“الحلقة 21 من الحشاشين” هل زيد بن سيحون حقيقي ومن أول قائد صليبي يقتله الباطنية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تصاعدت الحلقة 21 من مسلسل الحشاشين حيث اتساع الخلاف بين زيد بن سيحون وحسن الصباح، ثم بدء الباطنية التفاهم مع الصليبيين واغتيال أحد قادتهم، كذلك الاستعدادات للحرب بينهم وبين بركياروق.
أول قائد صليبي يقتله الباطنية في تاريخهم
من المرجح أن الكونت ريموند الثاني الحاكم الصليبي لمدينة طرابلس كان أول ضحايا الحشاشين حيث تم اغتياله سنة 1152م / 547هـ، أي بعد وفاة حسن الصباح بـ28 عامًا، وعلى الرغم من أن كتب التاريخ لم تذكر أي علاقة بين ريموند والحشاشين أن قتله تم خلال فترة الخلاف بينه وبين زوجته ابنة ملك القدس والتي أشير لها بأنها استعانت بالحشاشين لقتل زوجها حتى يتسنى لها تنصيب ابنها ريموند الثالث خلفًا لأبيه وتكون هي الوصية عليه.[1]
زيد بن سيحون هل هو شخصية حقيقية ؟
لم تظهر شخصية بن سيحون هي شخصية من خيال المؤلف[2]، لكنها مستوحاة من شخصية زيد بن حسيني، فالمسلسل أشار إلى قرب إعلان عصيان زيد بن سيحون، وحدث في التاريخ أن زيد بن حسيني قُتِل بسبب عصيانه؛ وقد ذكر الجويني في تاريخه أنه في قلعة آلموت كان أحد الحشاشين ويدعى زيد بن حسيني يدعو لنفسه سرًا، وكان قد أوشك على وضع نهاية لأمر الحسن بن الصباح، وقد ظهرت بوادر دعوته لنفسه سرًا عندما قام أحمد الدنباوندي قائد قلعة قهستان بقتل داعي القلعة حسين القايني، فتم اتهام حسين الصباح بقتله، ليأمر الحسن الصباح بقتل نجله حسين ومعه أحمد الدنباوندي، وبعد سنة عرف بدور زيد بن حسني فقتله الحسن بن الصباح بابنه الذي قُتِل، والجدير بالذكر أن حسن الصباح قتل ابن ثاني له لتعاطيه الخمر.[3]
أما بشأن حروب بركياروق مع الباطنية وعقد هدنة معهم، فقد أشار المسلسل لها دراميًا، لكنها لم تحدث بهذا الشكل تاريخيًا حيث حدث معركتان بين بركياروق والحشاشين، كانت الأولى سنة سنة 1101م / 494هـ، حيث قام بَزْغَش الذي كان من كبار قادة السلطان سَنْجَرَ المتقاسم الحكم مع بركياروق، بحشد جيش إلى قُهِسْتَانَ التي فيها الإسماعيلية فحوصرت ودمرت وقُتِل كثير من الباطنية لكن لم يتم الاستيلاء على آلموت.
في نفس السياق كانت هناك قلعة باطنية أخرى في طَبَس قام جيش السلاجقة بحصارها وهي قلعة طَبَسَ، وقد تعرضت تلك القلعة للضرب بالمنجنيق فتخرب جزء كبير منها وكادت أن تسقط ويُقْتَل جميع من فيها، لولا الرشاوي التي قدمها الحشاشين لبَزْغَش والذي بموجبها رحل بجيشه وأعاد الحشاشين إعمار ما خربته تلك المعركة، بل وزادت قوة قلعتهم، فيذكر بن الأثير أنهم ملأوها ذخائر وسلاح وأقوات.[4]
أما المعركة الثانية فكانت سنة 1104م / 497هـ، وبين المعركتين قتل الوهابية 4 شخصيات هم الشيخ أحمد بن الحسين البلخي[5]، والامير جناح الدولة حسين بن ملاعب[6]، والوزير أبو المحاسن عبدالجليل لدهستاني وزير بركياروق[7]، والشيخ أبو مظفر الخُجَنْدي[8]؛ وقد استعرضنا قصص قتلهم تفصيلاً عبر هذا التقرير:- شخصيات قُتِلوا في اغتيالات الحشاشين “قائمة كاملة بالتواريخ والتفاصيل”
كانت معركة سنة 1104م / 497هـ بقيادة بَزْغَش وضم جيشه عددًا كبيرًا من المتطوعين وأهل خراسان، وكرر هجومه على بلدة طَبَسَ، ويحكي بن الأثير أنه خربها وخرب ما جاورها من القلاع والقرى وأكثر القتل والنهب والسلب والسبي في الباطنية، إلى أن قام رجال سَنْجَرَ بإعطاء مشورة لبَزْغَش قالها بن الأثير في تاريخه وكانت خلاصتها أن يعطي الأمان للحشاشين بشرط أن لا يبنوا حصونًا ولا يقومون بشراء سلاح ولا يدعون الناس لعقيدتهم، وتم تنفيذ ذلك مما جعل الناس يسخطون[9]، وبعد هذه المعركة مات بَزْغَش ولحقه بركياروق بفترة وجيزة.
[1] عذراء إبراهيم عبدالعزيز الشعيبي، الاغتيالات الانتحارية لدى الحشاشين بوصفها أداة تغيير سياسي، مجلة الخليج للتاريخ والآثار، مجلس التعاون لدول الخليج، ع14، إبريل 2019م، ص243.
[2] ذكي مكاوي، أحمد عيد: زيد بن سيحون في الحشاشين من وحي خيال المؤلف والدور مخاطرة، جريدة اليوم السابع، ع4680، يوم 23 مارس 2024م، ص5.
[3] الجويني، تاريخ فاتح العالم، ترجمة: محمد السعيد جمال الدين، تحقيق: محمد بن عبدالوهاب القزويني، ج3، ط/1، المركز القومي للترجمة، القاهرة ـ مصر، 2015م، ص188.
[4] ابن الأثير، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، ج8، ط/1، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1417هـ / 1997م، ص457.
[5] الذهبي، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، ج34، ط/2، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 1413هـ / 1993م، ص34.
[6] الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، ج13، ط/1، دار إحياء التراث، بيروت ـ لبنان، 1420هـ / 2000م، ص50.
[7] ابن الأثير، الكامل (8/ 467)
[8] ابن الفوطي، مجمع الآداب في معجم الألقاب، تحقيق: محمد الكاظم، ج6، ط/1، مؤسسة الطباعة والنشر، إيران، 1416هـ / 1995م، ص493.
[9] ابن الأثير، الكامل (8/ 500)
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال