“صور” بيانات الشرطة في حرب أكتوبر .. كيف كانت تُدَار عملية التوعية ؟

توارت شهرة بيانات الشرطة في حرب أكتوبر بسبب تصدر بيانات المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اهتمام المصريين حينها.

بيانات الشرطة في حرب أكتوبر .. قراءة رقمية

كان لوزارة الداخلية دور حربي في أيام معارك 10 رمضان، ولقي ذلك الدور شهرةً، إلا أن الدور الذي لم يلقى نفس القدر من التوثيق هو بيانات الوزارة التوعوية للمواطنيين في مصر.

اقرأ أيضًا 
السوق السوداء في حرب أكتوبر .. أسماء الذين هبروا على حساب أهالي من عبروا

بمطالعة رقمية لحركة بيانات وزارة الداخلية في حرب أكتوبر نجد أنها لها نوعين أحدهما البيانات التوعوية وبلغ عددها 21 بيان توعوي قصير، والنوع الثاني بيانات أمنية إخبارية وبلغ عددها 3 بيانات أمنية طويلة، حول إجراءات الدفاع المدني وتبرع وزارة الداخلية بـ 100 ألف جنيه، فضلاً عن مناشدة للمواطنين بالقبض على الطياريين الصهاينة الذين يهربون للأراضي المصرية بعد قصف طائراتهم؛ لكن ما يعنينا البيانات التوعوية وأهمية تأمل تلك البيانات أنها تكشف حالة المجتمع المصري وقت الحرب.(1)

بيانات الشرطة في حرب أكتوبر .. قراءة تحليلية

كافة البيانات التوعوية التي أصدرتها وزارة الداخلية في حرب أكتوبر 1973م كانت تهتم بإجراءات الدفاع المدني والإرشادات لتحقيقها، مع بعض التعليمات التي لها صلة وتماس مع الأمن القومي المصري.

كانت أولى بيانات وزارة الداخلية التوعوية صدرت يوم 7 أكتوبر 1973م واشتملت على 8 تعليمات لجعل مهمات العدو صعبة، وأغلبها كان له صلة بالحفاظ على السلامة للأرواح والمباني وذلك تفاديًا لهجمات إسرائيل داخل العمق المصري على المدنيين.

ثم أعطت وزارة الداخلية تعليمات في ثاني وثالث بياناتها التوعوية يوم 8 أكتوبر بشأن الغارات وكانت عبارة عن 5 تعليمات للسائقين في حال حدوث غارة، مع 6 تعليمات للقاطنين في العقارات السكنية.

وفي يوم 9 أكتوبر 1973م جاء البيان نمرة 4 وبيان نمرة 5 الذي أعطى تعليمات وإرشادات أمنية لإجراءات السلامة والوقاية في حال إذا قام العدو الصهيوني بإلقاء قنابل نابلم أو قنابل زمنية، مع التأكيد على عدم التجمع حول أي أجسام غريبة، وذلك لأن المصريين اعتادوا ذلك مثل حادثي سوهاج عام 1969م وأسفرت عن استشهاد 53 رجلاً.(2)

ومع حلول يوم 11 أكتوبر 1973م صدرت 3 بيانات توعوية كان أولها له صلة بإرشادات للتعامل مع صفارات الإنذار، وثانيها التأكيد على عدم إفشاء الأسرار والكلام، بينما الثالث كان اتخاذ أساليب الحذر والحيطة مع الأماكن التي يُحْتَمَل أن يضربها الطيران الصهيوني.

ولم تغفل إدارة العلاقات العامة في وزارة الداخلية أهمية التبرع بالدم، فنشرت في يوم 12 أكتوبر 1973م تاسع بياناتها التوعوية خاصةً مع توافد المواطنين على مراكز التبرع بالدم.

وأعادت وزارة الداخلية في بيانها العاشر يوم 14 أكتوبر 1973م تأكيدها على أهمية التعامل مع صافرات الإنذار المشار له في بيان نمرة 5 يوم 11 أكتوبر، لكنها ألمحت إلى أن صوت الانفجارات نفسها بمثابة إنذا وعليها فيتم التعامل معها بنفس آليات وجود صفارة الإنذار في حال تعطلها، مع التأكيد على عدم الوقوف في الأماكن الخطرة من العقارات حال حدوث قصف.

ودعت وزارة الداخلية خلال بيانها الحادي عشر يوم 15 أكتوبر 1973م المواطنين لتقديم التبرعات عبر البنوك وهو نفس النداء الذي تكرر في البيان نمرة 12 يوم 16 أكتوبر الذي أرفق به البيان نمرة 13 الذي يوصي بأهمية الكتمان.

ومع يوم 19 أكتوبر 1973م كان عدد بيانات وزارة الداخلية قد وصل إلى 16 بيان بصدور 3 بيانات، كان أحدها له صلة بالتبرع، والذي تلاه يتماس مع إجراءات السلامة وتعليمات الأمن، بينما الآخر كان له شق اقتصادي إذ قام بالتركيز على أهمية شراء سندات الجهاد من البنوك، مع التأكيد على أهمية احتكار السلع الأساسية وشراء ما يكفي ويسد الحاجة.

وفي يوم 20 أكتوبر 1973م صدرت 3 بيانات كان البيان الأول نمرة 17 والبيان الثاني نمرة 18 متكرران من حيث الغرض، إذ أراد الأول التأكيد على اتباع تعليمات الأمن، بينما كان الثاني يجدد دعوته حول المشاركة في المجهود الحربي.

إقرأ أيضا

بعد تصريحات محمد فراج ..مين يقول الحق؟

لكن البيان الثالث نمرة 19 أعطى توجيهًا غريبًا حيث أراد من المواطنين القبض على كل الطياريين الصهاينة الذين يهبطون بالمظلات من طائراتهم بعد قصف القوات الجوية المصرية لهم، ويقومون بالتسلل داخل الأراضي المصرية؛ وكان ذلك التوجيه له صلة ببيان وزارة الداخلية الذي أصدرته يوم 13 أكتوبر والذي ذكر أن مجموعة من الطياريين الصهاينة يتركون مواقعهم بعد قصف طائراتهم ويهربون للأراضي المصرية في ثياب مدنية مصرية بغرض التخفي، وناشدت وزارة الداخلية المواطنين بضرورة مراعاة الحذر في القبض عليهم لكونهم مسلحين، فضلاً عن التحفظ على ما لديهم من معدات ووثائق؛ وتسليمهم لأقرب نقطة شرطة أو وحدة عسكرية.

وفي 21 أكتوبر 1973م بثت وزارة الداخلية بيانها نمرة 20 الذي حذر من الإنصات للشائعات وترويجها في ظروف الحرب.

وبحلول يوم 25 أكتوبر 1973م، كان البيان التوعوي نمرة 21 والأخير الذي تكون من توجيهين، أحدهما عدم الكلام عن أسرار العمل حول الأسرة أو الأصدقاء، والآخر اتخاذ إجراءات الحيطة في حال حدوث غارة.

(1) بيانات وزارة الداخلية، جريدة الأهرام، الأعداد من 7 إلى 25 أكتوبر 1973م، باستثناء أيام: 10 و13 و17 و18 و22 و23 و24 منه ، ص4.
(2) وسيم عفيفي، حكاية فشل طائرات إسرائيل في سوهاج «العسيرات تنقذ سكك حديد مصر»، موقع تراثيات، 12 أكتوبر 1973م