همتك نعدل الكفة
523   مشاهدة  

العبثية بين الدين والحياة دافع للدراما البشرية و الخمول العقلي!

العبثية
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“ليس هناك سوى معضلة فلسفية واحدة، وهي الانتحار .. الحكم فيما إذا كانت الحياة جديرة بالعيش أم لا .. هو الإجابة على السؤال الأساسي للفلسفة كل القضايا الأخرى تأتي لا حقا “.. ،  هذه هي النظرة الأولى للصحافي والروائي  و المفكر ” ألبير كامو“ذلك المفكر الذي  عارض وتجاهل الفلسفة المنهجية، واهتم اهتماما  كبيرا بـ” التجربة المباشرة والشخصية” .. رفض أي شيء يذكر عن العقلانية ، واهتم بطرح الأسئلة  الجوهرية مثل معنى الحياة في مواجهة الموت برغم نفيه الدائم كونه منتمي للوجودية.

وبرغم نفيه هذا ؛ ـ أعني أنه لا ينتمي للوجوديةـ  إلا أنه طرح أحد أشهر الأسئلة الوجودية في القرن العشريين والذي استعاره من أسطورة” السيزيف”،  الذي تركت لنا فلسفته عن العبث صورة معبرة عن مصير الإنسان، علاوة على ذلك طرح الأسئلة الفلسفية الملحة، و من خلالها طرح الإجبابة عليها ؛  حيث صاغ “كامو ” نقدًا للدين ، وعصر التنوير والحداثة بجميع تشعباتها ، بما في ذلك الماركسية .

الانتحار الفلسفي 

ومسألة الانتحار من أهم المواضيع  التي اهتم بها ” كامو” ليس الانتحار بالمعنى الحرفي بل المعنى المجازي الذي تتضمنه هذه الكلمة بتوضيح أكثر ؛ كان يتكلم عما أسماه بالانتحار الفلسفي فحسب زعمه أغلبنا يرتكب شكلا من أشكال هذا الانتحار دون أن ندري .

فبنسبة لكلمة الانتحار عند “كامو ” كانت كما يقول: ” يحصل الانتحار كاستجابتنا للحياة بما تحمله من خيبة و ا فتقار للمعنى … الانتحار يحصل لأننا لسنا صريحين مع أنفسنا ولا نتجرأ على الاعتراف بذلك “.

بين الفضول والتساؤل عبثية 
يقول كامو” أن أعلى ما يمكن للوعي الوصول إليه،  أو  أن  أعلى مستويات العقل هو مستوى الفضول والتساؤل.. التوقف عن طرح الأسئلة حول جوهر الحياة والقبول بالأسئلة السهلة والجاهزة التي تُملى علينا..هو إلغاء لجزأ مهم من العقل ..نحن جُبرنا على طرح الأسئلة لكن في مرحلة ما من حياتنا ننتحر بأن نتوقف عن التساؤل … صحيح أن أجسادنا تعمل وأن وظائفنا الحيوية مستمرة لكن عقولنا قد ماتت …”، وهنا يجب أن نعرف أن الرغبة العميقة للعقل حتى في أبسط تفاصيله تتوازى مع شعور الإنسان اللاوعي في مواجهة كونه: إنه إصرار على الألفة شهية للوضوح .. ذلك الحنين إلى الوحدة ، والشهية إلى المطلق ، توضح الأساسيات … وهو دافع للدراما البشرية .

أكثر أنواع الانتحار الفلسفي شعورَا.

أما عن أكثر أنواع الانتحار الفلسفي شعورا، هو تقبلنا للعقيدة والتقاليد التي ولدنا عليها في أي مجتمع كان أو أي ديانة تعتنقها عائلتك أنت في الغالب تربيت عليها ولم تجرأ على التحري فيها اطمئننت لها وجعلتها دائرة راحتك لا تخرج منها لأي سبب.

ولأن الدين هو أحد تلك الثوابت التي يتربى عليها الإنسان حتى قبل نضوج عقله، لذلك كان الدين أكثر جوانب الحياة انتقادا من جانب كامو،  هذا على ألا يفهم أنه لم يسخر من العلمانية والحداثة بل كان لهؤلاء نصيب من كتاباته.

لماذا تؤمن بوجود الله؟ 

يطرح “كامو”  سؤال لماذا تؤمن بوجود الله؟

هل لأنك فكرت فيه وتساءلت ليل نهار وفي الأخير منطقك وعقلك دلك عليه؟!

يقول كامو:” أن في الأغلبية الساحقة من البشر هذا لا يحدث،  هناك سببان للإقرار بوجود الله أو الاعتراف بوجود سلطة أعلى فوقك،  الإجابة عن الأسئلة الجوهرية الوجود ية من أين أتينا وما هو مصيرنا .. العدالة أن ينال الطيب المكافأة والسئ العقاب”.

الإقرار بهاتين النقطتين يعطي للإنسان الراحة النفسية لكن هذا يأتي على حساب العقل والتساؤل!! ، ومثلما أن الجسد يصيبه الخمول إذا لم يعمل فالطمئنينة المطلقة لبعض الثوابت يؤدي أيضا إلى الخمول العقلي .

حول وجودنا في الكون
يريحك الدين  من قلق وجودك و هذا كل ما في الأمر … والموضوع ليس اعتراضا على الدين بقدر ماهو الكسل الفكري الذي نسعى وراءه التسليم بأن كل الأمور هي خارجة عن إرادتنا!.

إقرأ أيضا
شبشير الحصة

هناك أسئلة من الطبيعي أن نطرحها لأننا مخلوقات ذكية ونحن ندرك جيدا أن هناك أشياء تتجاوز العالم المادي الذي نعيشه لكن في حياتنا اليومية لا نجد لأسئلتنا الصوت الذي يخيفنا من الحياة، وإذا سألتك عن تنسيق الألوان أو كيف تفتح حسابا في جوجل ستجيب  عليها على الفور لكن إن سألتك عن طبيعة الحياة وما ستؤول إليه مصائرنا ستتوقف وستعحز عن الإجابة المشكلة إذا ليست في الأجوبة بحد ذاتها بقدر ماهو التوقف عن التساؤل. وبالتالي الكسل …

ولكي نكون واقعيين قد يكون الأمر إيجابيا من ناحية ،فليس كل الناس سواء والقلق قد لا يتحمله ذوي العقول الضعيفة،  وأعتقد أنه من الضروري إيجاد موازنة بين القلق واطمئنينة نحن ببساطة لدينا الرغبة الشديدة الأجوبة القطعية لكل شيء نحن نريد ببساطة أن نعرف أصول اللعبة لكن الحياة التي نعيشها لا تطلعنا على أي من أسرارها..

اللاعقلانية والإنسان 

يقف الإنسان وجها لوجه مع اللاعقلانية يشعر بداخله بشوقه للسعادة والعقل .يولد العبث من هذه المواجهة بين الحاجة الإنسانية والصمت المخيف ، لا شيء موضوعي حتى وجود السلطة العليا في حياتنا ، فالدين يخبرنا كيف خلق الكون وكيف وجدنا على الأرض ويخبرنا أيضا أننا نخطئ وعلينا أن تكفر عن هذه الخطايا .. وفي النهاية مصيرنا إما الجنة وإما النار ، على المستوى الفردي ، هذا هو كل ما تتمحور حولها حياتنا ..حياتنا امتحان والنتائج ستظهر لاحقا ..

في الحقيقة بحث “كانو” حول هذا الكلام ومدى وقوعه نفسيا علينا … هذا الكلام حسب كامو لا يجيب عن الأسئلة الوجودية الجوهرية وعلى الرغم من كل ما قيل ما تزال الحياة غير منطقية وبلا جدوى فالدين يعطينا أجوبة سهلة لكن الحياة تبدو أعقد من ذلك بكثير لذلك هناك عبثية في مواجهة الحياة.

الكاتب

  • العبثية مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان