قصة السلطان العثماني محمود الثاني “مات بعد خوفه من الجيش المصري”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قرر السلطان العثماني محمود الثاني إنهاء زمن العمامة التقليدية لحكام الدولة العثمانية ليكون ذلك ثاني تغيير يُحْدِثه في السلطنة بعد أول تغيير فعله وهو قتل الإنكشارية، لكن أشد تغيير جرى في الدولة العثمانية هو التهديد العلني الذي كاد يومًا أن يطيح بها.
لماذا كسر الشعب المصري كبرياء الدولة العثمانية
وصل السلطان محمود الثاني إلى حكم السلطنة العثمانية في ظروف بالغة التعقيد على الدولة العثمانية، لكن بقي إذلال الشعب المصري لكبرياء الدولة هو أصعب ما يؤرق كل الساسة في البلاط العثماني إذ أن المصريين غيروا سياسة عمرها 288 سنة تقضي بأن يكون الحاكم في قلعة الجبل بفرمان سلطاني وهو ما كسره المصريين مع محمد علي باشا.
السلطان محمود الثاني: أريد الدولة العثمانية مثل مصر
لجأ السلطان محمود الثاني إلى فرنسا وانجلترا لاستلهام القوانين الأوروبية السياسية في مسائل الدستور والحكم ثم التعاون العسكري في مقابل الموافقة على شروط أوروبا الاقتصادية ونشر ثقافة التغريب.
يحلل فيليب مانسيل في كتابه «ثلاث مدن مشرقية سواحل البحر الأبيض المتوسط بين التألق والهاوية»، سر التفاهم محمود الثاني مع الغرب بأنه كان يريد حماية الدولة العثمانية بعدما عرف قيمة الغرب عقب خسرت السلطنة إماراتها في البلقان بعد ثورة اليونان ثم هزيمة الدولة العثمانية أمام روسيا، لكنه لقي بسبب هذا معارضة كبيرة من علماء الدولة العثمانية.
لم يستفد محمود الثاني من علاقته مع الغرب شيئًا سوى تعزيز حكمه وبقاءه على عرش السلطنة وهذا لن يحدث إلا بأن يقلد النموذج المصري في عصر محمد علي باشا، ويحلل أندرو ويتكروفت مدى تأثير مصر سلبًا على محمود الثاني في كتابه «تفكيك الصورة» حيث يقول أن محمود الثاني حين نفذ مجزرة الإنكشارية سنة 1826 كانت متأثرًا بشخصية محمد علي باشا وطريقته في حل المماليك عبر مذبحة القلعة سنة 1811 م.
يقول أندرو ويتكروفت في كتابه «تفكيك الصورة» ص 147 «عقب الاستيلاء على قلعة ميسولونغي اليونانية من جانب الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا الذي أعاد فتح كريت وموريا وبعد أن جاء ما قام به الجيش المصري مثالاً على النصر الإسلامي، كشف محمود رويدًا عن خطة لتشكيل جيش يستوفي الإصلاحات بشرط أن لا يتبع أي نموذج أوروبا وإنما على النموذج المصري، ويكون اسم الجيش هو إسكنجية».
السلطان محمود الثاني والرعب من الجيش المصري
خاضت مصر ضد الدولة العثمانية 6 معارك من الشام حتى حدودها في الآستانة وتكبدت تركيا في المعارك الستة 30 ألف قتيل و 60 ألف أسير بالإضافة لمئات الغنائم العسكرية من بنادق وسفن ومدافع.
يصف المؤرخ التركي يلماز أوزتونا في صفحة 18 من كتابه «تاريخ الدولة العثمانية ـ الجزء الثاني» وقع هذه الهزيمة على نفسية محمود الثاني، فقد كان مريضًا بالسل وتفاقم الوضع الصحي لديه بالسوء بعد هزائم الجيش المصري للدولة العثمانية.
اقرأ أيضًا
إبراهيم باشا منقذ تركيا ومذلها .. من بيلوبونيز إلى الآستانة
قرر وزراء محمود الثاني إخفاء خبر قرب القوات المصرية من عاصمة الدولة العثمانية خوفًا على حياته لكنه مات قبل 36 ساعة من تدخل الغرب لإنقاذه من مصر.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال