السيارات والدولة العثمانية ..ممنوعة بأمر الجن وعبدالحميد يهادن
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظلت الخصومة بين السيارات والدولة العثمانية على امتداد تاريخ الإمبراطورية العجوز حتى عصر السلطان عبدالحميد الثاني، ورغم التطور العالمي في مسألة اختراع السيارات إلا أن سلاطين بنو عثمان رفضوا استخدامها تمامًا.
السيارات والدولة العثمانية .. تخلف عن ركب الحضارة
أربع مراحل اتسم بها تاريخ السيارات، كان أولها في العام 1769 على يد كونيوت الفرنسي الذي اخترع سيارة 4 راكب بخارية بـ 3 عجلات وتسير مدة 20 دقيقة بـ 3 كيلو في الساعة، أما ثاني تلك المراحل فكانت عبد الاسكتلندي روبرت أندرسون الذي اخترع سيارة بالطاقة الكهربائية سنة 1835 م، ليجيء كارل فريدريك ويضيف محرك بنزين في سيارة موتورفاجن ثم يعدلها فيلهلم دايملر عام 1886 م ويختم الشقيقان إيدجر مراحل تطور السيارات سنة 1893 م.
توقفت معرفة العثمانيين بالسيارة عند عام 1608 م حيث استخدموا سيارة كوشو النمساوية التي تجرها الخيول، وقد عرفوها عند طريق السلطان أحمد الأول الذي أخذها كهدية من ملك النمسا بعد توقيعهما لمعاهدة زيتفاتوروك التي بموجبها أُلغيت الجزية التي كان يدفعها إمبراطور النمسا إلى الدولة العثمانية، ورسمت الحدود بين البلدين وألزمت الدولة العثمانية أن تخاطب الملك النمساوي بلقب إمبراطور.
اقرأ أيضًا
الماسونية والدولة العثمانية .. من التغاضي حتى الاتحاد والترقي
ظلت سيارات كوشو حكرًا على السلاطين وحريم القصر فقط حتى بدأت شبه الانفراجة متمثلة في جعل الولاة والوزراء الأتراك لهم حق ركوب الكوشو دون أن يقتنوا نفس موديل سيارة السلطان العثماني.
لما بدأت الدولة العثمانية تستقبل تقارير سفيرها في باريس عن اختراع السيارات على يد الثنائي كونيوت وأندرسون زمن السلطان محمود الثاني قرر الأخير عدم إدخال السيارات إلى الدولة العثمانية لأنها من أفعال الشيطان وهو نفس الشيء الذي اتسم به عهد السلطان عبدالعزيز الذي يرى في السيارات أنها تعمل بالجن والعفاريت.
لم يكن السلطان عبدالعزيز متسامحًا في مسألة استخدام السيارات، فقد رفض أي عرض مقدم من اللورد البريطاني غاراتشينو وهدد السلطان العثماني بطرد السفير البريطاني من عاصمة السلطنة العثمانية إن توسط من أجل دخول السيارات.
السيارات والدولة العثمانية زمن عبدالحميد الثاني
كانت لعبة القط والفأر هي عنوان العلاقة بين السيارات والدولة العثمانية زمن عهد السلطان عبدالحميد الثاني، فالسلطان خلال العام 1903 قدم وعدًا لبريطانيا وفرنسا بأن يمهد الطريق لسيارات الدبلوماسيين لكنه تراجع عن هذا الوعد لاحقًا.
اقرأ أيضًا
عبدالحميد الثاني ونظرته للرشوة: طالما بقشيش فعادي يعني
وتوثق وثائق الباب العالي إحدى علامات التشدد العثماني في حالة أحد الرعايا البريطانيين الذي قدم ترخيصًا لشراء سيارة سنة 1904 م، وبعد عامين قوبل طلبه بالرفض لأن قوانين السلطنة تحظر دخول السيارات.
مع الضغوط الدولة على عبدالحميد الثاني كان الإعلام الموالي للدولة العثمانية يعرض أخبار الحوادث من السيارات وبقيت العلاقة بين السلطان والسيارات متأرجحة بين سماح للقناصل ورفض للرعايا، ومن عام 1908 حيث استيلاء الاتحاد والترقي على السلطة تم السماح لقادة الترقي فقط بالسيارات أما الرعية فمحرومون منها لأنها تعطي العظمة !.
اقرأ أيضًا
عبدالحميد الثاني يؤيد خالد النبوي: كلامه عننا صح
وظلت علاقة السيارات والدولة العثمانية منقطعة حتى أواخر عشرينيات القرن الماضي حيث تم الانفتاح على الغرب متأخرًا وبقي استخدام السيارات في تركيا الجديدة أمرًا مسموحًا به.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال