“الدراما التركية”.. أرضت جميع الأذواق واحتلت المركز الثاني عالميًا
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تختلف الأذواق كي لا تبور السلع، وخاصةً فيما يتعلق بالدراما ومتعة مشاهدتها، لكن رغم اختلاف الأذواق تتفق الأغلبية على الدراما التركية، والتي حققت قاعدة جماهيرية عريضة خلال العقدين الماضيين، ليس فقط في مصر والوطن العربي بل على مستوى العالم. ورغم سرقة سيناريوهات بعض أهم أعمالها، إلا أنها حققت نجاحًا لم تبلغه الأصلية؛ عناصر بسيطة لكن فعالة كانت السر خلف الانتشار الفيروسي للدراما التركية، جعلتها الثانية على مستوى العالم فكيف بدأت، وإلى أين وصلت؟
صناعة الدراما وخاصة في تركيا لا يتم التعامل معها من باب الإنتاج الفني فقط؛ بل يمكن أن نصنفها سلعة تصديرية توفر للدولة نحو مليار دولار سنويًا، يتم استيرادها من قبل أكثر من 150 دولة على رأسهم مصر والعالم العربي. بدأت تلك الصناعة في عام 1974م، حين أنتجت شبكة TRT المملوكة للدولة مسلسلها الأول “الحموات“. ومنذ البداية كان النجاح حليفها؛ فقد استمر العمل لمدة 14 موسم، بمجموع حلقات 314 حلقة.
دخلت تركيا مجال تصدير المسلسلات في وقت مبكر، بعد أن أنتجت شبكة TRT مسلسلها “العشق الممنوع” وصدرته إلى فرنسا لأول مرة عام 1981م، وهو واحد من الأعمال المبكرة، فقد تم إنتاجه في العام 1975م. لتتوالى التصديرات بعد ذلك، وتصبح بمئات اللغات وعلى شاشات معظم دول العالم.
الدراما خلف الإقبال المتزايد على اللغة والثقافة التركية
ومع استمرار نجاح الأعمال التركية على نطاق عالمي؛ ازداد تأثر شعوب العالم بالثقافة التركية، بل وأصبحت من أهم عناصر الجذب السياحي للبلد. ووجدت تلك الصناعة عناصر التنمية بكل سهولة خاصة في الوطن العربي، حيث تعمل شركات الدبلجة العربية بشكل رئيسي على تلك المسلسلات. الأمر الذي جعل مسلسلات مثل (العشق الممنوع، نور ومهند، قيامة أرطغرل، حب للإيجار، ابنة السفير، الحفرة) تحقق ملايين المشاهدات عربيًا، وتبني قاعدة جماهيرية مهووسة بالدراما التركية.
كما كانت تلك الأعمال هي الإجابة على تساؤلات الكثيرين عن أسباب تعلق الجمهور المصري بثقافة الأتراك ولغتهم؛ وهو ما يظهر بوضوح على تزايد أعداد طلاب اللغة التركية والباحثين في الشأن التركي مؤخرًا. ناهيك عن تأثر الشباب والمراهقين بنمط حياة الممثلين الأتراك، ومحاولة تقليدهم في كل شيء بداية من قصات الشعر وحتى الملابس. حتى الأجيال الكبيرة لم تفلت من التأثر بالدراما التركية؛ حيث وجدت تلك الأعمار أيضًا ما يناسبها في الأعمال التاريخية.
أمَّا منصات عرض المسلسلات فقد ساعدت على انتشار الأعمال المترجمة والمدبلجة أكثر؛ بعد أن خصصت معظمها، إن لم يكن جميعها، أقسامًا منفصلة لأعمال الدراما التركية. ثم انتقلت أصداء هذا النجاح غير المسبوق إلى منصات السوشيال ميديا، التي جمعت محبي دراما وفناني تركيا في مجموعات تضم مئات الآلاف من الأعضاء. ناهيك عن الولع غير المسبوق بالسياحة التركية؛ نتيجة طبيعية لحرص المسلسلات على تصوير معظم المشاهد في أجمل أماكن البلاد، حتى تلك التي تدور في أحياء فقيرة دائمًا ما تكون أجمل مئات المرات من الواقع.
سيناريوهات مكررة ومسروقة بإنتاج ضخم جذب الجمهور
ورغم كون أكثر الأعمال شهرة في مصر مقتبسة أو مسروقة في المعظم من الدراما الكورية والهندية، وغالبًا ما تدور حول بطل وسيم وقصة حب مستحيلة تواجه مصاعب ومعضلات أخلاقية حتى تنتهي نهاية سعيدة؛ إلا أنها تحتوي عوامل جذب على رأسها المناسبة. المسلسل التركي دائمًا مناسب، سواء كان المشاهد يفضل الأكشن، أو الرومانسي، أو التراجيدي، أو الكوميدي سيجد مبتغاه في العمل؛ الذي غالبًا ما يحتوي على “كاركتر” مضحك بتلقائية، وبطل وسيم يعيش حياة مثالية أحيانًا يتدخل بعنف لإضافة بعض الإثارة، بينما تغلي قصة الحب على نار هادئة طوال الحلقات.
يبدو واضحًا من نجاح معظم أعمال الدراما التركية وخاصةً المنتجة بدعم الدولة، مدى الاهتمام بتفاصيل تعلق مع المشاهد. بداية من أغاني التترات والمشاهد الداخلية والتي غالبًا ما تكتسب شهرة غير مرتبطة بالمسلسل، وحتى المناظر الساحرة والأزياء المتقنة، لا سيما في الأعمال التاريخية مثل السلطان عبد الحميد.
وبغض النظر عن تفضيل الجمهور لنوع معينة من الدراما التركية ربما لا تكون الأفضل، لا يمكن غض البصر عن طفرة كبيرة شهدتها خلال العقد المنصرم؛ حين أصبحت أكثر تنوعًا وارتبطت العديد من الأعمال الناجحة بمنصات العرض المعروفة. الأمر الذي يضمن لها التربع على عرش الدراما في العالم قريبًا، في حال استمرت على هذا المنوال.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال