“رؤية مغايرة للاسم المشهور” هل فعل المعز لدين الله ما يستحق أن تُنْسَب القاهرة لاسمه؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جرت العادة أن يطلق الباحثين على القاهرة لقب قاهرة المعز لدين الله بينما الحقيقة أن الأكثر دقة هو تسمية هي قاهرة العزيز بالله الفاطمي
لماذا لا يستحق المعز أن يلتصق اسم القاهرة به
المعز لدين الله الفاطمي إن كان قد تم تشييد القاهرة في عهده على يد جوهر الصقلي وذلك ما جعل الاسم يلتصق به، إلا أن هناك سببان يجعلا انتساب القاهرة إلى العزيز بالله أدق، أولهما أن المعز لم يكن يحب موقعها ولم يرضى عنه حتى موته ويؤيد ذلك ما في كتاب اتعاظ الحنفا للمؤرخ تقي الدين المقريزي حيث قال المعز لجوهر الصقلي «لما فاتك عمارة القاهرة بالساحل، كان ينبغي عمارتها بهذا الجبل»، إذ كان المعز يريد تأسيس عاصمة الفاطميين على شاطئ نهر النيل أو سفح المقطم.
اقرأ أيضًا
القاهرة مدينة لا تنام “تاريخ الصفة الأشهر لعاصمة مصر وأسبابها”
أما السبب الثاني أن المعز لدين الله لم يحكم من القاهرة سوى عامين فقط ثم مات دون أن يكتمل تطوير القاهرة التي كانت في عهده مجرد ثكنة عسكرية بها مسجد وهو الأزهر مع قصر الخليفة، كذلك كان ممنوع على عامة أهل مصر دخول المدينة إلا بإذن، أما سكانها فكانوا من المغاربة فقط؛ بينما التطوير الحقيقي للقاهرة كـ عاصمة كان على يد العزيز بالله الفاطمي الذي حكم لمدة 21 عامًا.
قاهرة العزيز بالله وما جرى فيها
اتسعت القاهرة في عهد العزيز بالله وبمطالعة لخطط المقريزي نجد أنها أصبحت عاصمة الدولة الفاطمية، فتطورت مبانيها وشوارعها وأسواقها وسكنتها جماعات مختلفة من المصريين وخاصةً أرباب المهن والحرف والتجار ونزح إليها كثير من أهل الفسطاط، بالإضافة إلى تحويل الأزهر من مجرد مسجد للعبادة إلى مؤسسة تعليمية.
أما من ناحية الطرق فقد اختط طريقًا يخترق وسط القاهرة من باب زويلة جنوبًا مارًا فيما بين القصرين ووصولاً إلى باب الفتوح، فضلاً عن وصل طريق بين القاهرة والفسطاط إلى جانب القصور والمساجد، كذلك اتسمت قاهرة العزيز بالله بتأسيس المنشآت العامة كالحمامات وإقامة دور للسفراء والضيوف تشبه الفنادق، فضلاً عن تأسيس الدكاكين وكلها كانت ملك العزيز بالله ويؤجرها للمصريين بدينارين إلى 10 دنانير.
أسس العزيز بالله في القاهرة مساجدًا عديدة منها مسجد القرافة الذي بنته تغريد زوجة المعز وصممه الحسن بن عبدالعزيز الفارسي، كما شيد مسجدًا كبيرًا وهو جامع المقس الذي عرف فيما بعد باسم جامع أولاد عنان ثم حاليًا صار اسمه مسجد الفتح، كما شيد جامعًا كبيرًا لم يتمه وهو مسجد الحاكم بأمر بالله.
كما أسس القصر الغربي الذي يبدأ من حيث المارستان إلى حارة برجوان وكان له جناحان بارزان في كلام الطرفين لكنه يمتد بين القصرين، أما المسافة بين القصر الغربي والحائط الغربي كانت تحتلها حديقة من أشجار الكافور، كما بنى حوضًا في المقس لكي ترسو فيه السفن أكثر انخفاضًا في النهر من الأحواض السابقة في الروضة ومصر وبالقرب من موقع الأزبكية الحالي.
شيء آخر اتسمت به قاهرة العزيز بالله وهو أنها لم تظلم عاصمة السنة في مصر وهي الفسطاط، فقد كانت القاهرة عاصمةً سياسية علمية عسكرية دينية، بينما كانت الفسطاط عاصمة اقتصادية حيث كانت بمثابة سوق مصر ومركز النشاط الاقتصادي وكانت بيوتها تتألف من 5 طبقات وتبدو من بعيد كأنها مدينة المنائر وأبرز أسواقها العامة بالدكاكين سوق القناديل.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال