همتك نعدل الكفة
292   مشاهدة  

الطيار المصري أمين راضي .. شُفت القمر نطيت لفوق في الهوا !

سلاح الجو المصري في حرب أكتوبر
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



ليست سهلة على الإطلاق أن يَفخر جندي عسكرية مقاتل بأنه “كَسَّر الأوامر”، وبالأخص عندما يكون في سلاح الجو المصري، بالضبط عندما (نطَّ) صلاح جاهين في الهواء ليلمس القمر بغض النظر عما إذا كان سينجح أم لا ..  صحيح أنها لم تكن (سهلة) على جاهين، لكنه شعر بأن الأمر يستحق العناء، فقرر أن الحياة تُعاش مرة واحدة ولا يجب ألا يقف الروتين والتحفُّظ والقانون حجر عثرة بينه وبين القمر، فقفز جاهين وهو مدرك تمامًا بأن النهاية ستكون في غرفة “الجبس” في مستشفى القصر العيني، وأن الأخبار ستخرج في اليوم التالي على الصحف تحمل عناوين مثل “الشاعر صلاح جاهين قفز فجأة دون أن يعلم أحد سببًا فكسرت قدماه” .. “صلاح جاهين يضحك ساخرًا في المستشفى بعد الجبس دون معرفة السبب الحقيقي” .. ومستحيل أن يعرف (صريّخ ابن يومين) ما فعله جاهين، عندما رأى القمر بدر فقال لنفسه “لما لا؟” .. وقفز ! .. لكن هناك من قرر أن يكتب قصيدة مماثلة لقصيدة جاهين، لكن تلك المرة قرر ألا يدخل غرفة الجبس، ذلك لأنها ليست سهلة على الإطلاق أن يَفخر جندي عسكري بأنه خالف الأوامر !

 

صورة أرشيفية لسلاح الجو المصري
صورة أرشيفية لسلاح الجو المصري

في الحرب – وما أدراك ما الحرب- وتحديدًا في الفترة بين النكسة والنصر، بين 1967 حتى 1973 .. كان سلاح الطيران المصري يداوي جراحه، ويومًا بعد يوم يتعافى ذاتيًا من تلك الضربة القوية التي تعرض لها في النكسة، ويلملم آلامه ويمشي في طريقه الجديد الذي رسمه أبناءه على خريطة مداها ستة سنوات فقط كأسرع خطة علاج لجسد واجه الفاجعة بعينها .. وفي الحرب – وما أدراك ما الحرب –  جَمعَت فِرق الطيارين والاستطلاع علاقات إنسانية وطيدة، كالبيوت المصرية في تلك المرحلة شديدة الخطورة من عمر الوطن ..  المرحلة الذي أدرك فيها المواطن المصري الفلاح أن لا سبيل ولا نجاة من هذه “الوحلة” إلا أن يشد على يد أخيه والعكس، وتَجلَّت تلك الصورة في أبهى صورها في الدفعة 23في سلاح الطيران، ويحكي اللواء أمين عبد الحميد راضي عما  كان يحصل هناك !

 

بدأت قصة الرجل عندما كان شعر بأن الروتين أصبح هو المشكلة الأم خلال مرحلة المناورات، وذلك لأن الطيار المصري أصبحت مكشوفة خطته لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ذلك لأن تكرار طَلعة استطلاع الطيار المصري في مواعيد إسبوعية محددة تمامًا، كالساعة العاشرة من كل يوم أحد، جعل العدو يقفل “الرادارات” في هذا التوقيت، فقرر القادة تغيير مواعيد الاستطلاع فكانت نواة خطة الخداع وانكشفت خرائط تمركزات جيش الاحتلال في سيناء.

 

يحكي “راضي” ويقول أيضًا عن كواليس سلاح الطيران في الخامس من أكتوبر 1973 فيقول بأن هذا السلاح تحديدًا الذي كان يستشعر أفراده الحرب في أي وقت، حتى إننا كُنا نسأل بعضنا البعض : “طلبوا منك طلعات” وكانت الإجابات دائمًا:  لا لكنني جاهز! .. وهكذا ، حتى صدرت لي الأوامر في يوم 6 أكتوبر وفي تمام العاشرة والنصف صباحًا بـ “طلعة استطلاع” لأن المعلومات القادمة من القيادة كانت تفيد بأن قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي قد دخلت بالفعل منطقة الزعفران، وطلعنا فلم نجد شئ وعُدنا، وكانت المفاجأة بالنسبة لي عندما سمعت البيان الأول للقوات المسلحة في هذا اليوم عندما قالوا بأن طائراتنا استطاعت رصد قوات العدو أثناء التوغل في منطقة الزعفران .. وضرب “أمين راضي” كَف على كف .. ويقول أنه عرف بعد ذلك أن تلك الطلعة كانت ضمن خطة الخداع الاستراتيجي!

لواء طيار أمين راضي
لواء طيار أمين راضي عبقرية الاستطلاع في سلاح الجو المصري

فلاش باك .. يقول لواء طيار أمين راضي بأن القائد محمد حسني مبارك قد اجتمع بأفراد سلاح الجو قبل الحرب بفترة قصيرة وقال هامسًا : لن تستمر الأمور هكذا، لن يصبح الاحتلال الإسرائيلي أمر واقع، لابد وأن هناك حرب، لكنني أريد أن أخبركم بأننا نتوقع نسبة الخسائر في سلاحنا أثناء الضربة الجوية ما بين 40 إلى 50 بالمائة .. وظل “راضي محتفظًا في ذاكرته بتلك النسبة فيقول أن قبل الضربة الجوية الأولى بدقائق وقف على “دُشمة” ليشاهد ما هي التجهيزات بالضبط، فوجد 40 طائرة مصرية قد أغلقت كل أصواتها وأخذت كل احتياطات السكون قبل الانقضاض على جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيقول أنني وقفت أحسب في رأسي وأقول أن 20 من أصل 40 طيار لن يعود إلى هنا بعد دقائق، وجميعهم أصدقائي، يا ترى من سيعود ومن لن يعود؟ .. وانهمرت دموعي عندما عادت الطائرات وبدأت بالعَد أثناء هبوطها إلى الأرض فوجدت ما يقرب من الـ 40 كلهم عائدين تمامًا فانهمرت دموعي بلا توقف، هذا لا يصدقه أي عسكري .. لا إصابات وحققت الضربة الجوية أهدافها تمامًا .. ولن نحتاج إلى ضربة جوية ثانية .. لكننا جاهزين في أي وقت يا فندم !

معركة جبل عتاقة
معركة جبل عتاقة

وجاء دوري، حين استداعاني اللواء سيد كامل ، طالبًا مني طلعة استطلاع وذلك لأن جيش الاحتلال الإسرائيلي اخترق وقف إطلاق النار ودخل بقوات في جبل عتاقة .. وشدَّد “كامل” على الأوامر، قائلًا : أمين .. إياك تعدّي الجبل .. أمين .. أوعى تعدي الجبل، ويحكي تفاصيل التحذير المتكرر لأن ارتفاع الطائرة المصرية فوق الجبل سيجعلها عُرضة للقصف لذلك شدَّدَ القائد بأن يكون الطيران على مستوى منخفض لأمان الطائرة والطيار أمين راضي.

 

إقرأ أيضا
الحلقة الأولى من الحشاشين

الآن طيارنا، طيار سلاح الجو المصري في الطَلعَة ولم يتمكن من التقاط أي صورة لجيش الاحتلال الموجود في منطقة جبل عتاقة، فيقول : انا اتجننت .. بقى معقول اطع طلعة زي دي ومارجعش بشئ مفيد ؟ بعد كل هذه الخبرة وأيام الشقاء والتعلّم أرجع ببلاش! .. لحظتها فقط قررت أن أكسر الأوامر، وأطلع فوق الجبل، وبمجرد أن طلعت فوق الجبل واجهتني عدة قذائف فقررت المراوغة منها وأثناء المراوغة استطعت التقاط صورًا لجيش العدو الإسرائيلي وعُدت إلى القيادة ممسكًا بالصور .. عاد “أمين اضي” بعد أن (شاف) القمر .. ونَطّ لفوق في الهوا !

 

 

الكاتب

  • سلاح الجو المصري محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان