اقرأ أيضًا
الماسونية والدولة العثمانية .. من التغاضي حتى الاتحاد والترقي
عدة كتب تناولت أثر تقنين الدعارة في الدولة العثمانية على بلاد الشرق مثل أليس سيمردجيان بكتابه «الجنس غير المشروع في حلب العثمانية»، ونازان مقصوديان في كتابها «المرأة والمدينة .. منظور جنساني في التاريخ الحضري العثماني».
ويلاحظ أن مدينة قيصري التركية ارتبطت ارتباطًا لصيقًا بالدعارة عبر عساكر الإنكشارية خلال القرن السابع عشر الميلادي، ورغم أن مدينة حلب السورية كانت تقاوم تقنين الدعارة لكن الموظفين ساهموا في ازدهارها داخل المدينة حين أمعنوا في استخدام ذوات الهوى من دمشق وعنتاب وكلس وحماة.
جنبًا إلى جنب مع الكتب التركية نجد المصادر العربية توثق لعدة وقائع عن أثر تقنين الدعارة فمثلاً البديري الحلاق عبر كتابه «حوادث دمشق اليومية» يقول «كثرت بنات الهوى في الأسواق في الليل والنهار كاشفات الوجوه سادلات الشعور، مما اتفق في حكم أسعد باشا أن واحدة من بنات الهوى عشقت غلاما من الأتراك فمرض، فنذرت على نفسها إن عوفي لتقرأن له مولدا عند مقام الشيخ أرسلان، وعوفي بعد أيام، فجمعت شلكات (مومسات) البلد ومشين في أسواق الشام وهن حاملات الشموع والقناديل والمباخر».
ومع تنامي حدة المعارضة لمسألة تقنين الدعارة بالتزامن مع اشتهاء الإنكشارية للغلمان نشأت فكرة «بيوت الشاي» لتكون هي الظل الخلفي لمؤسسات الدعارة المعروفة باسم الكاراخانة.
ولم تبتعد بلاد شمال إفريقية عن الموضوع، فالنقيب روزي أحد موظفي الجيش الفرنسي كتب في يومياته لاحتلال فرنسا دولة الجزائر عام 1830 أن عدد العاهرات كان 3 آلاف عاهرة، وبلغت إيرادات الجزائر وحدها بسبب تقنين الدعارة 2000 قرش سنويًا كانت تورد إلى الباب العالي.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال